صندوق النقد: البنوك العالمية مهدّدة بأزمة الدولار

14 أكتوبر 2019
إمدادات العملة الأميركية تقلق الاقتصادات الناشئة (Getty)
+ الخط -
كشف صندوق النقد الدولي عن مخاوف من تعرض البنوك العالمية لنقص حاد في إمدادات الدولار على خلفية الإقبال المتزايد على الاقتراض، في الوقت الذي تعاني فيه عمليات التمويل من هشاشة واضحة.
وقال الصندوق في دراسة حديثة: "حين تشتري شركة طيران مكسيكية طائرات برازيلية، فمن المرجح أن تمول عملية الشراء من خلال قرض بالدولار تحصل عليه من بنك غير أميركي، هذا مجرد مثال يوضح الدور الضخم الذي يقوم به الدولار في المعاملات المالية الدولية بين الأطراف المتقابلة على المستوى العالمي".

وأشارت دراسة صندوق النقد إلى تقرير الاستقرار المالي العالمي، الذي أكد مواصلة البنوك غير الأميركية القيام بدور رئيسي في الإقراض بالدولار لمختلف بلدان العالم، إذ ارتفعت أصولها الدولارية بالفعل إلى 12.4 تريليون دولار مع منتصف عام 2018 بعد أن كانت 9.7 تريليونات دولار في 2012، ولا تزال قريبة من مستويات ما قبل الأزمة المالية 2008 كنسبة من أصولها الكلية.
ورغم الإصلاحات التي أجريت بعد الأزمة والتي عززت قوة النظم المصرفية حول العالم، فما زالت البنوك غير الأميركية معرضة لنقص إمدادات الدولار، مما قد ينقل الصدمات إلى اقتصاداتها الوطنية والبلدان التي تقترض منها، حسب الدراسة الصادرة، يوم الجمعة الماضية.

وأوضحت الدراسة، التي أعدها كلاوديو راداتس كيفر، رئيس قسم تحليل الاستقرار المالي العالمي في صندوق النقد، أن تلك البنوك لا يتوافر لها إلا حيز محدود للوصول إلى قاعدة مستقرة من الودائع الدولارية، ومن ثم، يجب أن تعتمد اعتمادا كبيرا على مصادر التمويل قصيرة الأجل وربما الأكثر تقلبا، كالأوراق التجارية والقروض المستمدة من بنوك أخرى.
وإذا كانت هذه المصادر غير كافية، تتحول البنوك غير الأميركية إلى أدوات تُعرف باسم مبادلات العملات الأجنبية، وهي تنطوي على تكلفة أعلى وقد لا يمكن التعويل عليها في أوقات الضغوط.

ويبدو أن نفس السيناريو قد يتكرر؛ عندما وجدت البنوك أنها أمام نقص مفاجئ في الدولار أثناء الأزمة المالية العالمية في الفترة 2007 - 2008، حين أحجمت الشركات المالية الأميركية عن تقديم قروض دولارية لنظيرتها الأجنبية. 
وللحيلولة دون انهيار النظام المالي العالمي، قدم بنك الاحتياطي الفيدرالي، آنذاك، قروضا طارئة تتجاوز قيمتها 500 مليار دولار إلى البنوك المركزية في الخارج، بحيث تستطيع إقراضها بدورها للبنوك المتعطشة للدولارات في بلدها الأم.

واتسعت الفجوة بين الأصول والخصوم المقومة بالدولار في البنوك العالمية إلى نحو 1.4 تريليون دولار، أو 13% من الأصول في 2017، بعد أن كان مقدارها تريليون دولار، أو 10% من الأصول، في منتصف 2008. وهذه الفجوة التي تسمى بفجوة التمويل عبر العملات تعكس مقدار التمويل الذي يتعين إيجاده من خلال أدوات مثل مبادلات العملات الأجنبية، مما يجعل البنوك أكثر تعرضا للخطر.

ووفقا للدراسة، فإن "زيادة تكاليف التمويل الدولاري يمكن أن تنتقل تداعياتها عبر النظام المالي العالمي، ما يرفع من احتمالات تخلف البنوك عن السداد في الاقتصادات التي تعتمد على التمويل الدولاري، مع تعرض مقترضي الأسواق الصاعدة لأكبر المخاطر نظرا لعدم استطاعتهم إيجاد مصادر تمويل بديلة بسهولة. وقد تؤدي هشاشة التمويل بالدولار إلى تضخيم الآثار".
وأصبح الاقتصاد العالمي مهددا بموجة تباطؤ في النمو، ولا سيما الاقتصادات الناشئة التي زادت من قروضها خلال السنوات الأخيرة.

وحسب تقرير سابق لمعهد التمويل الدولي، فقد ارتفع إجمالي ديون الاقتصادات الناشئة الكبيرة في العالم إلى 69.1 تريليون دولار بنهاية الربع الأول من العام الجاري، مقابل 68.9 تريليونا قبل عام.

وفي 9 إبريل/ نيسان الماضي، خفض صندوق النقد توقعات نمو الاقتصاد العالمي في 2019، بنسبة 0.2% عن توقعات يناير/ كانون الثاني الماضي، إلى 3.3%، مقارنة بعام 2018.
وفي 21 مايو/ أيار الماضي، خفّضت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية (OECD) توقعاتها لمعدل نمو الاقتصاد العالمي إلى 3.2% في 2019 و3.4% في 2020. كانت المنظمة قد توقعت تحقيق الاقتصاد العالمي نموا بـ3.4% في 2019 و3.6% في 2020 على التوالي، في توقعات سابقة صادرة في مارس/ آذار الماضي.

المساهمون