صندوق النقد الدولي يؤكد عدم حاجة تونس لتعويم مفاجئ للعملة الوطنية

23 يناير 2018
واجهت الحكومة ضغوطاً شعبية متزايدة رفضاً للغلاء (Getty)
+ الخط -


اعترف صندوق النقد الدولي بتقديم توصية للحكومة التونسية تقضي بمواصلة تطبيق نظام أكثر مرونة لسعر صرف العملة المحلية حتى تكون انعكاسا للأوضاع الاقتصادية القائمة، إلا أنه شدد على أنه ليس هناك داعٍ لإجراء تصحيح مفاجئ للدينار التونسي، أي تعويم العملة، وأكد الصندوق على أنه لم يوصِ الحكومة برفع أسعار الغذاء أو غاز الطهي كما تردد.

وجدد صندوق النقد الدولي دعمه لبرنامج الإصلاح الاقتصادي في تونس والذي يتضمن إجراءات تقشف لزيادة الإيرادات المحلية وكبح الإنفاق الجاري.

وأشار الصندوق، في بيان له مساء أمس الإثنين، بعنوان "أسئلة وأجوبة عن تونس"، إلى أن الأساس الذي تقوم عليه ميزانية الحكومة لعام 2018 التي يدعمها تتضمن إجراءات "لزيادة الإيرادات الضريبية واحتواء دعم الطاقة والحد من نمو فاتورة أجور القطاع العام وتمويل معاشات التقاعد على أساس مستدام والحفاظ على الاستثمارات العامة عند مستوى عام 2017 كما تتوخى زيادة الإنفاق على البرامج الاجتماعية".  



وفي ما يتعلق بما تردد عن مطالبة صندوق النقد الدولي للحكومة التونسية بتعويم العملة المحلية، قال الصندوق إنه أوصى بمواصلة تطبيق نظام أكثر مرونة لسعر الصرف حتى يكون الدينار انعكاسا للأوضاع الاقتصادية والمالية الأساسية، ومن أجل حماية الاحتياطيات الدولية للبلاد من النقد الأجنبي، مشيرا إلى أنه "ليس هناك داعٍ لإجراء تصحيح مفاجئ، ونحن لم نطلب مثل هذا التصحيح، نظرا لتخفيض سعر العملة أخيرا".

وشدد الصندوق على أن الأولويات لدى السلطات التونسية تتضمن بذل جهود لتعزيز تحصيل الضرائب واسترداد المتأخرات الضريبية، مشيرا إلى الجهود الجارية لتخفيض فاتورة أجور القطاع العام غير المستدامة، والتي تعتبر من أعلى فواتير الأجور على مستوى العالم وتمثل حوالي نصف مصروفات الميزانية الكلية في تونس، وذلك بالاعتماد على نظم المغادرة الطوعية والتقاعد المبكر لموظفي الخدمة المدنية بدلا من التسريح الإجباري.

وأكد الصندوق اتفاقه والسلطات التونسية على أهمية عدم المساس بالأسعار المدعمة للمنتجات الغذائية الأساسية، مع تطبيق آلية تقوم بتعديلات دورية لأسعار ثلاثة أنواع من المحروقات التي يستهلكها الأثرياء في الأساس، إضافة إلى ضرورة اتخاذ مزيد من الخطوات لتعزيز الاستدامة المالية لمعاشات التقاعد والخدمات الصحية، وتحديد المجالات التي تحتاج إلى تحسين العدالة الضريبية لتوزيع عبء الإصلاح بصورة أكثر مساواة، وذلك بزيادة الضرائب المحصلة على المهن الحرة.

ورد الصندوق على ما تردد عن مطالبته للسلطات التونسية بزيادة أسعار المنتجات الغذائية، حيث أكد أنه "لم يوصِ برفع أسعار الغذاء أو غاز الطهي. لكن ما يوصي به دائما هو تطبيق آلية تعديل الأسعار التي اعتمدتها الحكومة في يوليو/ تموز 2016 على أنواع الوقود الثلاثة الأساسية، والتي يتركز مستهلكوها في الطبقات الأغنى".

وأقر الصندوق بأن الإجراءات المطلوبة، ومنها "الزيادات الضريبية وزيادة التحصيل الضريبي، قد تؤدي إلى بعض الضرر على المدى القصير، ولكنها ضرورية لتحقيق الاستقرار والنمو الاقتصاديين".


احتجاجات شعبية وقرارات حكومية

واعتبرت بعض القوى الشعبية والأحزاب المعارضة أن برنامج الإصلاح الاقتصادي التونسي "إملاءات من صندوق النقد الدولي" تم تطبيقها في الموازنة الجديدة لعام 2018.

وأقر البرلمان موازنة جديدة تقدر بنحو 14.55 مليار دولار، تضمنت العديد من الإصلاحات الضريبية التي طاولت الشركات والأشخاص بدأ العمل بها في الأول من يناير/ كانون الثاني الجاري.

ومطلع العام الجديد، شهدت الأسعار في تونس زيادات في العديد من القطاعات، طاولت أساسًا المحروقات، وبطاقات شحن الهواتف، والإنترنت، والعطور، ومواد التجميل، تفعيلًا للإجراءات التي تضمنتها الموازنة.

وواجهت الحكومة ضغوطاً شعبية متزايدة لإحداث تعديلات بالموازنة، واندلعت احتجاجات في عدد من محافظات البلاد أوائل العام الجاري بسبب موجة الغلاء الأخيرة.

من جهتها، قالت الحكومة التونسية في وقت سابق من الشهر الجاري ردا على الاحتجاجات، إنها ستزيد دعمها المالي للأسر الفقيرة ومحدودي الدخل، وقال وزير الشؤون الاجتماعية محمد الطرابلسي، إنها تشمل رفع المساعدات المالية بحوالى 70 مليون دولار إضافية للأسر الفقيرة والمعاشات الضعيفة، وستستفيد نحو 250 ألف أسرة فقيرة من قرار زيادة المساعدات المالية.

وأعلن وزير الصحة، عماد الحمامي، أن العاطلين من العمل سيتمتعون ببطاقة علاج مجاني، فيما تستعد الحكومة لإعلان قرارات أخرى تخص تشغيل الشباب.

كانت الحكومة التونسية قد أعدت برنامجا للإصلاح الاقتصادي يدعمه اتفاق مع الصندوق في إطار "تسهيل الصندوق الممدد". وفي 20 مايو/أيار 2016، وافق المجلس التنفيذي للصندوق على قرض لمدة 4 سنوات بقيمة 2.9 مليار دولار.

وأثناء بعثة ديسمبر/كانون الأول 2017، توصلت السلطات التونسية وفريق الصندوق إلى اتفاق على مستوى الخبراء بشأن السياسات اللازمة لاستكمال المراجعة الثانية لأداء الاقتصاد التونسي في ظل "تسهيل الصندوق الممدد" (EFF). 

ومن المتوقع أن ينظر المجلس التنفيذي في هذه المراجعة خلال الربع الأول من عام 2018. ووفقا للصندوق، فإن "الحكومة حققت تقدما كبيرا على مدار الأشهر الأخيرة".

وتمثلت هذه الإنجازات، وفقا للصندوق، في إقرار قانون مالية الدولة (الموازنة) لعام 2018 واستراتيجية إصلاح الخدمة المدنية بتقليص معدل الزيادة في فاتورة الأجور.

(العربي الجديد)

المساهمون