"كروت شحن" كهرباء العدادات الذكية، أثارت غضب ملايين المصريين، خلال الأيام الماضية، بعدما اكتشف الأهالي من خلال الشكاوى التي تقدموا بها إلى الجهات المسؤولة، أنّ تلك العدادات تعمل حتى مع انقطاع التيار الكهربائي، والنتيجة نفاد رصيد العدادات الذكية خلال أيام معدودة.
وكانت شركات الكهرباء بعدد من الأحياء والمدن المصرية، قد قامت بتغيير عدد من العدادات الكهربائية القديمة، واستبدالها بما يسمى بـ"العداد الذكي"، وتم بالفعل تركيب ما يقرب من 7 ملايين عداد.
ويعتمد العداد الذكي على شراء كروت تراوح سعرها ما بين 100 و200 و300 جنيه لمواجهة مشاكل عدم ذهاب المحصل لقراءة العداد كل شهر، إلا أنّ الأهالي اكتشفوا أنّ النظام الجديد أسوأ؛ نظراً لزيادة تكلفة الشحن والأخطاء الجسيمة بتلك العدادات، مطالبين بسرعة العودة إلى النظام القديم.
في المقابل، ترفض شركات توزيع الكهرباء التغيير وتصر على النظام الحديث، لذا يتحسر أصحاب الشقق في المناطق الجديدة وبعض العقارات من نظام "الممارسة" الذي كان معمولاً به من قبل، والذي يقوم على دفع ما بين 150 و200 جنيه شهرياً.
ورغم نفي وزارة الكهرباء المصرية، عدم فرض رسوم على تغيير عدادات الكهرباء القديمة بأخرى ذكية، وإلزام الأهالي بدفع الرسوم عند التركيب، إلا أنّ الواقع يؤكد غير ذلك، حيث طلبت شركات الكهرباء الموجودة بالأحياء من كل مواطن يتم تغيير العداد الخاص به دفع 1500 جنيه مصروفات إدارية، وهناك بعض الجهات التابعة لوزارة الكهرباء قامت بتقسيط المبلغ ما بين 3 و4 أشهر.
أخطاء فادحة
وكشف مسؤول بإحدى شركات الكهرباء الموجودة بأحد الأحياء، مفضلاً عدم الكشف عن هويته لـ"العربي الجديد"، أنّ الشاكين يأتون من خلفيات اجتماعية واقتصادية مختلفة، وبعضهم موظفون حصلوا على إجازات أو أذون انصراف مبكر كي يتسنى لهم القدوم لشركة الكهرباء لتقديم الشكوى، وبعضهم من كبار سن إلى جانب بعض السيدات.
وأشار إلى أنّ "هناك حالة من الغضب وسط الأهالي بسبب فاتورة الكهرباء وأسعارها الجنونية، والتي باتت لا تناسب دخل الأسر"، مؤكداً أنّ "هناك أخطاء فادحة في العدادات الجديدة بعضها يعمل وبعضها معطل، والأهالي في حالة يرثى لها، دون أي تدخل من الجهات المسؤولة لحل مشاكلهم".
وبحسب المسؤول الذي رفض ذكر اسمه، فإنّ "كروت الكهرباء" تباع في فروع شركات الكهرباء حتى السابعة مساءً، والبعض يلجأ حال انقطاع الكهرباء إلى "شركات الفوري" الأغلى سعراً، لتضاف ضغوط اقتصادية جديدة، نافياً ما تؤكده الحكومة من عدم الحصول على أموال عند تغير العداد القديم بالحديث.
وعبّر مواطنون مصريون من مناطق مختلفة، عن آرائهم تجاه تطبيق منظومة الكارت الجديدة بدلاً من العداد القديم، حيث قال ممدوح أحمد وهو موظف بالقطاع الخاص، لـ"العربي الجديد": "قمت بشحن العداد بمبلغ 100 جنيه من يومين، وبعد 48 ساعة فوجئت بانقطاع التيار".
وبدوره، قال عماد كريم وهو موظف: "قمت بشحن كارت العداد بـ100 جنيه وفوجئت بأن العداد به 6 جنيهات فقط بعد أسبوع".
وتابع لـ"العربي الجديد": "استهلاكي للكهرباء قليل، وما حدث معي هو أنني يجب أن أشحن بأكثر من 400 جنيه حتى أكمل الشهر"، متسائلاً: "أين يذهب رصيدي؟"، مضيفاً: "الحكومة تسرقنا في كل أمور حياتنا".
ولفتت هدى عبد الفتاح موظفة قطاع خاص، إلى أنّها أبلغت شركة الكهرباء بأنّ العداد الخاص بها لا يعمل، وبعد 6 أشهر تم استبدال العداد بـ"العداد الذكي"، وقالت: "فوجئت بأن الشركة طلبت 1500 جنيه".
وأضافت لـ"العربي الجديد": "نظراً للظروف العائلية تم تقسيط المبلغ على ثلاثة شهور، والمفاجأة الثانية أنّ العداد الجديد لا يقبل كارت الشحن وعشنا ساعات في الظلام، وفوجئت بموظف الكهرباء أن طالبني بسرقة التيار من خلال إحضار كهربائي، وعندما استفسرت منه عن مخاطر الأمر، قال لي أنا المسؤول"، وتابعت: "منذ شهر وأنا أقوم بإنارة منزلي بدون أي عداد، وأخشى من تغريمي بأموال باهظة".
وفي السياق، قال أحمد عبد العاطي وهو عامل، لـ"العربي الجديد": "أتردد يومياً على شركة الكهرباء بسبب أزمة كارت الشحن، لكن لا أحد يعرف شيئاً، فالأرصدة تنسحب واستهلاكنا ثابت".
وأشار ناصر دياب يعمل في مهن حرة، لـ"العربي الجديد"، إلى أنّ "مشكلة نفاد رصيد الكارت الذكي مشكلة كل بيت في مصر"، مبيناً: "كان معي في العداد 8 جنيهات وشحنت بـ100 جنيه وأنا واقف جنب العداد لقيت الرصيد 48 جنيها من غير استهلاك".
وتابع: "عندما أبلغت الموظف قال لي لا نعرف شيئاً عن العدادات الجديدة، وأرسلني للمدير وتبين أن هناك ضرائب يتم خصمها مباشرة عقب الشحن".
ويرى فتحي حسين وهو سائق، لـ"العربي الجديد"، أنّ "ما تقوم به الكهرباء من أساليب الهدف منه تحجيم المواطن البسيط، وإجباره على استخدام عدد معين من الكيلو وات".
ومع تنامي مشاكل المواطنين، طالب عدد من نواب البرلمان، وزارة الكهرباء بسرعة التدخل لحل أزمة "عدادات الكهرباء الذكية"، حيث أكدت النائبة إيمان خضر، أنّ "تلك العدادات بها أخطاء جسيمة تكلف الشخص أموالًا طائلة من خلال كروت الشحن والعدادات المعطلة"، مطالبة بـ"ضرورة معالجة الأخطاء قبل تعميم التجربة على مستوى جميع المحافظات".