السودان: أسعار السلع لا تتراجع رغم تحسن الجنيه

07 مايو 2019
ارتفاع أسعار السلع في السودان (فرانس برس)
+ الخط -
واصلت أسعار السلع بمختلف أنواعها، ارتفاعها في السودان، رغم رفع سعر صرف الجنيه أمام الدولار الأميركي، نهاية إبريل/نيسان الماضي، في خطوة لتحسين وضع العملة المحلية المتردية. 

ويبرر تجار بقاء الأسعار عند مستوياتها المرتفعة، بالحصول على السلع من الموردين، حينما كان سعر الدولار أكبر من المستويات الحالية، معتبرين أنه ليس بإمكانهم خفض الأسعار تجنبا للخسارة، لا سيما أن السوق تشهد بالأساس ركوداً كبيراً.

وعدّل البنك المركزي، في الثالث والعشرين من إبريل/نيسان الماضي، سعر صرف الجنيه مقابل العملة الأميركية، ليصبح 45 جنيها للدولار الواحد، بينما كان يجري تداول الدولار رسميا بـ47.5 جنيهاً.

وجاء رفع سعر الجنيه في السوق الرسمية بالتزامن مع ارتفاعه في السوق الموازية (السوداء) إلى نحو 60 جنيها للدولار، بعدما كان قبل نحو شهر ونصف بقيمة 85 جنيها للدولار.

وراهن الكثيرون على تحسين سعر صرف الجنيه، في خفض أسعار السلع الأساسية الغذائية وغيرها، لا سيما خلال شهر رمضان الذي حل أمس الإثنين، لكن الأسعار لا تزال مرتفعة، وفق ما أكده مواطنون في لقاءات مع "العربي الجديد".

يقول رمضان عوض، الذي يعمل في إحدى مؤسسات القطاع الخاص، إن "توفير كافة متطلبات أسرته الصغيرة بات ضرباً من الخيال"، مشيرا إلى أن موجة الغلاء التي اجتاحت الأسواق منذ مطلع العام الماضي 2018 فاقت قدرتهم المادية، خاصة مع تواضع حجم الأجور وعدم كفايتها لتلبية المتطلبات المعيشية.

وتشير تقديرات الحكومة السابقة إلى بلوغ نسبة الفقر 46 في المائة من إجمالي السكان، بينما يشكك خبراء اقتصاد في هذه البيانات، مشيرين إلى أن النسبة الواقعية تتجاوز 75 بالمائة.

ويقول التاجر محمد عبد الباقي، إن الطلب على السلع ضعيف، بالرغم من حلول شهر رمضان، لافتا إلى أن بعض المواطنين، خاصة من ذوي الدخل المحدود، لا يمكنهم توفير متطلبات الشهر دفعة واحدة، وبالتالي يقومون بشراء السلع على فترات متقطعة كل أسبوعين أو عشرة أيام.

ويضيف عبد الباقي: "رغم الركود الحالي، إلا أنه يصعب تصريف البضائع عبر خفض الأسعار، لأن البضائع الموجودة تم شراؤها بسعر قديم مرتفع ولا مجال لبيعها من دون استرداد قيمتها".

ويتابع أن المصانع ومراكز التوزيع والوكلاء لم تخفض أسعارها، رغم أن هذا الخفض من مصلحة السوق الذي يعاني من الركود وعدم القدرة على تصريف المنتجات، مشيرا إلى أن تحسين سعر صرف الجنيه لم ينعكس بعد على الأسواق.

وعقب انخفاض سعر الدولار قبل نحو أسبوعين، توقّع خبراء اقتصاد تراجع أسعار السلع بذات المقدار، وهو ما لم يحدث، وفق إيناس إبراهيم، الخبيرة الاقتصادية، التي أشارت إلى وجود عوامل أخرى تعزز من عدم خفض أسعار السلع، منها تقاعس الجهات المختصة عن القيام بدورها، خاصة وزارة التجارة، في مراقبة الأسواق.

وتقول إبراهيم، لـ"العربي الجديد"، إنه لابد من قيام السلطات في الولايات والمحليات بإعداد خطط تمكن من إيصال السلع الاستهلاكية للمواطنين بأسعار مناسبة، وأن تحد من الفوضى والتضارب في تسعيرة السلعة الواحدة بين متجر وآخر، لافتة إلى أن السياسات الاقتصادية التي تم تطبيقها في السنوات الأخيرة تسببت في خلل كبير يعاني منه المواطن حالياً.

وتعهد المجلس العسكري بإنهاء أزمات الخبز والوقود والسيولة النقدية المستمرة منذ أكثر من عام، بينما يؤكد مواطنون أن الأزمات لا تزال باقية.
وفي 11 إبريل/نيسان الجاري، عزل الجيش السوداني البشير من الرئاسة، بعد ثلاثة عقود من حكمه البلاد، على وقع احتجاجات شعبية متواصلة منذ نهاية العام الماضي.

وشكل الجيش مجلسا عسكريا انتقاليا، وحدد مدة حكمه بعامين، وسط محاولات للتوصل إلى تفاهم مع أحزاب وقوى المعارضة بشأن إدارة المرحلة المقبلة.

ويعاني السودان من تراجع العديد من القطاعات الاقتصادية، وتدهور البنى التحتية، وعجز في الموازنة، وارتفاع معدلات التضخم والديون.

وأظهرت بيانات رسمية أن إجمالي الدين الخارجي للدولة يبلغ نحو 58 مليار دولار، النسبة الأكبر منه فوائد وغرامات تأخير. 

ووفق البيانات الواردة في تقرير مشترك بين البنك الدولي ووزارة المالية والتخطيط الاقتصادي، أوردته وكالة الأنباء السودانية "سونا" يوم الأحد الماضي، فإن أصل الدين الخارجي يتراوح بين 17 و18 مليار دولار، والمتبقي من إجمالي الدين بنسبة 85 في المائة عبارة عن فوائد وجزاءات، بدأت في التراكم منذ عام 1958.

المساهمون