جدل داخل البرلمان التونسي حول قانون المخدرات الجديد

06 يناير 2017
غالبية متعاطي "الزطلة" من طلاب المدارس (فتحي بليد/فرانس برس)
+ الخط -
يتابع التونسيون تقدم البرلمان في مناقشة قانون المخدرات الجديد؛ معلقين عليه آمالا كبيرة في إلغاء العقوبات المقررة سابقا لجريمة استهلاك القنب الهندي 'الزطلة"، بيد أن واقع النقاشات داخل اللجنة يبدو مغايرا.


ويتبنى غالبية النواب توجها لتجريم البيع والاتِّجار وتشديد العقوبات، والتسامح مع المستهلك لأول مرة فقط، حتى لا يصبح استهلاك المواد المخدرة شائعا، ويدعو عدد من النواب إلى إعفاء مستهلكي "الزطلة" وحائزيها للاستعمال الشخصي من أي عقوبة لمرتين متتاليتين، شريطة التزامهم بالعلاج والإقلاع عنها، فيما يغرم من يرفض العلاج بمبلغ 1200 دينار تونسي (500 دولار أميركي).

ويقضي القانون الحالي المعروف بقانون 52، بالسجن لمدة سنة مع غرامة مالية للمستهلك والحائز، فيما يواجه المروج حكما من 5  إلى 10 سنوات.

وتتزايد مخاوف بعض النواب، من أن يحوٌل هذا المشروع البلاد، إلى "مكان آمن لمستهلكي المواد المخدرة" بإتاحة استهلاكها لأكثر من مرة ولا يتم العقاب إلا في حالة العودة والإدمان.

ويرى بعض النواب أن مشروع القانون يفتح بابا لسهولة استهلاك المخدرات دون عقاب ودون مراعاة لآثارها على صحة الفرد أولا، ثم على المجتمع والاقتصاد، وأن التساهل مع المستهلكين يفقد القانون جانبه الردعي والزجري ويجعل مستهلكي مادة "الزطلة" في مأمن من أي محاسبة قانونية ما قد يؤدي إلى تفشي استهلاكها، ولا سيما في صفوف التلاميذ والمراهقين، منبهين في الآن ذاته إلى أن أضرار هذه المادة تتجاوز المستهلك، لتؤثر على محيطه العائلي والمهني.

في المقابل، برر نواب آخرون مساندتهم للمشروع بأن الوضع في السجون التونسية ومراكز الإيقاف يستوجب إعادة النظر في العقوبات التي انحصرت سابقا في عقوبات سالبة للحرية، مبرزين أنه وفق ما صرحت به نقابات أمنية وحقوقيون ومساجين سابقون، فإن "الزطلة" تباع وتسرب إلى السجون ما ينفي عنها بذلك وظيفة الإصلاح والتأديب.


ولمّح عدد من النواب إلى أن المحكومين في قضايا استهلاك المخدرات، وعددهم مرتفع، يساهمون في زحام السجون التي أصبحت تستقبل أكثر من طاقة استيعابها، ولا يقف الضرر عند الاكتظاظ فقط بل يطاول استقطاب المستهلكين الصغار، وبالخصوص المراهقين والشبان في شبكات الجريمة المنظمة، ليتحولوا حال خروجهم إلى حلقة في منظومة الجلب والبيع والاتّجار في المواد المخدرة، علاوة على إحساس النقمة الذي يتولد داخل المؤسسة السجنية أو بعد الخروج إلى المجتمع الذي يرفض المساجين السابقين.



انقسام الآراء

ويؤكد مقرر اللجنة، مراد الحمايدي، لـ"العربي الجديد"، أن الآراء انقسمت بين محافظين يرون ضرورة أن يكون القانون زجريا بما يكفي لردع الأشخاص عن ارتكاب الجريمة، وصولا إلى اقتراح عقوبة الإعدام للمروجين باعتبارهم رأس الحربة، وبين نواب أصحاب نظرة تقدمية يناصرون التوجه نحو عقوبات بديلة للعقوبات السالبة للحرية.


ويعتبر الحمايدي، أن المشروع حاول المزج بين أراء الطرفين، حيث شدد العقوبات للمروجين والتجار فيما خففها بالنسبة للمستهلكين، وسعى في ذات الصدد إلى التركيز على جانب علاجي وتأهيلي، مشيرا إلى أن التصويت على المشروع أرجئ إلى الأسبوع المقبل حتى تقدم الحكومة تنقيحات تتضمن تعريفات دقيقة للمصطلحات الواردة فيه.

ولفت وزير العدل التونسي، غازي الجريبي، خلال جلسة استماع الأسبوع الماضي، إلى أنه تم إيداع 6700 شخص بالسجون في جرائم المخدرات، فيما لم يمنع ذلك من ارتفاع نسب العودة لاقتراف ذات الجرائم بعد انتهاء مدة العقوبة.


وأفادت وزيرة الصحة، سميرة مرعي فريعة، أمام اللجنة، أن أكثر الفئات العمرية التي تستهلك "الزطلة" تتراوح بين 15 و17 سنة، مبينة أن الوزارة تعمل على توفير مراكز العلاج من الإدمان، والتأهيل حتى تتمكن من استقبال الراغبين في العلاج.