غسل الأموال في بنوك أوروبية يكشف خللاً في الرقابة

23 سبتمبر 2018
مقر مصرف "دانسك" في كوبنهاغن (Getty)
+ الخط -

يظهر الكشف المتكرر لحالات تبييض الأموال أو أوجه التقصير في القطاع المصرفي الأوروبي، نقاط الضعف والخلل في آليات الرقابة الحالية التي تفرض عقوبات بشكل غير متسق في أوروبا.

في الدنمارك التي تعد مثالا تقليديا لانخفاض معدلات الفساد، يغرق البنك الأكبر في هذا البلد في قضية فساد مدوية؛ فبين عامي 2007 و2015 مرّ نحو 200 مليار يورو من خلال الفرع الإستوني لبنك "دانسك" من خلال حسابات 15 ألفا من الزبائن الأجانب.

وعدت عشرات المليارات من هذه الأموال مشبوهة، لأن مصدرها روسيا بشكل رئيسي. وقدم رئيس مجلس إدارة المصرف استقالته الأربعاء، فيما أقر البنك بـ"معرفة أن بعض أصحاب الحسابات في الفرع الإستوني كانوا يشكلون مخاطر كبيرة".

ويبدو أن القضية التي بدأت النيابة العامة المالية في كوبنهاغن وهيئة الأسواق المالية الدنماركية التحقيق فيها، مرشحة لتعم أماكن أخرى مع إعلان وكالة مكافحة الجريمة البريطانية الجمعة أنها تحقق في تورط إحدى شركات المملكة المتحدة.

والربيع الماضي، كان بنك "بيلاتوس" المالطي في خضم الممارسات الخطأ التي كشفتها الصحافية دافني كاروانا غاليزيا، التي تم اغتيالها في أكتوبر/ تشرين الأول، إثر تجميد معاملاته بعد اعتقال رئيسه في الولايات المتحدة.


وقبل شهرين، أعلن البنك المركزي الأوروبي إفلاس ثالث أكبر بنك في ليتوانيا "أيه.بي.إل.في" الذي تدهور وضعه بشكل حاد بعد اتهامات وجهتها واشنطن بتبييض الأموال.

تقول لور بريو، خبيرة مكافحة تبييض الأموال في منظمة الشفافية الدولية في الاتحاد الأوروبي: "إنه مؤشر جيد أن تظهر هذه الحالات إلى العلن، لكن ما يقلقنا هو أن الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة التي تبلغنا هذه المشكلات. هذا يشكل مصدر قلق حقيقي لأوروبا".

مشكلات التنسيق والتعاون

يكمن جوهر المشكلة في كيفية إقرار الدول الأعضاء النظم الأوروبية في مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب.

وتقول إيميلي ليغرو، المسؤولة عن مسائل المواءمة لدى شركة الاستشارات "مازارز"، إن من المفترض "أن ينسق تطبيق هذا النص الممارسات داخل أوروبا، لكن تبقى هناك اختلافات مع تبديل القانون المحلي في مختلف البلدان".

وأضافت: "تقوم بعض البلدان بنقل التوجيهات الأوروبية بشكل نظري للغاية، وتطبق مفهوم (نسخ ولصق) للتوجيهات، فيما البعض الآخر، مثل فرنسا، ينقلها بطريقة عملانية للغاية".

في أعقاب الأزمة المالية عام 2008، قام الاتحاد الأوروبي بتشديد الرقابة المصرفية من خلال إسنادها إلى البنك المركزي الأوروبي، لكن ليست هناك هيئة تشرف على تنسيق ينظم مكافحة تبييض الأموال في القطاع المالي.

وتوضح بريو من جهتها، أن "المشكلة الأولى تأتي من تطبيق القواعد والنظم، ثم من متابعة الاتحاد الأوروبي الذي يجب أن يضمن تحويلها رسميا إلى قانون، لكن أيضا تطبيق هذا القانون بشكل جيد بعد ذلك".

وعلى وجه التحديد، يتعين على المصارف إجراء عمليات التحقق من هويات زبائنها والإبلاغ عن حالات غير عادية للسلطات، سواء كانت رقابة مصرفية أو استخبارات مالية.

وعلى رغم ذلك، هناك "تباين واسع" في الكشف عن الحالات "الشاذة من البنوك سواء في العقوبات أو عمليات الرقابة التي يقوم بها المشرفون"، بحسب بريو.

وإذا كانت مالطا وليتوانيا، حيث تم تعليق مهام حاكم مصرفها المركزي ووجهت إليه تهم الفساد، وإستونيا أو قبرص بين الدول التي ترصدها هيئة مكافحة تبييض الأموال، فإن إسبانيا مع "كايشابنك" وهولندا مع "آي.إن.جي" بنك لم تكونا في منأى.

والأسبوع الماضي، أعلن "آي.إن.جي" إقالة مديره المالي بعد إبرام اتفاقية مع السلطات الهولندية تنص على دفع 775 مليون يورو لتسوية قضية سوء استخدام الحسابات بين عامي 2010 و2016.

وتابعت بريو: "لذا، هناك مشكلات على مستويات عديدة من التعاون بين الهيئات المحلية على المستوى الوطني، لكن أيضا مشكلة التعاون والتنسيق بين المستويين الأوروبي والوطني".
في مواجهة نقاط الضعف هذه، أعلنت المفوضية الأوروبية منتصف سبتمبر/ أيلول تعزيز صلاحيات الهيئة المصرفية الأوروبية التي تأسست عام 2010 لتنظيم عمل المصارف.

ومن المحتمل تعزيز صلاحيات هذه الهيئة التي سينتقل مقرها من لندن إلى باريس، من أجل ضمان مراقبة أكثر فاعلية في مكافحة تبييض الأموال.

(فرانس برس)
المساهمون