حملة الاعتقالات في مصر تطاول أعضاء نقابة التمريض: محاباة لفساد مُعلن

26 أكتوبر 2018
تشتد القبضة الأمنية يوماً بعد يوم (Getty)
+ الخط -
نددت منظمات وأحزاب مصرية باعتقال السلطات الممرض بمستشفى السويس العام، وجدي السيد، وعضو النقابة العامة للتمريض، سيدة فايد، ضمن حملة الاعتقالات التي طاولت عدداً من أعضاء نقابة التمريض خلال الأيام الماضية، مطالبة بضرورة إخلاء سبيل النقابيين المعتقلين، وفتح تحقيق فوري من قبل النائب العام في المخالفات المالية، ووقائع الفساد الإداري، التي يتهم بها أعضاء النقابة المعتقلون رئيسة النقابة، ومجلس إدارتها.

وألقت قوات الأمن القبض على فايد من منزلها بمنطقة حلوان، جنوبي القاهرة، الأربعاء الماضي، على إثر بلاغات تقدمت بها نقيبة التمريض، كوثر محمود، إلى جهاز الأمن الوطني تتهم فيها نحو 10 ممرضين بنشر أخبار كاذبة، والانضمام إلى جماعة محظورة، وسبقها بيوم واحد اعتقال وجدي من منزله بالسويس، وإصدار النيابة قرار حبسه 15 يوماً على ذمة التحقيق من دون السماح بحضور محاميه.




علقت عشرات من المنظمات الحقوقية والشخصيات الحزبية والعامة، في بيان مشترك لها، الجمعة، أنّ قوات الشرطة داهمت منزل فايد قبل إلقاء القبض عليها، ووجهت لها النيابة اتهامات بالانضمام إلى جماعة محظورة، ونشر أخبار كاذبة، وذلك رداً على كشفها بعض ممارسات الفساد داخل نقابة التمريض. واتهم البيان الأجهزة الأمنية والتنفيذية بـ"محاباة فساد مُعلن ومفضوح لأحد رؤساء النقابات المهنية كثيفة العضوية".

وطالب بيان المنظمات والأحزاب المصرية، السلطات الأمنية والقضائية المختصة، بإخلاء سبيل فايد ووجدي، وتحلي أجهزة الأمن والجهاز التنفيذي للدولة بالحياد، وعدم التدخل في الشؤون النقابية بهذا الشكل الفج، انسياقاً وراء البلاغات الكيدية، داعياً النائب العام، المستشار نبيل صادق، إلى فتح التحقيق في مخالفات مجلس إدارة نقابة التمريض، والتي تضر بالمال العام، ومقدرات أعضاء مهنة التمريض في مصر.

وشملت أبرز التوقيعات على البيان كلاً من: "التعاونية القانونية لدعم الوعي العمالي، ولجنة العمال بحزب الكرامة، وحركة الاشتراكيين الثوريين، وتيار الكفاح العمالي، ووكيلة مؤسسي حزب العيش والحرية، إلهام عيدروس، والباحث الاقتصادي إلهامي الميرغني، والمحامية ماهينور المصري، ووكيل النقابة العامة للأطباء، منى مينا، وعضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، راجية عمران، والأمين العام لحزب الكرامة، محمد البسيوني".

وجدي السيد وسيدة فايد (العربي الجديد) 












من جهته، قال حزب "التحالف الشعبي الاشتراكي" إنّ هناك صراعاً بين بعض العاملين بالتمريض، ونقابة التمريض، التي تقودها د. كوثر محمود، وتشغل في الوقت نفسه وظيفة رئيس الإدارة المركزية لشؤون التمريض بوزارة الصحة، مضيفاً: "لا نعرف كيف تدافع عن أصحاب المهنة، وهي مسؤولة كذلك عن محاسبتهم وعقابهم، وهو ما يعد نموذجاً في تاريخ الاستبداد والفساد المستمر في النقابات المهنية". تابع الحزب، في بيان، أنّ "سيدة فايد من نشطاء نقابة التمريض، وسبق فصلها من العمل في مستشفى عين شمس التخصصي، وإنهاء التعاقد معها، بعد حضورها لقاءً مع الإعلامي شريف عامر بإحدى الفضائيات، للحديث عن أزمة الدواء، بحجة أنّ إدارة المستشفى رأت أنّه لا يجوز لها أن تتحدث في الشأن العام، إلاّ بعد أخذ تصريح مسبق منها".

وفي أوائل فبراير/ شباط 2017، دفعت فايد ثمن كشفها للفساد على شاشات التلفزيون، عندما تحدثت عن أزمات الصحة والدواء والمستشفيات الجامعية، وسوء إدارة منظومة الصحة في مصر، واستخدام "السيرنجة" أكثر من مرة بالمستشفيات الحكومية والجامعية، علاوة على كونها ابنة القيادي العمالي اليساري الراحل، السيد محمد فايد، أحد أبرز عمال الغزل والنسيج الموقّعين على البيان التأسيسي لنقابات عمال القطن المصري.

وقبيل القبض عليها، كتبت فايد على صفحتها الشخصية عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، متهمة نقيبة التمريض بإهدار حق ما يقرب من 250 ألف ممرض وممرضة على مستوى الجمهورية، في الحصول على تخصيص من الدولة لإقامة ناد للنقابة شأن غيرها من النقابات المهنية، وفي المقابل، اشترت النقيبة "فيلا" بضاحية المعادي يتجاوز ثمنها 17 مليون جنيه (950 ألف دولار أميركي) لإقامة النادي، وهو ما يمثل إهداراً لموارد النقابة.

وبحسب برنامج "حرية تعبير العمال والحركات الاجتماعية" التابع للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، فإنّ فايد عُرضت على نيابة حلوان من دون حضور محام، بعد التحفظ على هاتفها المحمول، وجهاز الكمبيوتر الخاص بها، للتحقيق معها في المحضر رقم 29377 لسنة 2018 جنح حلوان، وقررت النيابة حبسها 15 يوماً على أن يُعاد عرضها على النيابة مجدداً في 4 نوفمبر/ تشرين الثاني المقبل.

وقال بيان للشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان، وهي منظمة مجتمع مدني مصرية، إنّ "سيدة فايد، ووجدي السيد، نقابيان يعملان مع زملائهما على تشكيل نقابة عمالية مستقلة تدافع عن حقوق العاملين بمهنة التمريض في مصر، بعد تخلي النقابة العامة للتمريض المصري عن دورها في الدفاع عنهم، وسيطرة السلطة التنفيذية على النقابة، وانسداد أفق التغيير الديمقراطي داخل النقابة".




وتعمل فايد في مجال التمريض منذ عام 1993، وعملت سابقاً في مستشفى التأمين الصحي على مدار ثلاث سنوات، ثم غادرته إلى عدد من المستشفيات بين القطاع الخاص والعام، وكانت تنتظر التعيين في مستشفى عين شمس التخصصي خلال أشهر قليلة، قبل أن يصدر قرار نهائي بفصلها تعسفياً، وهو ما يؤكد محاربة أجهزة الدولة للمواطنين الذين يعملون على كشف أوجه الفساد، وفقاً لبيان نيابي قدمه حينها البرلماني هيثم الحريري.