مواقع "تقاسم الأرباح" تجذب شباب غزة رغم المخاطر

28 مارس 2017
العائد المرتفع يجذب الشباب لمواقع تقاسم الأرباح(عبدالحكيم أبورياش)
+ الخط -
يحاول الشاب الفلسطيني عثمان مطر، إقناع عدد من أصدقائه في قطاع غزة، بالاستثمار بمبالغ مالية بسيطة لا تتجاوز 100 إلى 300 دولار أميركي، ضمن موقع لتقاسم الأرباح عبر شبكة الإنترنت في ظل شح الوظائف وارتفاع معدلات البطالة.

ويعمل الشاب الغزي مطر لعدد من الساعات يومياً ضمن موقع لتقاسم الأرباح يعتمد على شراء باقات إعلانية لشركات ترغب بالترويج، ويجري الحصول على نسبة معينة من الربح شهرياً من وراء ذلك، تمكنه من شراء باقات جديدة أو سحب مبالغ مالية لا تتجاوز 200 دولار يومياً.

وخلال السنوات الأخيرة وبفعل الحصار الإسرائيلي المحكم على المدينة، لجأ المئات من الشباب في القطاع، خصوصاً خريجي الجامعات والكليات إلى البحث عن فرص عمل عبر شبكات الإنترنت، عبر العمل الحر أو استثمار الأموال من خلال المواقع المختلفة.

وبرزت خلال الشهور الأخيرة بين الشبان الغزيين ظاهرة استثمار الأموال عبر مواقع تقاسم الأرباح أملاً منهم في تأمين مستقبلهم وتحسين أوضاعهم المعيشية الصعبة التي يعيشون في ظلها بحكم استمرار الحصار وتلاحق الحروب الإسرائيلية على القطاع الذي يقطنه أكثر من مليوني فلسطيني.

ويقول مطر لـ "العربي الجديد": "رغم أن الاستثمار في مواقع تقاسم الأرباح عبر شبكة الإنترنت محفوف بالمخاطر بنسبة تصل إلى 100%، إلا أنها تبقى فرصة لكسب المال بالنسبة لمئات الشباب الغزيين في ظل شح الوظائف في المؤسسات الحكومية والخاصة".

ويوضح أن الموقع الذي يستثمر به الأموال يعمل على رد 120% من أرباح الأسهم المشتراة، والتي هي عبارة عن باقات إعلانية خلال شهرين فقط، حيث يمكن للمستثمر الحصول على أمواله، شريطة ألا يتجاوز المبلغ الإجمالي شهرياً 6 آلاف دولار.

ويُقر مطر بأن 90% من مواقع الاستثمار وتقاسم الأرباح عبر شبكة الإنترنت، تكاد مصداقيتها تكون معدومة وتضع المستثمرين بها ضمن احتمالات النصب عليهم وضياع أموالهم المستثمرة، بالإضافة إلى الأرباح التي حصلوا عليها جراء تشغيل أموالهم.

ولا يصدق الشاب الغزي محمد عبد اللطيف، أنه خسر أمواله التي استثمرها بالإضافة إلى الأرباح بعد إغلاق الموقع، الذي سجل به وعمل على تشغيل أمواله المقدرة بـ 1700 دولار، بالإضافة إلى الأرباح التي تجاوزت 6 آلاف دولار.

فبين عشية وضحاها اكتشف عبد اللطيف أنه وقع ضحية لعملية نصب من قبل الموقع، الذي كان يقدم أرباحاً خيالية للمستثمرين به تصل إلى 300% بعد مرور شهر فقط على تشغيل الأموال، والذي جازف بالعمل خلاله رغم تحذير المحيطين به من عدم مصداقية الموقع.

ويقول عبد اللطيف لـ "العربي الجديد" إن العديد من الشباب أصحاب الخبرة في مجال مواقع تقاسم الأرباح حذروه مراراً من الموقع وضرورة سحب ولو جزء من المبلغ، بسبب عدم وجود هوية لمالكيه أو الأشخاص القائمين عليه وطبيعة النسب الخيالية التي يحصل المستثمر عبره في فترة وجيزة.

ويشير إلى أن العمل عبر الإنترنت يعتبر بالنسبة له صدمة قوية بعد خسارة أمواله وعدم قيامه بسحب أي منها من الموقع الذي استثمر به المال.

ويحذر الشاب الغزي، المقدمين على العمل في مواقع تقاسم الأرباح وضرورة اتخاذ أقصى الاحتياطات والتأكد من هوية المواقع، التي يعملون على تشغيل أموالهم بها لضمان عدم وقوعهم ضحايا لعمليات نصب وفقدان آلاف الدولارات خلالها.

ويقول نهاد نشوان، الخبير الاقتصادي، إن ظروف الحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع منذ عام 2006 تشكل دافعاً رئيسياً للشباب للتوجه نحو مواقع تقاسم الأرباح، في ظل النسب التي تقدمها لهم وفي الوقت الذي ارتفعت به معدلات البطالة لأكثر من 50%.

ويؤكد نشوان لـ "العربي الجديد" وجود ملايين الدولارات المستثمرة في مجال مواقع تقاسم الأرباح والفوركس والعملات الإلكترونية الموجودة عبر شبكات الإنترنت، والتي يلجأ إليها المستثمرون في القطاع أملاً في الحصول على أكبر نسب ممكنة من الأرباح.

ويقدر أن إجمالي الخسائر المالية الناتجة عن الاستثمار الإلكتروني في شتى المجالات تجاوز 30 إلى 40 مليون دولار، وهو ما يتطلب تدخلاً حكومياً يتمثل في إيجاد دائرة متخصصة تعمل على تتبع الاستثمار الخارجي وتوجيهه بشكل يحقق نتائج إيجابية.

ويضيف أن هامش الربح الذي تقدمه هذه المواقع يعتبر كبيراً للغاية حيث تصل نسبته إلى 240% سنوياً بمعدل شهري 20%، ما يجعل نسبة المخاطرة عالية للغاية، في الوقت الذي لا توجد نماذج حقيقية لمستثمرين غزيين تمكنوا من استرداد رأس المال والحصول على أرباح جيدة عبر الاستثمار الإلكتروني.

ويعتمد أكثر من 80% من سكان القطاع على المساعدات الإغاثية التي تقدمها المؤسسات الأممية العاملة في المدينة، في الوقت الذي لا يتعدى متوسط دخل الفرد الواحد أكثر من دولارين يومياً بحسب إحصائيات اللجنة الشعبية لكسر الحصار.

ويؤكد سمير أبو مدللة، أستاذ علم الاقتصاد في جامعة الأزهر بغزة، أن حجم الخطورة في الاستثمار عبر المواقع الإلكترونية، لا سيما الخاصة بتقاسم الأرباح، يعتبر مرتفعاً للغاية في ظل إمكانية ضياع كافة الأموال المستثمرة، مشيراً إلى أن حجم استفادة الاقتصاد من مثل هذه المواقع لا يشكل سوى 0.5% من الناتج المحلي.
المساهمون