آمال السودانيين: مطالب بتغييرات جذرية بمنظومة الاقتصاد

09 اغسطس 2019
معاناة المواطنين السودانيين متفاقمة بسبب ارتفاع الأسعار (فرانس برس)
+ الخط -

ينتظر الشعب السوداني بعد الاتفاق بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير تغيرات جذرية في الأوضاع الاقتصادية بعد تشكيل الحكومة الانتقالية، ولعل أكثر الموضوعات حساسية والتي تهم غالبية المواطنين، تحسين الوضع المعيشي بكل تشعباته.

وعانى السودان خلال عهد الرئيس السابق عمر البشير، أزمة عميقة تدهورت فيها قيمة العملة الوطنية وسيطرت السوق الموازية على النشاط الاقتصادي، إضافة إلى ارتفاع الأسعار، وأزمات متلاحقة في توافر الوقود والخبز والسيولة والمواصلات.

وبعد انطلاق الانتفاضة الشعبية منذ ديسمبر/ كانون الأول من العام الماضي، دخلت البلاد في اعتصام مفتوح مطالبة برحيل النظام. وعقب سقوط حكم البشير، انتقل السودان إلى مرحلة جديدة ما بعد حكم الإنقاذ، حيث احتبست الأنفاس مع مفاوضات قوى الحرية والتغيير الداعية إلى سلطة مدنية في مواجهة المجلس العسكري، وتصاعدت الخلافات، إلى أن تم التوصل إلى اتفاق نهائي يضمن خروج البلاد من نفق الخلافات. وعرف السودانيون خلال هذه الفترة، استمرار تدهور أوضاعهم المعيشية.
ودعا الخبير المصرفي عصام الزين في حديث مع "العربي الجديد" إلى إصلاح الجهاز المصرفي كونه وريد الاقتصاد السوداني. إذ إن كل العمليات الخاصة بالأموال من ودائع، ادخار، استثمار، تمويل وقروض ومنح تدخل في صلب مهام المصارف إلى جانب العمليات التجارية من استيراد وتصدير، فضلاً عن عرض النقود للطباعة وإصدارها وهي من مسؤوليات ومهام البنك المركزي.

وأكد الزين أن الأخير لم يلتزم بمعادلة النقود، المبنية على الطباعة وفق نسبة زيادة إجمالي الناتج المحلي، مشيراً إلى عدم وجود زيادة في الاحتياطي من العملات الأجنبية. وقال إنه إذا كان الناتج الإجمالي المحلي 10% يجب الالتزام بزيادة عرض النقود في ذات النسبة أي 10%. وأكد على عشوائية طباعة النقود وتخبطها طيلة المرحلة الماضية ما أثر سلباً على معدلات التضخم.

وأشار الزين إلى أن ارتفاع معدلات التضخم في السودان جعله ضمن أكثر دولتين بعد فنزويلا في تحقيق ارتفاع غير مسبوق في معدلات التضخم، مرجعاً الأسباب الرئيسية وراء ارتفاع معدلات التضخم لسياسات بنك السودان المركزي التي وصفها بغير السليمة وغير العلمية، خصوصاً في إدارة عرض النقود.

ورأى أن الفترة المقبلة تتطلب إصلاحاً يبدأ من البنك المركزي بأن يكون جهازا يعمل على تنفيذ سياسة نقدية واقعية، مؤكدا على أهمية إجراء عمليات إصلاح هيكلي للجهاز المصرفي ككل، الذي اعتبره مفتاحاً رئيسياً لتحسين الوضع الاقتصادي.

ولكن المصرفي لؤي عبد المنعم، توقع عدم قدرة الفترة الانتقالية على محاسبة المفسدين مدللاً على ذلك بأن الفترة الطويلة للمفاوضات سمحت بطمس بعض الحقائق وفرار الكثيرين قبل المحاسبة. ولفت إلى أن عددا من الفاسدين رفعوا شعار الدولة المدنية وشاركوا في الإضراب والتظاهر وقد وثقوا دعمهم للثورة وساهموا في تمويلها لذلك تصعب مقاضاتهم.

وأضاف أن "الأزمة المالية والاقتصادية ستستمر وستكون سبباً للتدخل الخارجي في القرار السوداني عبر رموز تقدم مصلحتها الشخصية على تحقيق التوافق الوطني المنشود. واعتبر أنه طالما هناك معارضون فاعلون للاتفاق الحاصل، سيظل الوضع المتأزم الذي صاحب نظام البشير كما هو، حتى تدرك جميع الأطراف أهمية الحوار والتوافق الوطني.

وتوقع عبد المنعم عدم تعامل المغتربين والمواطنين في الداخل مع المصارف إلا عندما يتحقق قدر كبير من الإنجازات الاقتصادية وزيادة الموارد وإعادة هيكلة مؤسسات الدولة والتصدي للفساد. وأشار إلى أن إعادة الثقة للجهاز المصرفي تقوم على الحل السياسي الشامل ومن دونه لن يتحقق تقدم يذكر.

ولفت إلى أهمية طرح عملة جديدة، خلال الفترة المقبلة لإعادة الكتلة النقدية إلى داخل المصارف وأن يسبق ذلك طرح منتجات مصرفية استثمارية لإيجاد بديل ادخاري وحفظ رؤوس الأموال من التآكل عوضاً عن المضاربة بالدولار في السوق الموازية.

وقال إنه يوجد ضرورة لتفعيل آليات الدفع الالكتروني والحد من استخدام السيولة عبر ربط الدعم الحكومي الموجه للسلع الاستهلاكية، بالبطاقة الإلكترونية وسداد الرسوم الحكومية للسلع الاساسية إلكترونياً، وكذا تشجيع المغتربين للتحويل عبر الجهاز المصرفي عبر حزمة من المحفزات تتضمن تمويلاً عقارياً بأرباح مخفضة وإعفاءات جمركية. وشدد على أهمية شراء الأراضي الاستثمارية التي يعرضها جهاز الاستثمار ووزارة التخطيط العمراني.
المساهمون