يقف أمام مبنى اتحاد الإذاعة والتلفزيون المصري "ماسبيرو"، القريب من ميدان التحرير مترقباً توافد الزبائن لكي يبدأ محاولاته لجذبهم إلى مركبه الصغير مصدر رزقه الوحيد على ضفاف نهر النيل في العاصمة القاهرة.
ويقول صاحب المركب (القارب)، إسلام محمود، لـ"العربي الجديد"، أواصل عملي الذي ينتعش في الأعياد وموسم الصيف رغم التشديدات الأمنية عقب حادث غرق مركب الوراق (غرب العاصمة) الأليم، حيث أعمل من الساعة الرابعة عصراً وحتى السادسة صباحا من كل يوم.
ويحصل العاملون في المراكب النيلية على موافقات من شرطة المسطحات المائية التابعة لوزارة الداخلية المصرية سواء للأفراد أو المراكب، إلا أنه على الرغم من ذلك تتعرض بعض المراكب للغرق بسبب زيادة حمولتها وعدم توافر وسائل الأمان والسلامة في ظل ضعف الرقابة، وكان آخرها غرق مركب الوراق نهاية الأسبوع الماضي الذي راح ضحيته أكثر من 40 مواطناً بعد اصطدامه بلنش بحري.
وقال إسلام إنه خلال الفترة الأخيرة هناك تشديدات أمنية كبيرة على كل العاملين بالمراكب من قبل شرطة المسطحات المائية.
وأضاف: في الرحلة الواحدة يتراوح الدخل بين 150 جنيهاً (الدولار = 7.83 جنيهات) إلى 200 جنيه حسب الراغبين في الاستمتاع بالنيل.
وأكد محمود أن مركبه يقل نحو 30 فرداً في كل رحلة لمدة ساعة على صفحة مياه النيل، تبدأ من ساحل النيل القريب من جزيرة الزمالك الذي يقطنه الأثرياء والشركات الكبرى في مصر إلى منطقة كوبري جامعة القاهرة في الضفة الغربية للنهر.
وقال إن سعر الرحلة للفرد حسب مدى الإقبال من الأفراد، حيث إن زيادة الأعداد تجعلنا نرفع تذكرة الرحلة لأكثر من 10 جنيهات للفرد خلال الساعة وفي حالة عدم الإقبال فإن تكلفة الرحلة لا تزيد عن 5 جنيهات.
وبحسب محمود، هناك بعض الأسر أو أحد الأشخاص وخطيبته يفضلون استقلال مركب خاص، وفي هذه الحالة يصل سعر الرحلة الواحدة لمسافة تمتد نحو 10 كيلومترات إلى أكثر من 100 جنيه. وقال إنه يقوم بحوالي 6 إلى 8 رحلات يومياً، ويعمل على هذه المركب ثلاثة أفراد يتقاسمون الدخل فضلاً عن تكلفة السولار.
اقرأ أيضاً: مخاوف من تلوث مياه النيل بعد غرق مركب فوسفات
وأوضح محمود أن سعر السولار ارتفع من 1.1 جنيه للتر إلى 1.8 جنيه بداية من يوليو/تموز الماضي، ما أثر سلباً على دخل أصحاب المراكب حيث يستهلك المركب نحو 200 جنيه سولار يومياً.
وتعد الفترة الذهبية التي حقق فيها محمود أرباحا تلك التي تلت الانقلاب العسكري في يوليو/تموز 2013، حيث تم فرض حظر تجوال من الساعة السادسة مساء إلى الخامسة فجراً لعدة أسابيع، قائلاً إنه بمجرد حلول الساعة الخامسة والنصف خلال هذه الفترة ترى هناك توقفا لكل شيء في القاهرة وارتباكاً جراء توقف حركة المرور، خاصة المترو، فكنا ننقل الأفراد من التحرير إلى منطقة المعادي بسعر للفرد يصل إلى 10 جنيهات.
وأضاف أنه كان يحقق دخلاً كبيرا للغاية في هذه الفترة حيث لا يجد المواطنون وسيلة غير المراكب للانتقال إلى منطقة المعادي جنوب القاهرة وغيرها.
وقال محمود الذي يبلغ 30 عاماً ولم يكمل تعليمه، خرجت من المدرسة لأني وقتها لم أكن أحب الدرس، وكنت لا أرى فائدة للشهادة الجامعية، لأن الخريجين يجلسون ليل نهار في المقاهي، حسب تعبيره.
وتبلغ البطالة في مصر نحو 12.1% من إجمالي قوة العمل البالغة نحو 27 مليون فرد وفقا لوزارة المالية المصرية وتستهدف خفضها إلى 8% خلال 3 سنوات مقبلة.
وأضاف محمود أنه يعتزم الزواج فى الشتاء المقبل عقب الانتهاء من إعداد المسكن الخاص به في منطقة بولاق القريبة من عمله. وقدر النفقات المالية لإتمام زواجه بأكثر من 30 ألف جنيه.
وقال: لا يمكنني أن أترك عملي في النيل فهو عمل جميل سهل رغم مخاطره، مقارنة بغيره من الأعمال الأخرى الشاقة، إلا أنه يعيب هذا العمل أنه موسمي ويقل الدخل خلال الشتاء كثيرا.
ويرى محمود أن أكثر ما يواجه العاملون في المراكب هي الصورة السيئة عنهم وأنهم مدمنو مخدرات، قائلاً "ليس كل الناس تدمن المخدرات".
وأضاف أن هذه الصورة السيئة تجعل الكثير من الأفراد، خاصة السيدات، يخشون استقلال المراكب النيلية وحدهم خوفاً من التعدي عليهم، وذكر أن كل البيانات الخاصة بالعاملين على هذه المراكب لدى شرطة المسطحات المائية.
وتستعين بعض المراكب بفتيات تؤدي رقصات شعبية لجذب الركاب، خاصة الشباب، حسب محمود.
اقرأ أيضاً: غرق الفوسفات يرفع مبيعات المياه المعدنية 196 مليون دولار