"التكييش"... ظاهرة جديدة لطلب المال في غزة

14 مايو 2017
المعاملات الجديدة تحمل مخاطر (عبد الحكيم أبو رياش)
+ الخط -

مع دخول الحصار الإسرائيلي المفروض على قطاع غزة عامه الحادي عشر على التوالي، والأزمات المعيشية في القطاع الأكثر كثافة سكانياً، بدت في الآونة الأخيرة ظواهر جديدة في التعاملات التجارية للحصول على السيولة المالية.

ولجأ مئات المواطنين والتجار إلى التعامل بما يعرف بـ"التكييش"، فضلا عن المقايضة، التي عرفت طريقها إلى غزة في ظل ندرة السيولة المالية، رغم الخسائر المالية المترتبة على هذه النوعية من المعاملات.

وساهمت مثل هذه الظواهر وعجز المتعاملين بها، في ارتفاع حالات القضايا الموجودة لدى المحاكم والأجهزة الشرطية، نظراً لعدم مقدرتهم على الالتزام بتعهداتهم في الوقت الذي لا يتجاوز متوسط دخل الفرد اليومي في القطاع نحو دولارين أميركيين.

ويقول ماهر الطباع، مدير العلاقات العامة في الغرفة التجارية في غزة، إن فكرة "التكييش" تقوم على لجوء العديد من المواطنين بشراء سلعة معينة كالسيارات أو الأجهزة الكهربائية والإلكترونية والجوالات بالتقسيط عن طريق الشيكات أو الكمبيالات، ومن ثم بيعها لذات الشركة أو لشركة أخرى أو لأشخاص بأسعار أقل من قيمتها في السوق، ليحصلوا بذلك على سيولة نقدية فورية.

ويوضح الطباع لـ "العربي الجديد" أن سعر البيع النقدي أقل من السعر الحقيقي، ولجأ لها المواطنون نظراً لتدهور الأوضاع الاقتصادية في القطاع وارتفاع معدلات البطالة، الذي يصل إلى 41%، فضلا عن ارتفاع معدلات الفقر وزيادة الأعباء والالتزامات على المواطنين.

ويضيف أن ظاهرة "التكييش" تنتشر في أسواق السيارات، والأجهزة الكهربائية، والأدوات الإلكترونية، وتحمل مخاطر كبيرة على الاقتصاد، وتؤدي إلى تعثر المواطنين وإفلاس التجار.

ويشير الطباع إلى أن هذه الظاهرة أسهمت بشكل واضح في زيادة أعداد الشيكات المرجعة عبر البنوك المحلية في القطاع، نظراً لعدم قدرة أصحابها على التسديد، بسبب الديون المتراكمة، والخسائر في بيع البضائع بسبب التكييش.

وعن ظاهرة المقايضة، يؤكد الطباع أنها موجودة بدرجة أساسية في مجال العقارات والأبراج السكنية، حيث تجري مقايضة الأراضي بشقق سكنية مع منح المقاول المسؤول نصيباً من الشقق، وكذلك الفنيين المشرفين على البناء عليها، بفعل عدم مقدرة صاحبها على البناء لغياب السيولة الكافية.

ويلفت إلى أن انعكاساتها السلبية تعتبر متدنية للغاية كونها تخدم الأطراف العاملة في مجال العقارات والإنشاءات السكينة، بالرغم من كونها تخفف من نسب الأرباح، التي سيتحصل عليها العاملون والمشرفون على المشاريع الإنشائية في قطاع العقارات.

وأسهم الحصار الإسرائيلي، المفروض على القطاع منذ فوز حركة حماس بالانتخابات التشريعية عام 2006، في تردي الأوضاع المعيشية والاقتصادية للسكان وإغلاق العديد من المشاريع والمنشآت الاقتصادية أبوابها بفعل القيود المفروضة وشح الأموال.

ويقول نهاد نشوان، الخبير الاقتصادي، إن بروز ظواهر اقتصادية مثل "التكييش" والمقايضة يرجع إلى ندرة الأموال، بفعل إقصاء القطاع من التسهيلات المقدمة من قبل المصارف وفرض إجراءات مشددة، حيث لم يتجاوز إجمالي الأموال المقدمة للقطاع نحو 600 مليون دولار، مقابل 3 مليارات دولار لمدينة رام الله بالضفة الغربية فقط.

ويضيف نشوان، لـ "العربي الجديد"، أن ظاهرة "التكييش" تعتبر سلبية للغاية، في الوقت الذي لا توجد به أي رقابة من قبل المؤسسات والجهات الحكومية والرسمية على مثل هذه التعاملات، وهو ما أدى لارتفاع القضايا المتعلقة بها بشكل واضح مؤخراً.

ويؤكد الخبير الاقتصادي أن هذه الظاهرة ستساهم في زيادة معاناة الفقراء وثراء الأغنياء بشكل أكبر، حيث ستساهم في تكبد المتعامل بها خسائر مالية كونها ستراكم عليه الديون، وتجعله يحصل على سيولة مالية أقل من سعر السلعة، التي يقوم بشرائها وإعادة بيعها.

ويعزو نشوان أسباب انتشار هذه الظاهرة إلى تفشي البطالة بشكل كبير في صفوف سكان غزة، الذين تجاوز عددهم مليوني مواطن، فضلاً عن القروض والديون الهائلة التي كبلت مختلف الموظفين في القطاع الحكومي التابع للسلطة الفلسطينية.

وكان البنك الدولي قد توقع في تقرير نهاية أبريل/نيسان الماضي، ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الفلسطينيين، إذ إن اقتصادهم يعاني من مصاعب شديدة في خلق الوظائف وخلق فرص مدرّة للدخل بهدف تحسين مستويات المعيشة.

وأوضح التقرير أن معدل البطالة في الضفة وقطاع غزة يقترب من 30%، ويبلغ في صفوف الشباب في قطاع غزة مثلي هذا المستوى.

وقال رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، جمال الخضري، في مؤتمر صحفي في مارس/آذار الماضي، إنّ الآثار الكارثية للحصار الإسرائيلي تتصاعد وتزداد، مشيرا إلى أن سلطات الاحتلال تتحمل مسؤولية الأوضاع الكارثية المتفاقمة.

وأكد الخضري ضرورة ممارسة المجتمع الدولي ضغطا حقيقيا على إسرائيل لإنهاء هذا الوضع، الذي جعل أكثر من 80% يعيشون تحت خط الفقر، فيما ينضاف أكثر من ربع مليون عامل إلى صفوف العاطلين.

المساهمون