الأردن... تجدد السخط الشعبي على ضريبة الدخل

18 سبتمبر 2018
احتجاجات سابقة ضد تفاقم الأوضاع المعيشية (خليل مزراوي/فرانس برس)
+ الخط -
لليوم الثالث على التوالي عبّر سكان المدن والمحافظات الأردنية عن رفضهم مشروع قانون ضريبة الدخل، وذلك بمقاطعة شبه كاملة لحضور لقاءات مع الفرق الحكومية التي انطلقت للمحافظات اعتبارا من يوم السبت الماضي وحتى أمس، للترويج لمشروع قانون الضريبة الذي أعلنته الحكومة الأسبوع الماضي ومحاولة إقناع الشارع الأردني بما جاء فيه.
واستبق أهالي المحافظات زيارات الفرق الحكومية بوقفات احتجاجية ورفع يافطات تعبر عن الرفض الشعبي للقانون والمطالبة بإسقاط الحكومة والدعوة لمقاطعة الاجتماعات.

وأمس الاثنين، شهد الاجتماع الحكومي، برئاسة نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر، مع عدد من أهالي العاصمة عمّان وهيئات منتخبة، فوضى وانتقادات حادة للحكومة ومقاطعة الفريق الحكومي، خلال حديثه عدة مرات، أدت إلى إنهاء اللقاء قبل عرض أجندته كاملة.
وقاطعت النقابات المهنية الاجتماع تنفيذا لقرار مجلس النقباء الذي اتخذه بداية الأسبوع الجاري، بانتظار عقد اجتماع خاص مع رئيس الحكومة عمر الرزاز وفريقه الاقتصادي.

وقال المعشر إن الحكومة لم تجر اللقاءات مع المواطنين لتسويق مشروع قانون ضريبة الدخل، فاللقاءات تأتي للاستماع لآراء المواطنين حول مشروع القانون. وأضاف أن الحكومة تعلم أن الظروف الاقتصادية التي يعيشها المواطن صعبة، لذلك وضعت جملة من البرامج الاقتصادية الإصلاحية.
ورفع قانون الضريبة الجديد أعداد المواطنين الخاضعين لضريبة الدخل بشكل كبير من خلال تخفيض قيمة الدخل الخاضع للضريبة إلى حوالي 25.38 ألف دولار العام المقبل على أن ينخفض إلى حوالي 24 ألف دولار في عام 2020، نزولا من 33.84 ألف دولار في القانون الحالي بالنسبة للعائلات.

كما تم تخفيض دخل الفرد الخاضع للضريبة إلى 12.69 ألف دولار في العام المقبل على أن ينخفض مرة أخرى في عام 2020 ليصبح 11.28 ألف دولار نزولا من 22.56 ألف دولار في القانون الحالي. 
وفي محافظة المفرق شمال شرق العاصمة نفذ مواطنون وقفة احتجاجية أمام جامعة آل البيت التي شهدت انعقاد لقاء فريق وزاري مع ممثلين عن المحافظة. ورفع المواطنون لافتات وشعارات تطالب الحكومة بالتراجع عن تطبيق القانون كونه يؤثر على مستويات معيشتهم ويعمق معدلات الفقر في البلاد.

كما رفع المحتجون شعارات تحت عنوان "نريد تغير النهج وعدم الاكتفاء بتغيير الأسماء واللجوء إلى رفع الضرائب على الشركات الكبرى والبنوك والابتعاد عن جيوب المواطنين ومحاسبة الفاسدين".
وحسب تقارير رسمية، سجل المستوى العام للأسعار في الأردن ارتفاعا بنسبة 5.3% خلال الشهر الماضي، مدفوعا بالزيادة التي طرأت على أسعار العديد من السلع والخدمات التي يحتسب على أساسها معدل التضخم وخاصة السلع التموينية والمتطلبات الضرورية.

وشهد اجتماع محافظة المفرق انسحاب عشرات الحاضرين احتجاجا على النهج الحكومي وتعديلات قانون ضريبة الدخل بعد أن طالبوا الفريق الوزاري بمغادرة قاعة اللقاء.
وأول من أمس، فشل اجتماعان نظمتهما الحكومة في محافظتي مادبا غرب العاصمة عمان ومعان جنوبا للترويج للقانون حيث رفض المواطنون وفعاليات محلية حضور الاجتماعين تعبيرا عن رفض مشروع قانون ضريبة الدخل وسط تشديدات أمنية مكثفة في محيط الاجتماعين.

وقالت عضو مجلس محافظة معان عايدة آل خطاب في تصريح صحافي أن الأجهزة الأمنية كثفت وجودها في المحافظة إثر رفض أهالي معان ومجلس المحافظة والمجلس البلدي رفض حضور اللقاء مع الوفد الوزاري الممثل لحكومة عمر الرزاز والذي جاء إلى المحافظة لبحث تعديلات قانون ضريبة الدخل.
وأضافت آل خطاب أن المحافظ استعاض عن أبناء المجتمع المحلي بموظفي الدولة وأساتذة جامعة الحسين في معان وطلبة الجامعة، إلا أنه اصطدم برفض الجميع تعديلات ضريبة الدخل. وأكدت أن جميع الأهالي والمواطنون يرفضون القانون جملة وتفصيلا ولا يريدون مناقشة الحكومة بهذا القانون الذي يتغول على جيوب الفقراء.

وحسب شهود عيان فقد شهد اللقاء هتافات ومطالبات بإقالة حكومة الرزاز إلى جانب الطلب من الفريق الوزاري مغادرة القاعة.
وقال المواطن قاسم الخطيب من معان لـ"العربي الجديد" إن المواطنين رفضوا حضور الاجتماع ووجهوا انتقادات حادة للحكومة مطالبين بالتراجع عن القانون. وأضاف أن على الحكومة التقاط الرسالة من الشارع الأردني حيث تم رفض القانون وطرد الفريق الوزاري الذي زار الطفيلة، أول من أمس، وتكرر المشهد في معان ومادبا، أمس.

وأنهى الفريق الحكومي انسحابه من قاعة اللقاء عقب الفوضى والهتافات ضد الحكومة التي شهدتها قاعة الاجتماع.
وفي مادبا قال المواطن فايز القعايدة لـ"العربي الجديد" إن الاجتماع مع الفريق الوزاري فشل بشكل ذريع ولم يحضره سوى عدد قليل من الأشخاص والرسميين.

وقال المحامي حاتم ارشيدات من محافظة مادبا لـ"العربي الجديد" إن المواطنين فوجئوا بتعزيزات أمنية غير اعتيادية في مكان اللقاء كما تم منع المواطنين من الدخول سوى مجموعة مختارة من قبل المحافظ والأجهزة الأمنية. وأوضح ارشيدات أن وزراء اعتذروا عن اللقاء غير أن وزير الأوقاف حضر إلى مكان الاجتماع بسيارة مدنية.
واستقبل مواطنون الوفد الحكومي بعبارات "لا أهلا ولا سهلا ونرفض قانون الضريبة ولا نريد وجودكم في مادبا".

وكان أهالي الطفيلة قد طرود ثلاثة وزراء بينهم ابن محافظة الطفيلة وزير الزراعة خالد الحنيفات رفضا للقانون.
وقال وزير الدولة للشؤون القانونية مبارك أبو يامين إن الحكومة ستأخذ الملاحظات بعين الاعتبار وإن مشروع قانون الضريبة سيخضع للتعديل قبل إقراره من مجلس الوزراء.

وتوقع مراقبون أن تشهد مناقشات مجلس النواب لقانون الضريبة سخونة غير مسبوقة في عهد المجلس الحالي، وذلك في ضوء تصاعد الغضب الشعبي الرافض للقانون إذ لا يستطيع النواب مخالفة رأي الشارع ومطالبه.
وتطابقت تصريحات أكثر من مصدر لـ"العربي الجديد" بأن مجلس النواب سيرفع الإعفاءات الممنوحة للأفراد والعائلات من ضريبة الدخل باعتبار هذا البند الأكثر إشكالية وحساسية في القانون، إضافة إلى إعادة الإعفاءات المرتبطة بالمعالجات الطبية والتعليم وغيرها والموجودة في القانون الحالي.
وانعكست الأجواء المصاحبة لمشروع القانون منذ لحظة إعلانه في جلسة مجلس النواب التي انعقدت أول من أمس، لمناقشة تشريعات مدرجة على جدول أعمال دورته الاستثنائية التي بدأت أعمالها منذ اليوم الثاني من الشهر الجاري. 
وقال رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الأردني النائب أحمد الصفدي، في تصريح خاص لـ" العربي الجديد" إن مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد لا يختلف كثيرا عن القانون المقر من قبل الحكومة السابقة بخلاف ما كان متوقعا.

وأضاف أن مشروع القانون وبصيغته الحالية لن يمر من خلال مجلس النواب، خاصة ما يتعلق بدخل الأسر والأفراد الخاضع للضريبة حيث تم تخفيضه بمقدار كبير عما هو معمول به في القانون الحالي، مشيرا إلى أن اللجنة المالية ستدرس مشروع القانون حال ورودها بكل عناية من باب الحرص على عدم تحميل المواطنين مزيداً من الأعباء.
وانتقد عدد من النواب الجولات الحكومية على المحافظات للترويج للقانون والمطالبة بإلغائها وعدم الاستمرار بها من باب عدم استفزاز المواطنين.

وطالب النائب فضيل المناصير الحكومة بالتراجع عن تعديلات الضريبة ووقف الجولات على المحافظات باعتبارها جولات استفزازية. كما طالب النائب صالح العرموطي الحكومة بوقف تلك اللقاءات في ظل السخط الشعبي على الحكومة وتعديلات قانون ضريبة الدخل. وأيد النائب بركات العبادي تلك المطالبات والاعتراضات، مؤكد أهمية التراجع عن مشروع القانون المعروض على موقع ديوان التشريع والرأي.
وطالب النائب صداح الحباشنة بإقالة حكومة عمر الرزاز وهتف تحت قبة البرلمان: "فلتسقط حكومة الرزاز". وطلب الحباشنة إلغاء جميع الضرائب المفروضة على المواطن الأردني وعدم فرض أي ضريبة عليه.

وحاول رئيس مجلس النواب عاطف الطراونة وقف النواب عن الحديث عن قانون الضريبة، كونه غير معروض على المجلس ولم يرد إليه من الحكومة. وقال إن القانون لم يرد إلى مجلس النواب، وللمجلس حقّ قراءته وتعديله لدى وروده.

المساهمون