تتلاعب سلطات الاحتلال الإسرائيلي، بشكل شبه يومي، بمساحة الصيد المسموح للصيادين بالعمل فيها في بحر غزة، لتعلن، أمس الأربعاء، تقليص مسافة الصيد مجدداً، بعد ثلاثة أيام فقط من توسيعها.
وأغلقت إسرائيل البحر أمام الصيادين الفلسطينيين، في وقت سابق من مايو/أيار الجاري، قبل أن تعود وتعلن عن السماح بالصيد لمسافة 12 ميلاً الأسبوع الماضي، ثم عادت لتعلن توسيعها، يوم الأحد الماضي، إلى 15 ميلا، قبل أن تقرر، أمس الأربعاء، تقليصها إلى 10 أميال.
لم يهتم الصياد السبعيني أبو رجب الهسي، كثيرا بإعلان الاحتلال عن توسيع مسافات الصيد قبل أيام إلى 15 ميلا بحريا، معللاً ذلك بأنه مجرد إعلان يسعى الاحتلال من ورائه إلى تحسين صورته.
يقول الهسي لـ"العربي الجديد" إن فتح البحر مجرد كذبة يتم تداولها في وسائل الإعلام، موضحا أنه "في أرض الواقع، تبدأ المساحة بالانحسار كلما اتجهت جنوباً من ناحية الشمال، وشمالاً من ناحية الجنوب، وتلتقي المساحة في مدينة غزة، على بعد لا يصل فعلياً إلى 10 أميال بحرية في أحسن الأحوال".
ويضيف الهسي، الذي فقد قاربه قبل عامين بعد أن حطمه زورق إسرائيلي في عرض البحر، أن الإغلاق المتواصل يؤثر على توفير لقمة العيش للصيادين وأسرهم، إذ يعتبر البحر ملجأهم الوحيد، وفرصة رزقهم اليتيمة.
ويتابع أن الاحتلال الإسرائيلي يفرض حصاراً اقتصادياً مشدداً على قطاع غزة، ما أثّر على مختلف نواحي الحياة اليومية براً وبحراً. وبلهجته العامية، يصف الهسي عدم استقرار فتح البحر أمام الصيادين قائلاً: "صرنا مش عارفين رأسنا من رجلينا، مرة بيفتح ومرة بيسكر"، مشيراً إلى أن ذلك التخبط يضع الصياد في حيرة دائمة، وحالة من عدم الاستقرار.
والأوضاع الصعبة أدت إلى تهالك معدات الصيادين، وزاد من ذلك المنع المتواصل لدخول مجموعة من المواد الأساسية لإصلاحها، مثل الفيبر جلاس، أسلاك الستي، الغزل، المواسير، قطع الغيار، التروس.
ويقول الصياد محمد أبو ريالة، 44 عاماً، إن المراوغة الإسرائيلية في إغلاق البحر وفتحه بشكل ملتوٍ تؤثر على قدرته على توفير حاجيات أسرته الأساسية.
ويؤكد أن الصيد الجيد يبدأ بعد الميل العاشر، ذلك الميل الذي لا يتمكن الصياد الفلسطيني من الوصول إليه في أحسن الأحوال بسبب ضيق البحر تدريجياً، والاستهداف الإسرائيلي المتواصل للقوارب والصيادين، وإطلاق النار، وإغراق القوارب أو سحبها ومصادرتها.
ويقول الصياد أبو إبراهيم أبو عميرة: "الاحتلال هو ذاته، لن يتغير يوماً، وسيبقى يماطل ويراوغ في كل المجالات، حتى نبقى في حالة من التيه".
ويوضح أن كل ميل بحري يؤثر على عملية الصيد سلباً أو إيجاباً، مفسراً ذلك بالقول إن الأسماك الجيدة تقع على مسافة أميال بعيدة، بينما تسكن "البزرة" أو الأسماك الصغيرة في الأميال القريبة، والتي يسمح الاحتلال الإسرائيلي بالصيد فيها غالباً.
ويشير أبو عميرة لـ"العربي الجديد" إلى أهمية إنهاء الحصار الإسرائيلي براً وبحراً، إذ يؤثر على كل نواحي الحياة، مضيفا: "لا نطالب سوى بمساحة مناسبة للصيد، بدون ملاحقة أو إطلاق نار، نحتاج للصيد بأمان".