أقالت شركة بوينغ، عملاق الطيران الأميركي، يوم الاثنين، رئيسها التنفيذي، دينيس مويلنبيرغ، بعد فترة عصيبة واجهت خلالها الشركة سلسلة من المشاكل والاخفاقات والخسائر المادية، على رأسها حادثان قاتلان لطائرات 737 ماكس.
وأعلنت بوينغ تولي رئيس مجلس الإدارة ديفيد كالهون منصب الرئيس التنفيذي للشركة اعتباراً من 13 يناير/كانون الثاني 2020.
"إقالة دينيس مويلنبورغ كانت منتظرة منذ فترة طويلة"، كما قال رئيس لجنة النقل في الكونغرس، بينر دي فازيو، والذي أكد أن مويلنبيرغ "بإدارته اتخذت المجموعة التي تثير الإعجاب منذ زمن طويل، قرارات مدمرة توحي بأن تحقيق الأرباح أهم من السلامة".
وتأتي إطاحة بوينغ برئيسها التنفيذي مويلنبيرغ في إطار مسعى لأكبر صانع للطائرات في العالم للسيطرة على أزمة متصاعدة تسببت في وقف إنتاج طائرتها الأفضل مبيعا 737 ماكس في أعقاب حادثي تحطم أوديا بحياة 346 شخصا، وتراجع كبير في الأرباح بسبب إلغاء صفقات شراء طائرات بوينغ وعلى رأسها 737 ماكس، كما تأتي الإقالة في الوقت الذي تواجه فيه الشركة الأميركية منافسة شرسة من قبل "إيرباص" عملاق الطيران الأوروبي.
ويأتي عزل الرئيس التنفيذي لبوينغ بينما تواجه الشركة صعوبة في إصلاح علاقاتها المتوترة أصلا مع الهيئات التنظيمية خاصة داخل الولايات المتحدة والتي تحتاج للحصول على موافقتها لعودة طائرات 737 إلى العمل مجددا، كما تسعى لاستعادة ثقة الركاب والعملاء من شركات الطيران حول العالم.
وقالت بوينغ في بيان صحافي صدر الاثنين إن مجلس إدارتها قرر فصل مويلنبيرغ، لأن العملاء والمنظمين لم يعودوا يثقون في قرارات الشركة، مضيفة أن تغيير القيادة "كان ضرورياً لاستعادة الثقة في الشركة، بينما تعمل على إصلاح العلاقات مع الجهات التنظيمية والعملاء وجميع أصحاب المصلحة الآخرين".
ووفقاً لشخص مطلّع على قرار مجلس إدارة شركة الطيران، فإن مويلنبيرغ أُبلغ مساء يوم الأحد بأن بوينغ ستطلب منه الاستقالة حسب تقرير لشبكة "سي إن إن" الأميركية.
وأصبح مويلنبيرغ، الذي يبلغ من العمر 55 عاماً، الرئيس التنفيذي لأكبر شركة طيران في العالم في يوليو/تموز 2015، وشغل سابقاً منصب رئيس مجلس الإدارة، إلّا أنه تخلى عن المنصب في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وعمل مويلنبيرغ في بوينغ بعدد من القطاعات والادارات المختلفة منذ العام 1985.
ويعمل الرئيس التنفيذي المقبل للشركة، ديفيد كالهون، في مجلس إدارة بوينغ منذ العام 2009، كما شغل أيضاً منصب مدير إداري أول في مجموعة بلاكستون، وشغل سابقاً منصب رئيس مجلس الإدارة والرئيس التنفيذي لشركة "نيلسن" القابضة.
وفي نهاية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي كشفت صحيفة لوموند الفرنسية تفاصيل جلسة مساءلة دينيس مويلنبيرغ أمام لجنة تابعة لمجلس الشيوخ الأميركي، وكيف أنه تعرض لـ"معاملة قاسية" في الكونغرس، حيث شهدت الجلسة انتقادا قاسياً من جانب برلمانيين من الحزبين الجمهوري والديمقوراطي هاجموا بشدة شركة بوينغ المصنعة للطائرات، بل واتهموا مويلنبيرغ بإرسال ركاب على متن طائرتي 737 ماكس مملوكتين لشركتي ليون إير الإندونيسية والخطوط الجوية الإثيوبية في "توابيت طائرة".
وقتها قال مويلنبيرغ خلال الجلسة إن "شركتي وأنا مسؤولان وندرك أن علينا أن نتحسن"، مؤكدا أنه يتعلم الدروس من هذه الأخطاء المفجعة وأنه مستعد لأن تتم "محاسبته"، لكنه لم يذهب إلى حد الاستقالة وقتها أو حتى التلويح بها.
وبنبرة ندم، حاول مويلنبيرغ ومنذ الدقائق الأولى للجلسة تقديم نوع من الاعتراف والاعتذار لاستمالة الأعضاء وامتصاص غضبهم، لكن خطته الدفاعية سرعان ما فشلت عندما طرح عليه أول سؤال وكان متعلقاً برسائل بريد بعثها مارك فوركنر، أحد طياري الشركة، إلى زميل له بشأن مشاكل طائرات "737 ماكس".
وعُلّقت طائرة بوينغ 737 ماكس، التي كانت تصنف على أنها الطائرة التجارية الأكثر مبيعاً للشركة، في جميع أنحاء العالم في مارس/آذار 2019 بعد حادثين قاتلين أوديا بحياة 346 شخصاً. ولا تزال الطائرة معلقة وممنوعة من السفر، رغم الجهود الكبيرة التي بذلتها بوينغ مع الهيئات التنظيمية للحصول على موافقة للطيران.
كما فقدت بوينغ أيضاً ثقة المشرعين بها، لا سيما بعد أن أدلى موظف سابق بشهادته أمام الكونغرس في مطلع هذا الشهر، قائلاً إن الشركة تجاهلت مخاوف تتعلق بالسلامة عند تصنيع 737 ماكس، بالإضافة إلى تلميح أحد المبلغين عن المخالفات أن عملاقة الطيران الأميركي تعاني من مشكلة ثقافية حيث تخاطر بالجودة لتوفير التكاليف وترتكب أخطاء في الإنتاج.
وأعلنت بوينغ قبل أيام إنها ستعلق إنتاج طائرات 737 ماكس ابتداء من يناير/كانون الثاني 2020، رغم أنها كانت قد استمرت سابقاً في إنتاج الطائرة رغم تعليق رحلاتها، إلّا أن عدم اليقين بشأن موعد قيام الهيئات التنظيمية الفيدرالية بالسماح للطائرات بالتحليق جعل إكمال إنتاجها غير ممكن.