وكأنها حكومة بجد

19 سبتمبر 2015
رئيس الوزراء، شريف إسماعيل, يقسم اليمين الدستورية (العربي الجديد)
+ الخط -


عقب أدائه اليمين الدستورية، أطلق رئيس الوزراء المصري الجديد، شريف إسماعيل، تصريحات نارية من عيّنة أن الحكومة ستعمل على محاور قصيرة الأجل لإيجاد حلول عاجلة للمشاكل القائمة، وطويلة لتنفيذ المشروعات القومية، والعمل على استقرار أركان الدولة، وكأن الرجل لم يكن عضوا في وزارة المهندس إبراهيم محلب التي خلقت كل هذه المشاكل وغيرها وفشلت فشلا ذريعا في التعامل معها، خاصة المشاكل الجماهيرية.

الرجل تصوّر نفسه أنه باقٍ في منصبه لسنوات حتى يتحدث عن خطط طويلة الأجل يتم من خلالها تنفيذ مشروعات قومية كبرى جرى الحديث عنها منذ عامين ولم ترَ النور، مثل المليون وحدة سكنية والعاصمة الإدارية الجديدة واستصلاح ملايين الأفدنة الزراعية، وجذب استثمارات بمليارات الدولارات، وتحقيق معدلات نمو تفوق الصين، والقضاء على عجز الموازنة العامة للدولة، وخفض الدين العام.

حسب فهمي فإن هذه الحكومة باقية لشهرين فقط، وربما ثلاثة أشهر، إلى حين إجراء انتخابات برلمانية، لأن الدستور يتيح للكتلة الفائزة بأغلبية البرلمان القادم تشكيل الحكومة القادمة، ولا أعرف هل رئيس الوزراء الجديد حصل على وعود بتغيير الدستور، وبالتالي بقائه في منصبه فترة أطول، لأن تكليفه في هذه الحالة سيكون من السلطة الحاكمة وليس من البرلمان.

الحكومة الجديدة، خاصة وزراء المجموعة الاقتصادية، تضم خليطاً متنافراً من الشخصيات، فهذا طارق قابيل، الشريك في شركة أبراج كابيتال الإماراتية المتخصصة في الاستثمار المباشر لمنطقة الشرق الأوسط وتركيا وآسيا الوسطى، تم الإتيان به على عجل لشغل منصب وزير الصناعة والتجارة خلفا لمنير فخري عبد النور الذي فشل فشلا ذريعا في منصبه، ولا أعرف ما علاقة الوزير الجديد بالمنصب، اللّهُمّ إلا العمل في شركات إماراتية، وقبلها أميركية، مثل بيبسي كولا وبروكتل أند جامبل.

وهذه سحر نصر، المقيمة في واشنطن والتي كانت تعمل في البنك الدولي، تم اختيارها وزيرة التعاون الدولي، وهذا ياسر القاضي، المساعد السابق لآخر وزير استثمار في نظام حكم مبارك، وهو محمود محيي الدين، تم تكليفه بوزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات.

لن أتحدث هنا عن ظاهرة إعادة تدوير الوزراء، فهذا هشام زعزوع الذي أطيح به منذ أشهر من منصبه، تمت إعادته مرة أخرى إلى وزارة السياحة، كما تم اختيار وزير التعليم الأسبق أحمد زكي بدر وزيرا للتنمية المحلية، وكأن مصر قد فرغت من الخبرات.

تصوروا أن بلدا يعاني من كل هذه المشاكل الاقتصادية والمالية والمعيشية، ومع ذلك يتم الإبقاء على معظم وزراء المجموعة الاقتصادية، إذ لم تطرأ تغييرات في وزارات المالية والاستثمار والتخطيط والتموين والإسكان والكهرباء بالحكومة الجديدة.

دعونا لا نُفرط في التفاؤل تجاه الحكومة الجديدة، فما الذي قد تؤديه ويكون مختلفاً عن سابقتها، وإذا كانت الدولة نفسها لا تمتلك رؤية اقتصادية، فعلى أي بوصلة تسير الحكومة الجديدة؟

وإذا كان وزير البترول الذي تم تصعيده إلى منصب رئاسة الوزراء قد اعتمد على المساعدات والمنح النفطية الخليجية في حل أزمة الوقود وتوفير البنزين والسولار والغاز والكهرباء للمواطنين، فهل هذا الرجل لديه رؤية للتعامل مع أخطر القضايا التي تواجهها مصر وفي مقدمتها الفساد والبطالة والفقر وتفاقم الدين المحلي وعجز الموازنة العامة وتراجع إيرادات مصر من النقد الأجنبي خاصة من الأنشطة الرئيسية كالصادرات والسياحة؟

مشكلة مصر تكمن في أنها بحاجة إلى استقرار سياسي وأمني حقيقي، وإذا أرادت الحكومة النجاح فلتعطِ الاهتمام الأكبر لهذين الملفين، فهما كفيلان بتنشيط الاقتصاد وجذب استثمارات خارجية ومكافحة الفساد وإيجاد فرص عمل وزيادة معدل النمو الاقتصادي.

لا يجب أن نفرط في التفاؤل.. لننتظر ماذا يجري على يد الوزراء الجدد.


اقرأ أيضاً: رئيس المصرية للاتصالات يعلن استقالته بعد تعيين وزير جديد

المساهمون