أخيراً، تحرك المرتفع الجوي الذي كان يحول دون المغرب والأمطار، فأفسح المجال لأمطار رفعت معنويات المغاربة، لما حملته من بشريات في عام تلوح فيه نذر الجفاف بالمملكة التي تشكل الزراعة 15% من ناتجها الإجمالي المحلي.
وتبشر مديرية الأرصاد الجوية بتساقطات مطرية وثلوج، بين الخميس والسبت، من الأسبوع الجاري، بعدما عرفت العديد من المناطق هطول أمطار منذ السبت وإلى أمس الثلاثاء.
وتعتبر هذه المرة الأولى منذ أكثر من ثلاثة أشهر التي يعرف فيها المغرب هطول الأمطار، بعد أن تجهزت السلطات العمومية والمزارعون لسنة جافة، بدت نذرها في العديد من المناطق الزراعية والنائية.
وذهب المندوب السامي في التخطيط، أحمد الحليمي، أخيراً، إلى أن التساقطات المطرية تصنف الموسم الحالي من ضمن الأعوام الأكثر جفافاً التي عرفها المغرب، علماً أن العام الماضي ساعدت فيها تلك التساقطات على تحقيق موسم زراعي استثنائي.
وعمت الأمطار الأخيرة العديد من المناطق الزراعية، إلا أن من المزارعين من يعتقدون أن انخفاض درجات الحرارة، يفرض أن تكون غزيرة حتى يتم تدارك جزء مما فات منذ بداية الموسم الزراعي الحالي.
ويذهب عمار محمد من منطقة الشاوية، إلى أن التساقطات المطرية الأخيرة، لن تساعد على إنقاذ زراعة الحبوب، لأن زراعتها وتشكلها يتم في الخريف، غير أن تأخر التساقطات المطرية، دفع إلى التخلي عنها في العديد من المناطق.
وكانت التوقعات ذهبت إلى أن تراجع محصول الحبوب، سيكون كبيراً في العام الجاري، فقد توقعت المندوبية السامية للتخطيط، أن يصل إلى 40 مليون قنطار، مقابل محصول قياسي بلغ 115 مليون قنطار في العام الماضي.
وإذا كانت التساقطات المطرية، لن تساهم كثيراً في إنعاش زراعة الحبوب، إلا أن محمد الحريزي، المزارع بمنطقة الشاوية، يؤكد أنها ستساعد على دفع المزارعين إلى الشروع في الزراعات الربيعية.
اقرأ أيضاً: الأمطار تتسبّب في تضارب النموّ في المغرب
ويشير إلى أن هذه التساقطات، إذا ما استمرت في الأسابيع المقبلة، ستساعد على توفير ظروف حسنة لزراعة العدس والحمص ومختلف الزراعات الأخرى، الربيعية، ما سيساعد المزارعين على تعويض جزء مما فقدوه بسبب تأخر الأمطار عن الحبوب.
ولم يُخف منتجو الحمضيات، في الفترة الأخيرة، تخوفهم من تأثير تأخر الأمطار على منتج العام المقبل، خصوصاً أن منطقة سوس ماسة، التي تعتبر أكبر مصدر للحمضيات في المملكة، وهي منطقة تعاني من نقص حاد في المياه، كما توضح الجمعية المغربية لمنتجي الحوامض.
ويعتبر محمد الحريزي، أن هذه التساقطات المطرية، تأتي أهميتها بشكل خاص من دورها في تحسين المراعي، حيث سيعدل عدد من مربي المواشي عن نواياهم في بيعها، لأنهم كانوا يخشون ارتفاع أسعار الكلأ بسبب الجفاف.
ويشدد حسن بنحمو، من المنطقة الجبلية توبقال، على أن الأمطار، وخصوصاً الثلوج التي تتوقعها الأرصاد الجوية، إذا ما استمرت على الأقل في الشهر المقبل، ستساعد على استئصال التخوفات حول الموارد المائية في المناطق النائية، والتي ظهرت بشكل قوي مع تأخر الأمطار.
وكان تأخر الأمطار دفع الحكومة المغربية إلى تبني مخطط لمواجهة آثار الجفاف، حيث وعدت المزارعين بتخصيص دعم في حدود 450 مليون دولار.
واستجابت الحكومة لانتظارات المزارعين، بالإعلان عن تدابير لدعمهم، حيث التزمت ضمان تزويد القرى البعيدة والمعزولة بالماء الصالح للشرب عند الحاجة، علماً أنه إذا تأخرت التساقطات المطرية ستعاني العديد من المناطق النائية من ضعف المتوفر من المياه.
والتزمت باتخاذ تدابير لحماية الثروة الحيوانية، عبر توفير الكلأ، والمياه للمواشي، والمتابعة الصحية لقطعان الماشية، والعمل على العناية بالمواد النباتية، من خلال صيانة الزراعات التي تندرج ضمن الزراعة التضامنية، أي تلك التي تهم المزارعين الصغار الذين عمدوا إلى تحويل الأراضي الزراعية إلى إنتاجات ذات قيمة مضافة مرتفعة.
وتعتبر المندوبية السامية للتخطيط، أن النتائج المتواضعة للقطاعات غير الزراعية، التي ستنمو بنحو 2.2%، لن تتمكن من تعويض الانخفاض الكبير للأنشطة الزراعية.
والشهر الماضي، حثت وزارة الفلاحة والصيد البحري المغربية شركات التأمين المحلية على المساهمة في تأمين الأراضي الزراعية في ظل التقلبات المناخية التي ينتظر أن تصبح أكثر تواتراً في الأعوام المقبلة.
وجهت وزارة الفلاحة والصيد البحري، خطاباً إلى الفيدرالية المغربية لشركات التأمين وإعادة التأمين، من أجل تذكيرها أن التأمين الزراعي مفتوح أمام جميع شركات التأمين المحلية.
اقرأ أيضاً:
المركزي المغربي يدفع المصارف لزيادة القروض العقارية
المغرب يقر خطة لمواجهة الجفاف