رمضان يغيّر عادات تونس الغذائيّة

28 يونيو 2015
تزدحم الأسواق خلال هذا الشهر (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -

معَ بداية شهر رمضان، تشهد غالبية المدن التونسية حركة غير معهودة. يستعدّ الجميع لاستقبال ضيفهم السنوي. لهذا الشهر خصوصيته لدى جميع العائلات التي تبدأ الاستعداد باكراً، لتنتعش الحركة التجارية في غالبية المتاجر حيث يبدو الناس متلهفين لاستقبال الشهر. تزدحم المحال بالمواطنين. الجميع يريد شراء السلع الأساسية، علماً أنهم يشترونها طوال العام. لكن في رمضان، يحرصون على زيادة الكميات. أيضاً، تعمد بعض العائلات إلى تغيير ديكور البيت، ولا تتردد في الاستدانة من الآخرين.

في السياق ذاته، بيّن المعهد الوطني للاستهلاك، من خلال بحث ميداني حول الاستدانة أجراه عام 2010، وشمل 5050 فرداً، أن نحو 29 في المائة من هؤلاء يستدينون من الأهل والأصدقاء، في حين يلجأ 23 في المائة إلى الاقتراض من المصارف. في المقابل، يعمد آخرون إلى تخزين بعض المواد الغذائية التي تشهد ارتفاعاً في الأسعار خلال رمضان.
ويشهدُ سلوك المواطنين في الأيّام القليلة التي تسبق هذا الشهر تغيراً ملحوظاً يتجلى أساساً في كثرة استهلاك المواد الغذائية، على الرغم من ارتفاع أسعار السلع التي عادة ما تشهد ذروتها خلال هذا الشهر. وبحسب المعهد الوطني للإحصاء، يتضاعف استهلاك التونسي، خلال شهر رمضان، مرتين على الأقل. وتزيد نفقات العائلة نحو 8 في المائة بالمقارنة مع الأيام العادية، فيما ترتفع مصاريف الطعام والغذاء بنسبة 27 في المائة.


كانَ منير بن رجب يجرّ عربة محمّلة بمختلف أنواع المواد الغذائية تقريباً، في أحد المحلات التجارية الكبرى. اعتاد بن رجب شراء حاجيات عائلته الغذائية بكميات تكفي مدّة أسبوع بقيمة مائة دولار. هذه المرّة، وضع في عربته مواد غذائية تصل قيمتها إلى مائتي دولار، وتكفي مدة أسبوع أيضاً. يقول: "هذه هي العادة. عادة ما يستهلك التونسي في رمضان ضعف استهلاكه العادي"، ولا يرى أي مشكلة في ذلك.

من جهته، يقول مدير وحدة الاتصال في المعهد الوطني للاستهلاك، أحمد المثلوثي، لـ "العربي الجديد" إن العادات الغذائية لدى التونسي تتغير في شهر رمضان، ويزداد استهلاكه المواد الغذائية بشكل كبير، ويشمل هذا غالبية المنتجات الاستهلاكية على غرار الحليب، الذى يزداد استهلاكه من 0.9 لتر للشخص الواحد طوال السنة إلى ليترين خلال شهر رمضان. أيضاً، يستهلك الفرد 1.4 كيلوغراماً من الخبز في شهر رمضان، في مقابل 0.6 كيلوغراماً خلال الأيام العادية، و1.1 كيلوغراماً من لحم الضأن شهرياً في مقابل 0.75 كيلوغراماً خلال الأيّام العادية.

يتابع المثلوثي، إن 58 في المائة من التونسيين يفضلون اقتناء حاجياتهم من المتاجر الكبرى أو المتوسطة، في حين يقتني 42 في المائة حاجياتهم من أماكن التوزيع التقليدية والمحال الصغيرة.

بدوره، يوضح مدير الدراسات والبحوث في المعهد الوطني للاستهلاك طارق بن جازية أن المعهد يهتم، أيضاً، بموضوع ترشيد استهلاك المواد المدعومة، خلال شهر رمضان، وخصوصاً في ما يتعلق بمادة الخبز، إذ يتلف 260 ألف رغيف يومياً.


ويحرصُ التونسيون، خلال هذا الشهر، على المحافظة على تقاليدهم وعاداتهم الغذائية المتوارثة على الرغم من تغيّر الأزمنة. وتعدّ بعض هذه العادات الغذائية جزءاً من تقاليد الناس في رمضان، ولا يمكن الاستغناء عنها في شهر الصيام، وخصوصاً المحافظة على الأطباق التقليدية التي لا تفارق موائد غالبية العائلات التونسية.

تقول منيرة كريم، وهي ربة منزل، إنّها تستعد كغيرها من النساء لاستقبال شهر رمضان. تضيف أن النساء يحرصن على تحضير غالبية الأطباق التقليدية، التي نادراً ما تحضر خلال الأيام العادية. يضيف أن "كل بلد له عاداته في هذا الشهر، على الرغم من تشابه الأكلات العربية، إلا أنّ المطبخ التونسي له ميزة خاصة، لاسيما في شهر رمضان الذي تتغير فيه العادات الغذائية لدى غالبية العائلات التي تحرص على تحضير أطباق ذات فوائد غذائية".

في السياق ذاته، توضح المديرة العامّة للتّجارة، فاتن بلهادي، أن شهر رمضان، هذا العام، سيتزامن مع ذروة إنتاج الخضار والغلال الصيفية، مؤكدة أن "المواد الاستهلاكية متوافرة بنسبة 95 في المائة، ما سيمنع الاحتكار". أيضاً، تعمد الجهات المعنية إلى تكثيف المراقبة الصحية، خلال هذا الشهر، في ظل ارتفاع درجات الحرارة، ما قد يعرض بعض المواد الاستهلاكية للتلف، الأمر الذي يضر بصحة المواطنين.

اقرأ أيضاً: رمضان ينقذ ميزانيات الباعة المتجولين في تونس