اعتبر خبراء اقتصاد أن الأشهر الثلاثة المقبلة ستكون حاسمة في توضيح مدى قدرة الاقتصاد المغربي على الصمود أمام تداعيات فيروس كورونا، خاصة في ظل التخوف من تآكل رصيد النقد الأجنبي، ما سيعرض المغرب لصعوبات سعى لتفاديها منذ الثمانينيات من القرن الماضي.
وذهب محافظ البنك المركزي، عبد اللطيف الجواهري، عقب اجتماع مجلسه، إلى أن رصيد المغرب من النقد الأجنبي يصل حاليا إلي حوالى 25 مليار دولار، ما يمثل أكثر من خمسة أشهر من واردات السلع والخدمات. غير أن الجواهري، عاد في ظل انتشار الفيروس، كي يشدد على أن التطورات المرتبطة بفيروس كورونا، مثيرة للقلق، حيث يخلق ذلك حالة من عدم اليقين، ما يجعل صعبا توقع المنحى الذي ستتخذه الأمور في الأسابيع المقبلة.
وأغلق المغرب الحدود الجوية والبرية والبحرية، ما له من تداعيات على قطاع النقل والسياحة، بالإضافة إلى تعثر قطاعات إنتاجية مصدرة مثل النسيج والسيارات. وينتظر أن تتراجع مصادر النقد الأجنبي، خاصة في ظل اعتماد المملكة على واردات يصعب الضغط عليها، ما يفاقم عجز الميزان التجاري. ففي العام الماضي، وصلت الواردات إلى حوالي 50 مليار دولار، مقابل صادرات في حدود 29 مليار دولار.
ويأتي جزء وازن من صادرات المغرب في الأعوام الأخيرة من قطاع السيارات، التي وصلت في العام الماضي إلى حوالي 8 مليارات دولار، وهي إيرادات يمكن أن تتعثر في سياق متسم بتوقف مصانع "رينو" و"بيجو" في ظل صعوبة التركيب في ظل كورونا.
وسيطاول الانخفاض كذلك إيرادات تحويلات المغاربة المقيمين بالخارج التي بلغت في العام الماضي حوالي 7 مليارات دولار، حيث ستتأثر بأوضاع بلدان الاتحاد الأوروبي التي دخلت مرحلة الانكماش.
ويأتي رصيد المملكة كذلك من صادرات الفوسفات ومشتقاته، في حدود 5 مليارات دولار، والصادرات الزراعية والغذائية في حدود 6.2 مليارات دولار، والنسيج في حدود 3.8 مليارات دولار، حسب بيانات مكتب الصرف.
كما يرتقب أن ينخفض تدفق الاستثمارات الخارجية المباشرة التي كانت في حدود 1.9 مليار دولار، متراجعة بنسبة 46.8 في المائة.
ويعتبر الخبير المصرفي، مصطفى ملغو، أن احتمال تجفيف رصيد المغرب من العملة الصعبة، سيضع المملكة أمام اختبار صعب، خلال الشهور الثلاثة المقبلة، خاصة أن رصيد الميزان التجاري يعاني من عجز مزمن على اعتبار أن صادرات المملكة لا تغطي سوى نصف الواردات.
ويؤكد على أن ما يخيف هو أن يفضي تراجع حاد لرصيد النقد الأجنبي، إلى الزج بالمغرب في سيناريوهات، من قبيل التجربة التي عاشها في الثمانينيات من القرن الماضي، عندما خضع لبرنامج التقويم الهيكلي تحت إشراف صندوق النقد الدولي، بما يستدعيه ذلك من تقشف وثمن اجتماعي.