وعلى غرار الإثنين الأسود الشهير، هوت الأسهم الأميركية في تعاملات متقلبة في تعاملات أمس الاثنين، وهبط المؤشر داو جونز الصناعي حوالي 1600 نقطة عند أدنى مستوياته للجلسة، وهو أكبر هبوط على الإطلاق أثناء التعاملات من حيث عدد النقاط، مع تعمّق تصحيح نزولي طال انتظاره من مستويات قياسية مرتفعة، ولحقت البورصات العالمية والعربية بمسلسل الهبوط، إذا تكبدت خسائر.
وفي المقابل، استفاد الذهب من تهاوي البورصات العالمية، حيث احتمى به المستثمرون باعتباره من أبرز أدوات الاستثمار الآمنة.
وأنهى داو جونز جلسة التداول ببورصة وول ستريت منخفضا 1175.21 نقطة، في حين هبط المؤشر ستاندرد آند بورز 500 الأوسع نطاقا 113.19 نقطة، أو 4.10% ليغلق عند 2648.94 نقطة.
وأغلق المؤشر ناسداك المجمع منخفضاً 273.42 نقطة، أو 3.78%، إلى 6967.53 نقطة، وسجل المؤشران داو جونز وستاندرد آند بورز أكبر هبوط ليوم واحد منذ أغسطس/آب 2011.
وخسر مؤشر داو جونز الصناعي أكبر عدد من النقاط في يومٍ واحد منذ بداية احتسابه قبل 122 عاماً، حيث فقد 4.6% من قيمته، في أول يوم عمل لجيرومي باول، الرئيس الجديد لمجلس الاحتياط الفيدرالي (المركزي الأميركي)، ليغلق تعاملات الاثنين على مستوى 24.345.75، ويكون المؤشر الأهم في وول ستريت (حي البورصة في نيويورك)، قد خسر حوالي 1840 نقطة في جلستي تداول.
كما خسر مؤشر اس آند بي لأكبر 500 شركة أميركية 113 نقطة، أكثر من 4%، ليضاعف خسائره عن الأسبوع الماضي، ويمسح كل المكاسب التي حققها منذ بداية العام الحالي 2018.
ولم يختلف الحال كثيراً مع مؤشر ناسداك، الذي تغلب عليه أسهم التكنولوجيا، حيث فقد 273 نقطة، أو حوالي 3.78% من قيمته في واحد من أسوأ الأيام على أهم مؤشرات الأسهم الأميركية. وكانت خسارة داو جونز قد وصلت إلى 1600 نقطة خلال تعاملات اليوم، قبل أن يسترد جزءاً من خسائره قبل نهاية الجلسة.
وتسببت الإشارات المتزايدة لارتفاع معدل التضخم في أميركا في الأيام القليلة السابقة، في تزايد احتمالات رفع معدلات الفائدة خلال العام الحالي، بوتيرة أسرع مما كان متوقعاً. وزاد من حالة عدم اليقين في الأسواق عدم فهم الكثيرين لما يمكن أن يفعله الرئيس الجديد لمجلس الاحتياط الفيدرالي في معدلات سعر الفائدة، مع المستويات المختلفة للتضخم ومعدلات البطالة.
ووقع الرئيس الأميركي دونالد ترامب في خطأ اعتاد الرؤساء السابقون للولايات المتحدة اجتنابه، حيث حاول أن ينسب لنفسه الفضل في الارتفاعات المتتالية في سوق الأسهم الأميركية خلال العام الماضي 2017، حين ارتفع مؤشر اس اند بي 500 بعد وصوله للبيت الأبيض بحوالي 27%، إلا أنه فقد منها حوالي 10% بعد الخسائر الأخيرة.
ولم يعلق ترامب على خسائر سوق الأسهم، وإنما حاول صرف الانتباه بتغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر، مخاطباً الشعب الأميركي، قال فيها "يرجع الفضل لقانون الإصلاح الضريبي الذي أقررته في ارتفاع أجوركم، وانخفاض الضرائب المستحقة عليكم، لتعود أميركا مرة أخرى كوجهة للأعمال".
واكتفى البيت الأبيض بالإعراب عن قلقه، على لسان أحد متحدثيه الرسميين، "من أي خسائر تحدث في سوق الأسهم"، مؤكداً ثقة البيت الأبيض والرئيس في الاقتصاد الأميركي.
وباستثناء تزايد قلق مستثمري الأسهم من تسارع وتيرة رفع معدلات الفائدة، لم يحدث يوم الاثنين ما يبرر السقوط المدوي للأسهم. وبدأت تعاملات اليوم على ارتفاع، في محاولة من المستثمرين للاستفادة من الانخفاض الذي حدث في أسعار الأسهم يوم الجمعة الماضي.
لكن ما لبث هذا الحماس أن أفل بعد قليل، وظهرت علامات عدم ثقة المستثمرين في الأسواق بصورة واضحة، حيث بدا أن المستثمرين يحاولون التخلص مما لديهم من أسهم في أسرع وقت ممكن.
ووصف جاري كالتبوم، رئيس شركة كالتبوم لإدارة الأموال، ما حدث في السوق بأنه "سقوط الشلال". وفسر اكسيل ميرك، مسؤول الاستثمار في شركة ميرك للاستثمار، ومقرها سان فرانسيسكو بولاية كاليفورنيا، الانخفاضات الكبيرة في أسعار الأسهم بقوله "عندما تحطم أسعار الأسهم مستوياتها القياسية شهراً بعد شهر، وتكون العملات الافتراضية هي أكثر ما يشغل الناس، فهذا يعني أن الطمع قد هزم الخوف. وعندما يحدث هذا، فيجب عليك أن تقلق مرة أخرى. فلنعتبر ما حدث جرس إنذار".
الأسهم الأوروبية
وعلى مستوى بورصات أوروبا، فقد هبطت الأسهم الأوروبية لأقل مستوى منذ أغسطس/ آب 2017، اليوم الثلاثاء، مع اشتداد موجة البيع العالمية وزيادة التقلبات بفعل المخاوف المتنامية بشأن التضخم وارتفاع عائدات السندات.
وتراجعت جميع مؤشرات القطاعات ليهبط المؤشر ستوكس 600 للأسهم الأوروبية للجلسة السابعة على التوالي.
وفقد المؤشر 2.6% بحلول الساعة 0844 بتوقيت غرينتش، بينما هبط فايننشال تايمز 100 البريطاني 2.5% وداكس الألماني 2.7%.
ويخشى المستثمرون أن تدفع عودة التضخم البنوك المركزية إلى تشديد سياساتها النقدية بخطى أسرع من المتوقع، لتقلص برامج التحفيز التي ساهمت على مدى سنوات في تعزيز قيم الأسهم وصعدت بالأسهم الأوروبية لأعلى مستوى في عامين في يناير/ كانون الثاني.
ومن أكبر الخاسرين، اليوم الثلاثاء، سهم أوكادو الذي نزل 7.1% بعد أن استقرت الأرباح الأساسية لشركة التجزئة الإلكترونية البريطانية للعام كاملا لتأتي دون التوقعات. ونزل سهم بابكوك 4% بعدما خفضت توقعاتها للإيرادات.
ومن بين الأسهم القليلة التي سجلت مكاسب سهم بنك انتيسا سان باولو الإيطالي، الذي زاد 0.4% بعدما تعهد أكبر بنك تجزئة إيطالي بخفض قروضه المتعثرة للنصف وزيادة الإيرادات كثيرا وخفض التكاليف بموجب خطة مدتها أربع سنوات. وقال متعاملون إن السوق رحب بخطة توزيعات انتيسا.
وقفز سهم إيه.إم.إس 7.9% بعد أن أعلنت شركة صناعة الرقائق نمو أرباح الربع الأخير، إذ استفادت المجموعة ومقرها النمسا من زيادة الطلب على أجهزة الاستشعار التي تصنعها لمنتجي الهواتف الذكية مثل أبل.
الذهب يرتفع
وفي مقابل تهاوي البورصات العالمية ارتفع الذهب، اليوم الثلاثاء، في ظل الاتجاه النزولي للأسهم العالمية الذي دفع المستثمرين للجوء إلى الملاذات الآمنة مثل الذهب، رغم توقعات بزيادات جديدة لأسعار الفائدة الأميركية هذا العام شكلت ضغطا على السوق.
وارتفع الذهب في المعاملات الفورية 0.3% إلى 1342.95 دولارا للأوقية بحلول الساعة 0722 بتوقيت غرينتش بعد أن زاد 0.5 بالمئة يوم الاثنين.
كانت الأسعار انخفضت 1.2 % يوم الجمعة، وهو أكبر هبوط منذ السابع من ديسمبر/ كانون الأول 2017 بعدما جاءت بيانات الوظائف الأميركية أعلى من التوقعات لتعزز تكهنات بأن ارتفاع التضخم سيؤدي لمزيد من رفع أسعار الفائدة هذا العام، وهو ما دعم بدوره الدولار المقوم به المعدن الأصفر.
وزاد الذهب في العقود الأميركية الآجلة تسليم إبريل/ نيسان 0.7 بالمئة إلى 1345.60 دولارا للأوقية.
ومن بين المعادن النفيسة الأخرى، ارتفعت الفضة في المعاملات الفورية 0.9% إلى 16.89 دولارا للأوقية. وكان المعدن قد نزل 3.7% يوم الجمعة، وهو أكبر هبوط يومي منذ ديسمبر/ كانون الأول 2016.
وصعد البلاتين 0.6% إلى 995.60 دولارا للأوقية، بينما فقد البلاديوم 1.4% إلى 1015.40 دولارا للأوقية بعدما لامس أقل مستوى منذ 14 ديسمبر/ كانون الأول 2017.
وكان البلاديوم ارتفع لأعلى مستوى على الإطلاق عند 1138 دولارا للأوقية في 15 يناير/ كانون الثاني بدعم طلب قوي من قطاع السيارات ونقص المعروض.