بضائع مصرية لغزة لا تسد حاجة أسواقها

20 فبراير 2017
دخول الإسمنت إلى غزة (عبدالحكيم أبورياش/العربي الجديد)
+ الخط -
أضحت الشاحنات المحملة بالبضائع والسلع المتنوعة من مصر تصل بشكل متزايد وملحوظ إلى قطاع غزة، تزامناً مع السماح لها من قبل السلطات المصرية بالدخول إلى القطاع عبر معبر رفح البري، خلال الآونة الأخيرة، التي يجري فيها فتح البوابة أمام القطاع المحاصر إسرائيلياً منذ عام 2006.

وسمحت السلطات المصرية مؤخراً بإدخال أصناف جديدة، كالسيارات والقمح والأخشاب والأسماك، إلى جانب مواد البناء كالإسمنت والحصمة (حصى البناء) والحديد، التي تمسح لها بالمرور منذ عدة شهور إلى القطاع.

ويقول مدير الإعلام في معبر رفح البري، وائل أبو محسن، لـ "العربي الجديد"، إن الآونة الأخيرة شهدت ارتفاعاً ملحوظاً في عدد الشاحنات التي يجري السماح لها بالمرور عبر المنفذ البري الذي يربط القطاع بالجانب المصري.

ويوضح أبو محسن أن معدل الشاحنات المحملة ببضائع القطاع الخاص تصل ما بين 50 إلى 70 شاحنة في كل يوم يعمل به معبر رفح، في حين كان يتراوح في السابق بين 30 إلى 40 شاحنة كانت تقتصر على الإسمنت والحديد.
ويبين أن المرحلة الحالية في عمل معبر رفح تشهد تنوعاً في قوائم البضائع، التي تصل إلى القطاع عبر الجانب المصري، إذ سمحت السلطات المصرية بإدخال سلع جديدة، كالأخشاب والقمح والإسمنت والسيارات وبعض الأسماك.

ويشير مدير الإعلام في معبر رفح البري إلى أن المرة الأخيرة لعمل المنفذ، الذي يربط القطاع المحاصر إسرائيلياً بمصر، شهدت وصول أكثر من 126 شاحنة تضم سلعاً وبضائع متنوعة خاصة بالقطاع الخاص إلى غزة.



ومنذ بداية عام 2016 سمحت السلطات المصرية بشكل رسمي ولأول مرة بدخول شاحنات من الإسمنت إلى القطاع، في الوقت الذي تضع به سلطات الاحتلال الإسرائيلي شروطاً معقدة لإدخاله عبر معبر كرم أبو سالم التجاري مع غزة.

من جانبه، يقول مدير العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية بغزة، ماهر الطباع، إن هناك حراكاً واضحاً منذ نهاية عام 2016 وزيادة في السلع الواردة إلى القطاع عبر معبر رفح، رغم أنه ما زال ضعيفاً نسبياً ولا يرتقي إلى حاجات الغزيين.

ويوضح الطباع لـ "العربي الجديد" أن دخول البضائع عبر الجانب المصري يعمل على خفض أسعارها في السوق المحلية كما جرى مع الإسمنت الذي استقر سعر الطن منه عند سعر 600 إلى 700 شيكل (الدولار = 3.75 شيكلات) بفعل استمرار عملية دخوله.
 
ويشير إلى أنه في الفترة، التي سبقت إدخال الإسمنت عبر معبر رفح البري، تجاوز سعر الطن الوحد ما بين 1400 إلى 1500 شيكل في السوق السوداء بغزة، وهو ما يثبت أن هناك استقراراً في الأسعار رغم أنها ما تزال مرتفعة بعض الشيء.

ويؤكد المسؤول في الغرفة التجارية بغزة أن المطلوب هو علاقات استراتيجية تعمل على رفع الواردات الاقتصادية القادمة من مصر، وتتناسب والعلاقات التاريخية التي تربط الفلسطينيين بالمصريين وتعزيزها عبر التبادل التجاري.

ويوضح الطباع أن إجمالي واردات فلسطين التجارية من مصر لم يتجاوز 67 مليون دولار عام 2015، في الوقت الذي تجاوزت فيه واردات السلطة الفلسطينية من الجانب الإسرائيلي 3 مليار دولار.

ويؤكد أن دخول بعض السلع الممنوع إدخالها إلى القطاع عبر الجانب الإسرائيلي، كالمواد الخام والأخشاب كما جرى مؤخراً، سيساهم في إنعاش قطاع الصناعات الخشبية وباقي القطاعات شبه المتوقفة.

ووقعت مصر وفلسطين اتفاقية تجارة في عام 1998، ساهمت في رفع حجم الصادرات المصرية إلى فلسطين خلال الفترة من عام 2005 حتى عام 2015 بنحو 209%، في الوقت الذي يؤكد فيه مراقبون أن القطاع سيدر لمصر نحو 2.5 مليار دولار سنوياً حال إنشاء منطقة تجارية حرة مع غزة.

ويؤكد الخبير الاقتصادي، نهاد نشوان، لـ"العربي الجديد" أنّ الواقع الاقتصادي في غزة لن يتأثر بما يجري إدخاله من بضائع وشاحنات إلى القطاع عبر معبر رفح، إلا بشكل بسيط ومحدود للغاية في الفترة الحالية.

ويشير نشوان إلى أن القيود الاقتصادية، التي يعاني منها الفلسطينيون بفعل اتفاقية باريس الموقعة بين منظمة التحرير وسلطات الاحتلال الإسرائيلي، تضع الكثير من الرسوم والضرائب على البضائع، وهو ما يحاول التجار التغلب عليه عبر محاولة الاستيراد من مصر.  
ويلفت إلى أن فتح سوق تجارية حرة هو الحل للطرفين الغزي والمصري من أجل إنعاش الاقتصاد، عبر تعزيز التبادل التجاري والسماح بدخول وخروج البضائع من وإلى القطاع دون أي قيود أو ضرائب مرتفعة.

ولجأ الغزيون خلال فترة اشتداد الحصار وإغلاق سلطات الاحتلال لمختلف المعابر مع غزة منتصف عام 2007، إلى الاعتماد على تجارة الأنفاق من أجل شراء البضائع والسلع الغذائية المختلفة من الأسواق المصرية، قبل أن يدمرها الجيش المصري بشكل شبه كلي خلال السنوات منذ 2013.

وكان الاحتلال قد أغلق منذ أن فرض حصاره المشدد على غزة قبل نحو 11 عاما، المعابر التجارية الثلاثة، التي كانت تمثل العصب الأساسي للاقتصاد المحلي، وأبقى على معبر كرم أبو سالم، الواقع أقصى جنوب شرق مدينة رفح، جنوبي القطاع، كمنفذ وحيد تدخل من خلاله جميع احتياجات القطاع، التي كانت تورد سابقا من المعابر المغلقة.

وفي وقت سابق من يناير/كانون الثاني الماضي، أكد النائب جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، أنّ الخطوات الإسرائيلية في تشديد الحصار على قطاع غزة مدروسة بعناية فائقة، وتستهدف في مجملها إعاقة أية إمكانية للتنمية، ومفاقمة أزمات تطاول كل القطاعات الحيوية، إلى جانب رفع معدلات الفقر والبطالة. 
وقال الخضري، في تصريح وزع على الصحافيين آنذاك، إن عدد العاطلين عن العمل في القطاع تجاوز ربع مليون مواطن، مشيرا إلى أنّ استمرار الحصار المُشدد، المتمثل في إغلاق غالبية المعابر وتقييد الحركة التجارية والصناعية والإنشائية، ضمن سياسة تمنع دخول المواد الخام اللازمة لتشغيل المصانع، تسببت بإغلاق 80% منها بشكل جزئي أو كلي.

وتصدرت المؤسسات الإنشائية قائمة أكثر القطاعات الصناعية تضررا، حيث بلغ عدد المصانع الإنشائية، التي أصيبت بشكل كلي أو جزئي خلال العدوان الإسرائيلي الأخير على قطاع غزة في صيف 2014، نحو 149 منشأة، وذلك بهدف إطالة أمد عملية إعادة الإعمار ومضاعفة المشاكل الاقتصادية وتعقيدها.

وكان تقرير صادر نهاية العام الماضي 2016 ، عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) حول "كلفة الاحتلال الإسرائيلي على الاقتصاد الفلسطيني"، قد أكد أن الشعب الفلسطيني لم يتمتع، منذ الاحتلال، بالسيطرة السيادية على اقتصاده أو موارده الطبيعية أو حرم من الوصول إلى موارده.            


المساهمون