الأردن: إجراءات تسريح الوافدين تربك مشروعات الزراعة والبناء.. والمصريون الأكثر تضرراً

22 أكتوبر 2017
الزراعة من أكثر القطاعات تشغيلا للعمالة الأجنبية(فرانس برس)
+ الخط -
أربكت مساعي الحكومة الأردنية لخفض العمالة الوافدة بنسبة تصل إلى 25% سنوياً ابتداء من العام الحالي 2017، القطاعات الاقتصادية المختلفة، كما أثارت مخاوف العمالة الأجنبية، خصوصا المصرية منها كونها تشكل غالبية الأيدي العاملة الوافدة، التي يبلغ إجماليها من مختلف الجنسيات أكثر من مليون عامل وفق وزارة العمل الأردنية.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل، محمد الخطيب في تصريح لـ "العربي الجديد" إن الخطة الحكومية لخفض العمالة الأجنبية تستهدف الوافدين من مختلف البلدان، معتبرا أنها "لن تكون على حساب جنسية واحدة وأنها لا تستهدف العمالة المصرية التي تشكل غالبية الوافدين".

وأضاف الخطيب أن هناك عمالة عربية وآسيوية من عدة بلدان مثل باكستان والصين وبنغلادش، إضافة إلى العمال المصريين واليمنيين والسوريين وغيرهم، مشيرا إلى أن خطة الإحلال تستهدف الجميع.
وتتضمن الخطة الحكومية تخفيض العمالة الوافدة بنسبة 25% سنوياً في قطاعي الصناعة والزراعة، وبنسبة 10% سنوياً في التشييد والبناء، وذلك لفترة تمتد حتى عام 2021.

وقال الخطيب :"الحكومة مصرة هذه المرة أكثر من أي وقت مضى على تخفيض العمالة الوافدة وإحلال الأردنيين مكانها ضمن الحوافز التي ستقدمها للقطاعات الاقتصادية".
وأشار إلى أن الحكومة ستساهم بمبلغ 220 دولار شهرياً من إجمالي راتب كل أردني يتم تشغيله، بدلا من العامل الوافد لمدة عام ومبلغ 94 دولاراً لأي وظيفة يتم استحداثها وتشغيل أردني فيها ولمدة سنتين، مشيرا إلى أن وزارة العمل استحدثت وحدة خاصة لمتابعة تطبيق الخطة وهي بدعم من منظمة العمل الدولية.

وتوقعت وزارة العمل أن يوفر برنامج الإحلال والاستحداث حتى عام 2021 نحو 71 ألف فرصة عمل وبكلفة حوافز تقدمها الحكومة تصل إلى نحو 132 مليون دولار.
وتتضمن الخطة الحكومية زيادة تشغيل الأردنيين في ستة قطاعات رئيسية، هي السياحة، الصناعة، التشييد والبناء، الزراعة، الخدمات، والطاقة (محطات بيع المحروقات).

وبحسب المتحدث الرسمي باسم وزارة العمل، فإن عدد العمال الأجانب في بلاده يبلغ أكثر من مليون عامل، منهم 350 ألفا يعملون بشكل قانوني، بينما يعمل ما يقرب من ضعف هذا الرقم بشكل مخالف ودون الحصول على تصاريح عمل.
وعن أثار القرار الحكومي على القطاعات الاقتصادية المختلفة في الأردن، لوح اتحاد المزارعين مؤخرا بإجراءات تصعيدية ضد حكومة هاني الملقي، منها حجب المحاصيل عن الأسواق، حال عدم تراجعها عن قرار زيادة رسوم تصاريح العمل الزراعي للعمال الوافدين، مطالباً بفتح المجال أمام استقدام الأيدي العاملة من الخارج لعدم توفر العمال الأردنيين.

وبجانب خطط خفض العمالة الأجنبية، رفعت الحكومة رسوم تصاريح العمل الزراعي للوافدين من 170 دولاراً سنوياً إلى نحو 420 دولاراً، يضاف إليها 280 دولاراً ككفالة من قبل المزارع تودع في البنك.
وباتت الإجراءات الحكومية تلقي بظلالها على أصحاب الأعمال، وبخاصة في القطاعات التي لا يقبل الأردنيون على العمل فيها مثل الزراعة والإنشاءات.

وحذر محمود العوران، مدير عام اتحاد المزارعين في تصريح خاص لـ "العربي الجديد" من نقص الأيدي العاملة في القطاع الزراعي ومخاطر ذلك على الأمن الغذائي في البلاد، مشيرا إلى أن الأراضي المزروعة تبلغ 40% فقط من إجمالي منطقة وادي الأردن، التي تعتبر سلة غذاء البلاد وذلك بسبب نقص العمال.
ولفت العوران إلى خطورة تراجع المساحات المزروعة، ما يؤدي إلى نقص المواد الغذائية وارتفاع أسعار الخضروات والفواكه.

وقال إن خطة الإحلال التي أعلنتها الحكومة في سبتمبر/ أيلول الماضي غير مجدية بالنسبة للقطاع الزراعي، كون الأردني لا يقبل العمل في الزراعة لعدة أسباب، منها موسمية الإنتاج والانتقال من منطقة لأخرى، إضافة إلى ظروف العمل التي تحتاج إلى الاستيقاظ مبكرا وقضاء وقت طويل في المزارع.
وأضاف: "الأردني يحتاج إلى التأمينات الوظيفية مثل التأمين الصحي وتأمينات التقاعد وغيرها، وهي غير متوفرة في القطاع الزراعي، وبالتالي يتم اللجوء إلى العمال الوافدين وأغلبهم من المصريين، الذين يقبلون العمل في هذا القطاع ولديهم مهارات أكثر من غيرهم".

ولا تقتصر تداعيات خفض العمالة الأجنبية على القطاع الزراعي، وإنما يسيطر القلق على قطاع الإنشاءات الذي يعتمد بشكل كبير على العمالة الوافدة في ظل عدم قبول الأردنيين بالعمل في القطاع، وفق ما أكده المستمثر في قطاع الإسكان كمال عواملة.
وقال عواملة لـ "العربي الجديد" إن أغلب العاملين في الإنشاءات هم من المصريين، الذي يقبلون العمل في القطاع، ومنهم من أصبح يمتلك محلات خاصة مثل مناشير الحجر ومعامل الطوب والبلاط وغيرها، لافتا إلى أنه من الصعب الاستغناء عن العمال المصريين لأن القطاعات الإنشائية وغيرها ستضرر كثيراً.

وبينما تؤكد الحكومة الأردنية أن خطتها لتخفيض العمالة الوافدة تستهدف تشغيل الأردنيين للحد من نسبة البطالة التي وصلت إلى 18% خلال الربع الثاني من العام الحالي، وفق بيانات صادرة عن دائرة الإحصاءات العامة يوم الأربعاء الماضي، إلا أن متخصصين في مجال التوظيف يشيرون إلى أن الحكومة تريد إفساح المجال لتشغيل نحو 200 ألف لاجئ سوري من أجل دفع الصادرات الأردنية إلى دخول السوق الأوروبية بمقتضى اتفاق جرى إبرامه في يوليو/تموز من العام الماضي 2016.

ويقضى الاتفاق المبرم مع الاتحاد الأوروبي بتسهيل شروط دخول السلع الأردنية مقابل أن تصل نسبة تشغيل اللاجئين في المصانع بالأردن إلى 15% من إجمالي العاملين.
لكن مساعي الحكومة ربما تواجه عقبات كبيرة بشأن تشغيل السوريين، خاصة أن أغلب اللاجئين يؤكدون أن ظروف التشغيل في المصانع غير ملائمة من حيث الحماية والحقوق وتدني الرواتب، لاسيما في ظل ارتفاع تكاليف المعيشة، وبالتالي يفضلون العمل الحر بعيدا عن قيود أصحاب الأعمال.

وقال أبو الفهد، لاجئ سوري ويقيم بشمال الأردن، إن هناك عدة أسباب تحول دون عمل السوريين في المصانع، أهمها بعدها عن أماكن إقامتهم وعدم توفر وسائل النقل وتدني الأجور، مشيرا إلى أن بعض السوريين يفضلون الاشتغال بأعمال خاصة.
وأضاف أبو الفهد لـ" العربي الجديد"، أن معظم المساعدات الدولية انقطعت عن اللاجئين، سيما كوبونات الطعام وبالتالي يسعى معظم اللاجئين للعودة إلى بلدهم وقد تقدموا بطلبات لذلك.

وسعت الحكومة الأردنية خلال الفترة الماضية من أجل استصدار تصاريح عمل للاجئين السوريين، وهو ما قدره المتحدث باسم وزارة العمل بنحو 62 ألف تصريح تم إصداره حتى الآن في العديد من القطاعات.
لكن هذه التصاريح لا تؤشر إلى وجود إقبال على العمل بالمصانع التي ترغب في التصدير لأوروبا، وفق ما كشفته عنه ياسمين خريسات، مسؤولة التنمية الصناعية في وزارة العمل حول أن هناك عزوفاً كبيراً من اللاجئين السوريين للعمل في المصانع، موضحة أن "مصنعين فقط تمكنا حتى الآن من التصدير إلى الأسواق الأوروبية بعد تشغيل 15% من العمال من اللاجئين".
وأشارت خريسات إلى أن هناك مصانع أخرى تقدمت بطلبات للتصدير إلى أوروبا وتشغيل أعداد من اللاجئين، إلا أنها بصدد استكمال الإجراءات.


المساهمون