يثير ارتفاع سعر النفط في السوق الدولية، في سياق التوترات في الشرق الأوسط، تخوفات في المغرب غير المنتج للخام، من تأثيرات سلبية على الاقتصاد، في ظل زيادة مرتقبة لفاتورة الطاقة، ما يؤدي إلى تآكل احتياطي النقد الأجنبي خلال العام الحالي.
ويؤكد مراقبون أنه يمكن الحد من تراجع احتياطي النقد الأجنبي، في حالة زيادة إيرادات السياحة وتحويلات المغتربين وإيرادات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بمستويات جيدة.
ويعتبر الخبير في الطاقة، عمر الفطواكي، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن فاتورة الوقود قد تتأثر بأسعار النفط المكرر الذي تشتريه المملكة، خاصة بعد التوقف عن التكرير محليا عبر مصفاة المحمدية التي أغلقت في ديسمبر/كانون الأول 2015.
ويرى أن المغرب الذي يستورد حاجياته من النفط، مطالب بتكوين مخزون استراتيجي يحميه من التقلبات التي تشهدها السوق الدولية، خاصة في حال نشوب أزمة دولية، كما في منطقة الخليج حاليا.
وارتفع سعر النفط إلى أعلى مستوياته في عدة أسابيع، أمس الإثنين، وسط استمرار التوترات في منطقة الخليج، وبعدما أوضحت منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) أنها ستُبقي على الأرجح على تخفيضات الإنتاج، ما ساعد في دعم الأسعار، وتجاوز خام برنت 73 دولارا للبرميل في التعاملات المبكرة، أمس، بزيادة نحو دولار، بما يعادل أكثر من 1 بالمائة.
ولاحظت وكالة الطاقة الدولية، في تقرير صادر في الأسبوع الماضي، أن المغرب يرتهن بشكل كلّي لواردات الطاقة الأحفورية، بما له من تداعيات على أمن الطاقة والاقتصاد الوطني.
ويستورد المغرب جميع حاجياته من منتجات الطاقة، إذ وصلت فاتورة مشتريات هذه المنتجات إلى 7 مليارات دولار في 2017، وهي الفاتورة التي ارتفعت 18.3 في المائة في العام الماضي، كي تستقر في حدود 8.4 مليارات دولار، حسب بيانات رسمية.
واستقرت مشتريات الطاقة في الثلاثة أشهر الأولى من العام الجاري في حدود 1.84 مليار دولار، بزيادة بنسبة 1 في المائة، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، حسب مكتب الصرف، غير أن استقرار المشتريات قد يرتبك بسبب مستويات الأسعار الدولية مستقبلا.
وتوصي وكالة الطاقة الدولية، في تقريرها، بدعم أمن التزود بالنفط، مشددة على ضرورة استعمال خزانات مصفاة النفط المتوقفة منذ أكثر من ثلاثة أعوام.
وتسجل الوكالة أن مشكلة ضعف التزود بالنفط قد تتفاقم، بسبب عدم احترام شركات توزيع الوقود التزاماتها الخاصة بتخزين منتجات النفط منذ سنوات، خاصة أن المخزون لا يتعدى 30 يوما من الاستهلاك.
ويتصور خبراء في القطاع أن المغرب قد لا يجد نفسه في وضع مريح بسبب المتغيرات الجيوسياسية التي تؤثر على أسعار النفط، علما أنه يستورد حوالي 94% من حاجياته من النفط.
ويتأثر الاقتصاد المغربي بأسعار النفط في السوق الدولية، والتي تبقى رهينة بالأوضاع الجيوسياسية، غير أنها تبقى في الوقت الحالي بالمغرب في المستوى الذي حددته الموازنة المالية للعام الجاري.
ويرتهن الاقتصاد المغربي، بشكل كبير، لتقلبات أسعار البترول التي تؤثر على حجم الواردات، ما ينعكس على رصيد النقد الأجنبي، الذي ينتظر أن يستقر في حدود 25 مليار دولار، كي يغطي في العام الحالي خمسة أشهر من المشتريات من السلع والخدمات من الخارج.
ويرتبط المغرب مع صندوق النقد الدولي بخط سيولة ووقاية، منذ ديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، بقيمة 2.96 مليار دولار، وهو خط أتاحته المؤسسة المالية الدولية للمملكة من أجل مواجهة الصدمات الخارجية.
ويعتبر ذلك الخط الرابع الذي يحصل عليه المغرب من صندوق النقد الدولي، حيث لم يسبق له أن سحب منه، غير أنه يمكن أن يسعف المملكة في حال وصلت أسعار النفط إلى 100 دولار.
وينصح خبراء، بالتحسب لارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية، عبر إبرام عقود تحوط، كما فعل في فترات سابقة عندما وصلت أسعار النفط إلى مستويات جد مرتفعة.
ولا يقتصر تأثير أسعار النفط في السوق الدولية على فاتورة الطاقة، فقد أضحى ذلك يطاول أسعار السولار والبنزين، بعد تحريرها في ديسمبر/كانون الأول 2015، حيث شهدت زيادات متوالية، في وقت لم تصدر بعد الحكومة قرارا بتسقيف أرباح شركات الوقود، كما وعدت بذلك.
وكان الوزير المغربي المكلف بالشؤون العامة والحكامة، لحسن الداودي، أعلن، يوم 23 مارس/آذار الماضي، التوصل إلى اتفاق مع شركات توزيع الوقود، يهدف إلى تحديد أسعارها وهوامش الربح لمدة عام، في خطوة من شأنها الحد من غضب الشارع إزاء رفع الشركات الأسعار بشكل غير مبرر في العديد من المناسبات.