احتفلت الحكومة اللبنانية من خلال وزير المالية علي حسن خليل بإقرار مشروع موازنة العام 2019، يوم الإثنين، مع خفض العجز بنسبة 7.59 في المائة، من خلال القيام بإجراءات تقشفية، اعتبرها رئيس الحكومة سعد الحريري "الأقسى في تاريخ لبنان".
إلا أن التمحيص في بنود الموازنة، يظهر أن قساوة الموازنة تنصب حصراً على المواطنين، من خلال زيادة الضرائب والرسوم، وكذا الاقتطاع من مكتسبات الموظفين وحقوقهم.
في المقابل، تصبح الموازنة "التقشفية" ليّنة، حين تصل إلى مكامن الفساد والهدر، إن كان فيما يتعلق بالاستيلاء على الأملاك العامة البحرية (من دون التطرق للأملاك النهرية وسكك الحديد).
في البنود المرتبطة بالضرائب على الفوائد المصرفية التي لم تعرف أي نوع من التصاعد. في التهرب الضريبي والتهريب عبر الحدود.
في آلاف التوظيفات السياسية في القطاع العام. من دون إغفال مكافأة الشركات والمؤسسات التي لم تدفع الرسوم والضرائب للدولة، بتسويات وتخفيضات ضخمة على الغرامات، وصلت إلى 85 في المائة... كل ذلك، ويبقى مشروع إعادة هيكلة الديون اللبنانية، من خلال خفض نسبة الفوائد على السندات، بعيداً عن بنود "الإصلاحات".
اقــرأ أيضاً
وفي حين تأخر إقرار الموازنة سبعة أشهر تقريباً، يضاف إليها توقعات حكومية بمناقشة برلمانية للموازنة تمتد شهراً، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء الأربعاء النيابي إن "المجلس سيقوم بواجباته ويمارس دوره كاملاً في درس الموازنة، وإن النقاش سيأخذ مداه"، ما فسره عدد من المتابعين بمزيد من التأخير في عملية إقرار الموازنة.
ويأتي هذا التصريح في ظل جنون فعلي يعيشه لبنان من خلال تزاوج السلطتين التشريعية والتنفيذية. إذ بعد إقرار الموازنة الإثنين، خرج عدد من الوزراء الموزعين على الأحزاب المسيطرة على مفاصل الحكم في البلد، ليؤكدوا رفضهم لعدد من بنود الموازنة التي ساهموا بأنفسهم في إقرارها.
ومن حزب الله إلى الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر وحركة أمل والقوات اللبنانية وتيار المستقبل، توالت "الوعود" بالاعتراض على العديد من بنود الموازنة، ولكن من خلال ممثلي أحزابهم في البرلمان.
وتأتي الموازنة وأرقامها، في أجواء تشكيك واسعة النطاق ترتبط بقدرة الحكومة اللبنانية على تحقيق خفض العجز في نهاية العام الحالي.
واستغرب اقتصادي بارز في لبنان (فضل عدم ذكر اسمه)، المطالبات برؤية اقتصادية للموازنة "في حين أن سياسات الحكومة تعطي فكرة واضحة عن مشروعها الاقتصادي".
هل ستقنع هذه الموازنة وتقديراتها الدول المانحة في مؤتمر "سيدر" لإقراض لبنان ما يصل إلى 12 مليار دولار عبر مشاريع استثمارية مباشرة؟ ورأى الخبير الاقتصادي أن قرارات الجهات المانحة فيها شق سياسي، وبالتالي لا يمكن توقع موقفها.
وأكد أن سياسات الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان ستزيد من المخاطر المالية، وفي النهاية سيكون هناك تأثيرات على الليرة.
وشدد على أن لا شيء مستحيل في الاقتصاد، ولكن بشرط السير بسياسات صحيحة، وهذا الأمر غير منظور في بنود هذه الموازنة، كونها لم تمس بخفض الإنفاق على ما يطاول "مخصصاتهم"، من الأملاك البحرية والكسارات والتهريب والتوظيفات السياسات في القطاع العام وغيره.
وحين الدخول إلى تفاصيل الموازنة، يتبين أنه تم تقدير إيرادات لا تتعدى 100 مليون دولار من تسويات الاستيلاء على الأملاك العامة البحرية مثلاً، الذي تتورط بها غالبية الأحزاب المسيطرة على السلطة، هذا من دون التطرق إلى الأملاك غير "المحتلة" من قبل النافذين وغير المرخصة، ولا إلى الأملاك النهرية. علماً أن العديد من الدراسات أكدت أن تسوية هذا الملف وحده تضمن إيرادات تتعدى المليار دولار.
كذا، لم يرد موضوع معالجة التهرب الضريبي في باب الإيرادات، والذي قدر النائب السابق عن كتلة المستقبل البرلمانية سيرج طورساركيسيان، في العام 2017، أن حجم التهرب يصل إلى أكثر من ملياري دولار، في حين قدر تقرير لبنك عودة في العام 2018 كلفة التهرب الجمركي بـ500 مليون دولار، ولا المعابر غير الشرعية البالغ عددها 136 معبراً.
وأيضاً، لم توقف الموازنة الإنفاق على الصناديق غير المجدية. وبطبيعة الحال، لم يتم إدراج أي بند يرتبط بخفض خدمة الدين العام من خلال هيكلة الدين وفوائده الباهظة...
وعلّق وزير الشباب والرياضة محمد فنيش في حديث مع "العربي الجديد"، أن عدم إدراج التهرب والمعابر غير الشرعية يعود إلى الحاجة لإجراءات ومتابعات خارج جلسات الموازنة.
واعتبر أن ترقب عائدات بقيمة 150 مليار ليرة (100 مليون دولار) من المخالفات على الأملاك البحرية جيد، بعدما لم يقترب أي طرف من الجهات المتعدية على الأملاك العامة منذ العام 1992.
وفيما يتعلق بالتخفيضات على الغرامات المستحقة بسبب عدم دفع عدد من الشركات والمؤسسات الرسوم والضرائب للدولة، لفت إلى أن هدفها تحصيل الإيرادات من المكلفين "مع أنني مع وضع حد لموضوع خفض الغرامات، فإما إعادة النظر بقيمة الغرامة وإما تحصيلها".
ورداً على التقارير الدولية التي استبعدت قدرة الحكومة على خفض العجز حتى 7.59 في المائة، قال فنيش إن الرقم واقعي، وخصوصاً أن وزير المال خفّض النفقات قبل مناقشات الموازنة. وماذا عن الركود المرتقب؟ اعتبر فنيش أن التعويل هو على الإنفاق من خارج الموازنة، أي تعهدات "سيدر" وقروض أخرى غير منفذة قيمتها حوالي 3 مليارات دولار.
وفي حين سجل اعتراضه على زيادة رسم على الاستيراد بقيمة 2 في المائة، ولفت إلى أن هذا الأمر سيتم طرحه في البرلمان، برر فنيش عدم التشبث برأيه في عدم تمرير هذا البند على طاولة مجلس الوزراء بـ"عدم رغبتنا في المناكفة".
من جهته، اعتبر وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية، حسن مراد في حديث مع "العربي الجديد"، أن الموازنة ليست "شعبية"، وكان من المتوقع ان تكون بنودها "قاسية".
وشرح أن المؤسسات الدولية "تضغط علينا للقيام بالمزيد من إجراءات التقشف، ولكن من الصعب القيام بذلك". ماذا عن ملاحظاته على بعض بنود الموازنة؟ اعتبر مراد أنه لا تستهويه زيادة الأعباء على الناس بدلاً من توجيهها إلى قطاعات أخرى "ولكنني لم أطرح ملاحظاتي في مجلس الوزراء وسأعرضها أمام مجلس النواب". أما فيما يتعلق بمِنح "سيدر"، فقال: "لدي تحفظات، إذ إنني لا أقبل بوضع شروط مقابل الهبات".
وكانت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيفات الائتمانية أصدرت الثلاثاء تقريراً أكدت فيه أن خطة موازنة لبنان لخفض العجز المالي هذا العام قد لا تكون كافية لاستعادة الثقة التي تضررت في البلد المثقل بالديون.
وقالت محللة لبنان الرئيسية لدى ستاندرد آند بورز ذهبية سليم جوبتا إن "الإعلان عن خفض العجز إلى 7.6 في المائة من أكثر من 11 في المائة العام الماضي قد لا يكون كافيا في حد ذاته لتحسين ثقة المودعين والمستثمرين غير المقيمين، والتي تراجعت في الأشهر الأخيرة".
وأضافت أن "تقديراتنا تشير إلى عجز مالي في 2019 عند حوالي عشرة في المائة، مع ارتفاع نسبة الدين العام للبنان لتتجاوز 160 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2022 من 143 في المائة في 2018".
وقال نسيب غبرييل كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس اللبناني في مقابلة مع "رويترز" أمس الأربعاء إن "الهدف هو تخفيض العجز بالموازنة، من 11.5 في المائة من الناتج المحلي في 2018 إلى 7.5 في المائة في 2019.
ولكن هذه الموازنة لم تخفض النفقات بشكل جدي وبالعمق واعتمدت بشكل أساسي على زيادة الضرائب".
ورجح أن يكون هنالك "تأثير سلبي على مدخول شرائح متعددة من المجتمع اللبناني، وتالياً على الاستهلاك، ما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الانكماش الاقتصادي خصوصا أنه في العام 2018، كانت نسبة النمو فقط 0.4 في المائة". واعتبر غبرييل أن "ضريبة الاثنين في المائة على الاستيراد، في ظل استمرار التهريب عبر الحدود، ستزيد من معدل الأخير، كما ستؤدي من دون شك إلى ضغوط تضخمية وإلى غلاء في الأسعار".
اقــرأ أيضاً
واعتبر فاروق سوسة الخبير الاقتصادي المعني بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى بنك غولدمان ساكس أن "الاختبار الرئيسي لهذه الموازنة يتمثل فيما إذا كانت تستطيع تعزيز ثقة السوق وجذب تدفقات جديدة من العملة الصعبة، تشتد حاجة لبنان إليها لسد فجوة التمويل الخارجي الكبيرة. حتى الآن، لا توجد دلائل تذكر على ذلك".
وأشار سوسة إلى أن الحكومة استهدفت عجزا في ميزانية 2018 عند 8.4 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، لكن العجز بلغ 11.5 في المائة في نهاية المطاف.
وأضاف سوسة أنه يتمسك بتوقعه وصول العجز إلى 9.4 في المائة لعام 2019 "في ضوء سجل الحكومة الضعيف في تحقيق أهدافها... وحقيقة أنه من المستبعد إقرار الموازنة قبل مضي شهر آخر، ليكون نصف السنة المالية تقريبا قد انقضى".
وقالت علياء مبيض العضو المنتدب في بنك الاستثمار الأميركي جيفريز إن أهداف الميزانية تفتقر إلى الواقعية، في ضوء التوقعات المتفائلة للإيرادات التي تتجاهل التأثير الركودي للإجراءات وتخفيضات الإنفاق الرأسمالي.
وأضافت أن الحكومة لم تجرِ إصلاحات هيكلية مهمة. وتابعت: "نعتقد أنه من المستبعد انخفاض العجز الكلي دون تسعة إلى 9.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي".
في حين علّق جيسون توفي من كابيتال إيكونومكس قائلاً: "يكافحون لتحقيق التقشف، وفي نهاية المطاف، ستكون هناك حاجة إلى نوع من إعادة هيكلة الدين في العامين المقبلين".
إلا أن التمحيص في بنود الموازنة، يظهر أن قساوة الموازنة تنصب حصراً على المواطنين، من خلال زيادة الضرائب والرسوم، وكذا الاقتطاع من مكتسبات الموظفين وحقوقهم.
في المقابل، تصبح الموازنة "التقشفية" ليّنة، حين تصل إلى مكامن الفساد والهدر، إن كان فيما يتعلق بالاستيلاء على الأملاك العامة البحرية (من دون التطرق للأملاك النهرية وسكك الحديد).
في البنود المرتبطة بالضرائب على الفوائد المصرفية التي لم تعرف أي نوع من التصاعد. في التهرب الضريبي والتهريب عبر الحدود.
في آلاف التوظيفات السياسية في القطاع العام. من دون إغفال مكافأة الشركات والمؤسسات التي لم تدفع الرسوم والضرائب للدولة، بتسويات وتخفيضات ضخمة على الغرامات، وصلت إلى 85 في المائة... كل ذلك، ويبقى مشروع إعادة هيكلة الديون اللبنانية، من خلال خفض نسبة الفوائد على السندات، بعيداً عن بنود "الإصلاحات".
وفي حين تأخر إقرار الموازنة سبعة أشهر تقريباً، يضاف إليها توقعات حكومية بمناقشة برلمانية للموازنة تمتد شهراً، قال رئيس مجلس النواب نبيه بري في لقاء الأربعاء النيابي إن "المجلس سيقوم بواجباته ويمارس دوره كاملاً في درس الموازنة، وإن النقاش سيأخذ مداه"، ما فسره عدد من المتابعين بمزيد من التأخير في عملية إقرار الموازنة.
ويأتي هذا التصريح في ظل جنون فعلي يعيشه لبنان من خلال تزاوج السلطتين التشريعية والتنفيذية. إذ بعد إقرار الموازنة الإثنين، خرج عدد من الوزراء الموزعين على الأحزاب المسيطرة على مفاصل الحكم في البلد، ليؤكدوا رفضهم لعدد من بنود الموازنة التي ساهموا بأنفسهم في إقرارها.
ومن حزب الله إلى الحزب التقدمي الاشتراكي والتيار الوطني الحر وحركة أمل والقوات اللبنانية وتيار المستقبل، توالت "الوعود" بالاعتراض على العديد من بنود الموازنة، ولكن من خلال ممثلي أحزابهم في البرلمان.
وتأتي الموازنة وأرقامها، في أجواء تشكيك واسعة النطاق ترتبط بقدرة الحكومة اللبنانية على تحقيق خفض العجز في نهاية العام الحالي.
واستغرب اقتصادي بارز في لبنان (فضل عدم ذكر اسمه)، المطالبات برؤية اقتصادية للموازنة "في حين أن سياسات الحكومة تعطي فكرة واضحة عن مشروعها الاقتصادي".
ويشرح أن "هم الوزراء خفض العجز لتفادي الانهيار المالي، عبر تحصيل إيرادات بسرعة، من خلال الضرائب والرسوم، من دون أي اكتراث بتأثير هذه الإجراءات على النمو، ومن دون أي خفض فعلي للإنفاق المجبول بالهدر، مع تحميل الطبقة الفقيرة والمتوسطة الأعباء الأساسية".
وأضاف: "هذه الموازنة ستطبق على نصف السنة الحالية بعد تأخير دام حوالي سبعة أشهر من موعد إقرارها الدستوري في نوفمبر/تشرين الثاني، في المقابل فإن العجز خلال الأشهر الستة الأولى من العام مرتفع فعلاً، فكيف يمكن تحقيق رقم 7.59 في المائة؟". هل ستقنع هذه الموازنة وتقديراتها الدول المانحة في مؤتمر "سيدر" لإقراض لبنان ما يصل إلى 12 مليار دولار عبر مشاريع استثمارية مباشرة؟ ورأى الخبير الاقتصادي أن قرارات الجهات المانحة فيها شق سياسي، وبالتالي لا يمكن توقع موقفها.
وأكد أن سياسات الحكومة اللبنانية ومصرف لبنان ستزيد من المخاطر المالية، وفي النهاية سيكون هناك تأثيرات على الليرة.
وشدد على أن لا شيء مستحيل في الاقتصاد، ولكن بشرط السير بسياسات صحيحة، وهذا الأمر غير منظور في بنود هذه الموازنة، كونها لم تمس بخفض الإنفاق على ما يطاول "مخصصاتهم"، من الأملاك البحرية والكسارات والتهريب والتوظيفات السياسات في القطاع العام وغيره.
وحين الدخول إلى تفاصيل الموازنة، يتبين أنه تم تقدير إيرادات لا تتعدى 100 مليون دولار من تسويات الاستيلاء على الأملاك العامة البحرية مثلاً، الذي تتورط بها غالبية الأحزاب المسيطرة على السلطة، هذا من دون التطرق إلى الأملاك غير "المحتلة" من قبل النافذين وغير المرخصة، ولا إلى الأملاك النهرية. علماً أن العديد من الدراسات أكدت أن تسوية هذا الملف وحده تضمن إيرادات تتعدى المليار دولار.
كذا، لم يرد موضوع معالجة التهرب الضريبي في باب الإيرادات، والذي قدر النائب السابق عن كتلة المستقبل البرلمانية سيرج طورساركيسيان، في العام 2017، أن حجم التهرب يصل إلى أكثر من ملياري دولار، في حين قدر تقرير لبنك عودة في العام 2018 كلفة التهرب الجمركي بـ500 مليون دولار، ولا المعابر غير الشرعية البالغ عددها 136 معبراً.
وأيضاً، لم توقف الموازنة الإنفاق على الصناديق غير المجدية. وبطبيعة الحال، لم يتم إدراج أي بند يرتبط بخفض خدمة الدين العام من خلال هيكلة الدين وفوائده الباهظة...
وعلّق وزير الشباب والرياضة محمد فنيش في حديث مع "العربي الجديد"، أن عدم إدراج التهرب والمعابر غير الشرعية يعود إلى الحاجة لإجراءات ومتابعات خارج جلسات الموازنة.
واعتبر أن ترقب عائدات بقيمة 150 مليار ليرة (100 مليون دولار) من المخالفات على الأملاك البحرية جيد، بعدما لم يقترب أي طرف من الجهات المتعدية على الأملاك العامة منذ العام 1992.
وفيما يتعلق بالتخفيضات على الغرامات المستحقة بسبب عدم دفع عدد من الشركات والمؤسسات الرسوم والضرائب للدولة، لفت إلى أن هدفها تحصيل الإيرادات من المكلفين "مع أنني مع وضع حد لموضوع خفض الغرامات، فإما إعادة النظر بقيمة الغرامة وإما تحصيلها".
ورداً على التقارير الدولية التي استبعدت قدرة الحكومة على خفض العجز حتى 7.59 في المائة، قال فنيش إن الرقم واقعي، وخصوصاً أن وزير المال خفّض النفقات قبل مناقشات الموازنة. وماذا عن الركود المرتقب؟ اعتبر فنيش أن التعويل هو على الإنفاق من خارج الموازنة، أي تعهدات "سيدر" وقروض أخرى غير منفذة قيمتها حوالي 3 مليارات دولار.
وفي حين سجل اعتراضه على زيادة رسم على الاستيراد بقيمة 2 في المائة، ولفت إلى أن هذا الأمر سيتم طرحه في البرلمان، برر فنيش عدم التشبث برأيه في عدم تمرير هذا البند على طاولة مجلس الوزراء بـ"عدم رغبتنا في المناكفة".
من جهته، اعتبر وزير الدولة لشؤون التجارة الخارجية، حسن مراد في حديث مع "العربي الجديد"، أن الموازنة ليست "شعبية"، وكان من المتوقع ان تكون بنودها "قاسية".
وشرح أن المؤسسات الدولية "تضغط علينا للقيام بالمزيد من إجراءات التقشف، ولكن من الصعب القيام بذلك". ماذا عن ملاحظاته على بعض بنود الموازنة؟ اعتبر مراد أنه لا تستهويه زيادة الأعباء على الناس بدلاً من توجيهها إلى قطاعات أخرى "ولكنني لم أطرح ملاحظاتي في مجلس الوزراء وسأعرضها أمام مجلس النواب". أما فيما يتعلق بمِنح "سيدر"، فقال: "لدي تحفظات، إذ إنني لا أقبل بوضع شروط مقابل الهبات".
وكانت وكالة ستاندرد آند بورز غلوبال للتصنيفات الائتمانية أصدرت الثلاثاء تقريراً أكدت فيه أن خطة موازنة لبنان لخفض العجز المالي هذا العام قد لا تكون كافية لاستعادة الثقة التي تضررت في البلد المثقل بالديون.
وقالت محللة لبنان الرئيسية لدى ستاندرد آند بورز ذهبية سليم جوبتا إن "الإعلان عن خفض العجز إلى 7.6 في المائة من أكثر من 11 في المائة العام الماضي قد لا يكون كافيا في حد ذاته لتحسين ثقة المودعين والمستثمرين غير المقيمين، والتي تراجعت في الأشهر الأخيرة".
وأضافت أن "تقديراتنا تشير إلى عجز مالي في 2019 عند حوالي عشرة في المائة، مع ارتفاع نسبة الدين العام للبنان لتتجاوز 160 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بحلول 2022 من 143 في المائة في 2018".
وقال نسيب غبرييل كبير الاقتصاديين في بنك بيبلوس اللبناني في مقابلة مع "رويترز" أمس الأربعاء إن "الهدف هو تخفيض العجز بالموازنة، من 11.5 في المائة من الناتج المحلي في 2018 إلى 7.5 في المائة في 2019.
ولكن هذه الموازنة لم تخفض النفقات بشكل جدي وبالعمق واعتمدت بشكل أساسي على زيادة الضرائب".
ورجح أن يكون هنالك "تأثير سلبي على مدخول شرائح متعددة من المجتمع اللبناني، وتالياً على الاستهلاك، ما يمكن أن يؤدي إلى مزيد من الانكماش الاقتصادي خصوصا أنه في العام 2018، كانت نسبة النمو فقط 0.4 في المائة". واعتبر غبرييل أن "ضريبة الاثنين في المائة على الاستيراد، في ظل استمرار التهريب عبر الحدود، ستزيد من معدل الأخير، كما ستؤدي من دون شك إلى ضغوط تضخمية وإلى غلاء في الأسعار".
واعتبر فاروق سوسة الخبير الاقتصادي المعني بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى بنك غولدمان ساكس أن "الاختبار الرئيسي لهذه الموازنة يتمثل فيما إذا كانت تستطيع تعزيز ثقة السوق وجذب تدفقات جديدة من العملة الصعبة، تشتد حاجة لبنان إليها لسد فجوة التمويل الخارجي الكبيرة. حتى الآن، لا توجد دلائل تذكر على ذلك".
وأضاف سوسة أنه يتمسك بتوقعه وصول العجز إلى 9.4 في المائة لعام 2019 "في ضوء سجل الحكومة الضعيف في تحقيق أهدافها... وحقيقة أنه من المستبعد إقرار الموازنة قبل مضي شهر آخر، ليكون نصف السنة المالية تقريبا قد انقضى".
وقالت علياء مبيض العضو المنتدب في بنك الاستثمار الأميركي جيفريز إن أهداف الميزانية تفتقر إلى الواقعية، في ضوء التوقعات المتفائلة للإيرادات التي تتجاهل التأثير الركودي للإجراءات وتخفيضات الإنفاق الرأسمالي.
وأضافت أن الحكومة لم تجرِ إصلاحات هيكلية مهمة. وتابعت: "نعتقد أنه من المستبعد انخفاض العجز الكلي دون تسعة إلى 9.5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي".
في حين علّق جيسون توفي من كابيتال إيكونومكس قائلاً: "يكافحون لتحقيق التقشف، وفي نهاية المطاف، ستكون هناك حاجة إلى نوع من إعادة هيكلة الدين في العامين المقبلين".