نيجيريا تطالب شركات النفط الأجنبية بحصة أكبر من العائدات

10 نوفمبر 2019
حقل نفط في منطقة الدلتا بنيجيريا (Getty)
+ الخط -
أقرت نيجيريا تشريعات جديدة تفرض على الشركات النفطية الأجنبية تقاسماً أفضل للعائدات، في خطوة تشكل، بحسب الرئيس محمد بخاري، "لحظة مفصلية" لأكبر دولة منتجة للنفط في أفريقيا.

وحسب وكالة "فرانس برس"، تؤكد أبوجا، التي تطالب ولو متأخرة، بـ"حصة عادلة" من عائداتها النفطية، أن هذا التعديل سيدر مليارات الدولارات على خزائن الدولة، معتبرة أن ذلك سيشكل تطوراً تاريخياً.

لكن بعض الخبراء يرون في المسعى محاولة لم يتم الإعداد لها جيداً، لتعزيز مالية الدولة في ظروف اقتصادية صعبة، محذرين من مخاطر إبعاد المستثمرين الأجانب.

ويعيد التشريع الجديد صياغة اتفاقات تقاسم الإنتاج ويعدل القانون المتعلق باستخراج النفط في عمق البحر، وهو قانون سار من دون أي تعديل منذ إقراره عام 1993، حين كان نظام عسكري يحكم نيجيريا.

وينص القانون الأصلي على وجوب مراجعة هذه الاتفاقيات بين الدولة وشركات النفط الدولية إذا ما تخطى سعر البرميل عشرين دولاراً.

وبالرغم من تجاوز سعر النفط هذا السقف بفارق كبير خلال السنوات العشرين الماضية، إلا أن صيغة تقاسم العائدات بقيت من دون تعديل.

واتهمت حكومة بخاري الحكومات السابقة بأنها سعت إلى مصالح شخصية، وأبقت القسم الأكبر من العائدات النفطية بأيدي جهات خاصة.

والواقع أن العديد من المسؤولين السياسيين النيجيريين استثمروا في استخراج النفط وتسويقه، لا بل إن بعضهم حصل حتى على تراخيص لحقول نفطية أثناء وجودهم في السلطة.

وهذا الوضع حمل الحكومة على إقرار "نسب رسوم" تتبع تطور سعر النفط، وتصل إلى 10% حين يتخطى السعر 150 دولاراً للبرميل. كما أنه سيتحتم على الشركات النفطية من الآن فصاعداً، تسديد ضريبة ثابتة بنسبة 10% على الحقول النفطية في البحر و7.5% على الحقول النفطية في البر، وذلك على أعماق محددة.

وبحسب الرئاسة، فإن هذه التعديلات ستولد عائدات إضافية لا تقل عن 1.5 مليار دولار بحلول 2021.

إلا أن هذه التوقعات المتفائلة قد تتبدّد إن قررت الشركات الأجنبية الحدّ من استثماراتها في ظل شروط لم تعد مؤاتية لها كما من قبل، مع العلم أن نصف الإنفاق العام مموّل من العائدات النفطية.

وقامت نيجيريا خلال السنوات الأخيرة، ولا سيما في ظل الانكماش الذي شهدته عام 2016، بزيادة الضغط تدريجياً على بعض الشركات العالمية الكبرى التي تستخرج القسم الأكبر من الخام في البلد، مثل شركات شل وإكسون موبيل وشيفرون إيني وتوتال والشركة الوطنية الصينية للنفط البحري (سي إن أو أو سي).

وفي منتصف تشرين الأول/اكتوبر، أثارت الحكومة جدلاً كبيراً بمطالبتها الشركات النفطية المتعددة الجنسيات بـ62 مليار دولار من العائدات الفائتة، معتبرة أنه كان ينبغي أن تتقاضى هذا المبلغ لو تم تعديل القانون في وقت سابق.

وقال ممثل إحدى الشركات النفطية الرئيسية التي أحالت القضية على المحاكم، متحدثاً في ذلك الحين لوكالة فرانس برس، "ليس لدينا أدنى فكرة عن كيفية توصل الحكومة إلى مثل هذا المبلغ".

وإزاء موجة الاستنكار التي قابلت القرار، أقر وزير النفط أنه من غير الواقعي المطالبة بمثل هذا المبلغ، مشيراً في المقابل إلى أنه من الممكن التوصل إلى تسوية بالتراضي.

ورأى خبير الأسواق الناشئة في مكتب شركة "كابيتال إيكونوميكس" في لندن، جون آشبورن، أن "الأزمة المالية التي ترغم نيجيريا الاتحادية على تخصيص جزء متزايد من عائداتها لتسديد دينها" هي من الأسباب التي دفعت نيجيريا إلى مراجعة اتفاق تقاسم الانتاج.

وبالرغم من الاحتياطات الهائلة من النفط والغاز، فإن سكان البلد الأكبر عدداً في إفريقيا يعيشون بمعظمهم في الفقر المدقع بأقل من 1.90 دولار في اليوم.

وارتفعت عدة أصوات منذ مطلع الألفية للمطالبة بتعديل قانون 1993، لكن حتى هذا الأسبوع، كانت كل المحاولات تُعرقل على مستوى البرلمان.

وحذر ممثل عن القطاع النفطي طالباً عدم كشف اسمه، من أن مشروع القانون ينذر بـ"بداية تراجع الاستثمارات في عمق البحر" في نيجيريا. وقال "بدأت الشركات النفطية منذ الآن بسحب استثماراتها من نيجيريا".

وقال خبراء في القطاع النفطي إن عمليات الاستخراج في عرض البحر، ولا سيما في عمق البحار، كلفت حتى الآن مبالغ باهظة جدا، والتعديلات الجديدة قد تنعكس على مردوديتها.

وأوضح جون آشبورن بهذا الصدد، أن "هذه الرسوم الجديدة قد تزيد الكلفة إلى ما فوق عتبة المردودية".

لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن الشركات النفطية تعمد دائما إلى تضخيم العواقب السلبية، حين تواجه زيادة في الرسوم المتوجبة عليها، مضيفا "الشركات تلوح على الدوام بهذا التهديد حين تواجه ضرائب جديدة، لكنها نادرا ما تتخلى عن نشاطاتها".


(فرانس برس)

المساهمون