عاد الدقيق المدعم مرة أخرى إلى واجهة النقاش العام في المغرب، بعد حديث نواب برلمانيين عن دقيق فاسد في بعض الأقاليم، ما دفع البعض إلى الدعوة إلى رفع الدعم عن تلك السلعة.
ووجّه نواب من الغرفة الأولى في البرلمان المغربي، أول من أمس الإثنين، أسئلة إلى وزير الشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، حول دقيق مدعم فاسد في السوق، ومدى سيادة الشفافية في تعامل بعض المهنيين مع الحصص التي توجه للأقاليم.
ولم ينف الوزير ما لاحظه النواب من وجود غش في سوق الدقيق المدعم، لكنه طالبهم بأن يوجهوا له كل الحالات التي يرون أنها تنطوي على غش، مؤكداً أن الوزارة لا يمكنها التصدي لهذا الموضوع وحدها.
وأشار في رده على النواب، إلى أنه في كل مرة تقف الوزارة على حالات غش في الدقيق المدعم، تقوم بالتحقيق عبر لجان مشكّلة لهذا الغرض.
ودعا الوزير، النواب، إلى التعاون مع الوزارة من أجل إغلاق مطاحن الذين يغشّون في الدقيق المدعم، مؤكدا أن الوزير لا يمكنه أن يحيط بكل ما يقع عبر تراب المغرب.
ومن جهته، شدد النائب البرلماني القيادي في حزب العدالة والتنمية، عبد الله بوانو، على أنه يتوجب الكف عن دعم الدقيق اللين الموجه لإعداد الخبز، مادامت تثار حوله مشاكل لها علاقة بالغش.
ودعا النائب، إلى تخصيص حوالي 200 مليون دولار التي توجه لدعم الدقيق، على شكل مساعدات مباشرة للفئات التي تستحق ذلك.
وأكد أنه على الحكومة الكف عن ذلك الدعم مادامت لم تتمكن من تحديد لائحة المستفيدين منه، حيث لم يتأت لها ذلك، بسبب عدم نجاحها في تحديد لائحة الوسطاء، الذين يتولون عملية توزيع تلك السلعة.
ويدعم المغرب غاز الطهو والسكر والدقيق عبر صندوق المقاصة، بعدما اتخذت حكومة عبد الإله بنكيران السابقة، قرارا بتحرير أسعار السولار والبنزين.
وسبق لرئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، أن عبّر عن نيّته نحو المضي في إلغاء الدعم، غير أن الحكومة لم تتخذ أي قرار حول ذلك في مشروع الموازنة الذي صادق عليه البرلمان بغرفتيه.
ووصلت الحصة من الدقيق التي تحظى بالدعم في العام الحالي إلى 6.5 ملايين قنطار (القنطار يعادل 100كجم)، بعدما كانت قبل سنوات في حدود عشرة ملايين قنطار.
وتقوم لجنة من ممثلي وزارات معنية بتوزيع تلك الحصة على الأقاليم والولايات، وتجري بعد ذلك مراقبة مدى توجيهها لتوفير الخبر المدعم من الدولة.
وتناقش تلك اللجنة عند اجتماعها، الشكاوى التي توضع لدى الوزارة حول عدم احترام شروط الجودة عند توفير الدقيق المدعم من قبل المطاحن.
ويؤكد بوعزة الخراطي، رئيس الجامعة المغربية لحقوق المستهلك، في تصريح لـ "العربي الجديد"، أن الدقيق المدعم المشتق من القمح اللين، لا يسلم من الغش، بل إنه يفسد بعيدا عن المراقبة التي يفترض أن تقوم بها السلطات المختصة.
ويرى أنه يفضل رفع الدعم عن الدقيق المشتق من القمح اللين، الذي يستعمل، في نظره، في إنتاج خبز ذي جودة سيئة في المخابز العشوائية، المنفلتة من المراقبة.
وتشير الفيدرالية الوطنية لأصحاب المطاحن، إلى أن الدقيق الوطني المدعم لا يمثل سوى 15% من القمح اللين المطحون، الذي يخضع 85% من الدقيق المستخرج منه لقانون العرض والطلب.
ودعت الفيدرالية مؤخراً إلى تحرير سعر القمح اللين الذي يوفر منه الدقيق المحلي، حيث بُذلت من أجل ذلك مساع لدى وزارة الفلاحة ووزارة الشؤون العامة والحكامة.
ويتيح الدعم توفير رغيف خبر بنحو 1.20 درهم، غير أن الفيدرالية تؤكد أنه في حالة التحرير ستعمل على إنتاج خبر اقتصادي بأسعار تراعي القدرة الشرائية للفئات التي يراد دعمها.
ولا يدعو المهنيون إلى التحرير الشامل لأسعار الدقيق الوطني الذي يصنع منه الخبز، بل يرون أنه لا بد من التدرج في ذلك، كما يقول عضو في الفيدرالية الوطنية لمنتجي القمح، يؤكد أن التحرير يمكن أن يمتد على مدى ثلاثة أعوام.