قبل ساعات من لقاءٍ معهم لبحث كيفية توفير التمويل اللازم لتجديد البنية التحتية، حث الرئيس الأميركي دونالد ترامب قيادات الكونغرس من الحزب الديمقراطي على سرعة الموافقة على التعديلات التي تم إدخالها على اتفاقية التجارة الحرة لدول أميركا الشمالية، المعروفة باسم نافتا، من أجل إتمام الإقرار النهائي للاتفاقية الجديدة.
وأرسل ترامب يوم الثلاثاء خطاباً إلى زعيمة الأغلبية بمجلس النواب نانسي بيلوسي، وزعيم الأقلية بمجلس الشيوخ تاشك شومر، أكد فيه ضرورة موافقة الكونغرس على الاتفاقية الجديدة المعروفة باسم يو اس ام سي ايه USMCA، قبل التطرق إلى موضوع حزمة الإنفاق المطلوبة للبنية التحتية.
وفي بيان مرسل للصحافيين، يوم الثلاثاء، قال البيت الأبيض إن "الرئيس دونالد ترامب أوفى بواحدٍ من أهم وعوده للناخبين حينما انضم إلى زعماء كل من كندا والمكسيك لتوقيع اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA)، لتحل محل اتفاقية نافتا التي عفا عليها الزمن". وقال ترامب عن الاتفاقية الجديدة "باختصار، هذه اتفاقية نموذجية تغير مشهد التجارة إلى الأبد، وهي تفيد أولاً وقبل أي شيء العمال".
وانضم العديد من قيادات الحزب الجمهوري لترامب في ضغطه على الكونغرس لإقرار الاتفاقية. وأكد النائبان كيفين برادي من ولاية تكساس، وستيف سكاليس من ولاية لويزيانا، أن "الولايات المتحدة ستخسر المزيد من الوظائف، والمزيد من المشترين للبضائع التي صنعت في أميركا، واقتصاداً أقوى، إن لم يوافق مجلس النواب على اتفاقية التجارة المعدلة مع المكسيك وكندا".
وقدمت العديد من جماعات الضغط الأميركية دعمها للرئيس الأميركي، إذ قالت ليندا ديمبسي، نائبة رئيس الاتحاد الوطني للمصنعين لشؤون الاقتصاد الدولي، إن "تمرير هذه الاتفاقية هو أمر مهم جداً لقطاع التصنيع بالولايات المتحدة، إذ تعد كندا والمكسيك أهم شركائنا التجاريين".
واعتبر الاتحاد أن الاتفاقية الجديدة مهمة جداً للمصنعين في كل ولاية من الولايات المتحدة الأميركية، مشيراً إلى أن "كندا والمكسيك تشتريان معاً خمس الناتج الصناعي الأميركي الإجمالي، وهو أكثر مما تشتريه الإحدى عشرة دولة التالية لهما في الترتيب مجتمعة"، ومؤكداً أن "هذه الصادرات تدعم مليوني وظيفة في قطاع التصنيع الأميركي، ونحو 43 ألف شركة أميركية صغيرة ومتوسطة الحجم".
ويوم الاثنين قال مايك بنس، نائب الرئيس الأميركي، للعمال في جاكسونفيل بولاية فلوريدا، "لن نسمح بعد الآن لاتفاقية قديمة بالإضرار بمصالح المصنعين أو المزارعين الأميركيين". وسمحت اتفاقية نافتا، التي تم إلغاؤها، لبعض البلدان، وعلى رأسها الصين بطبيعة الحال، بالتلاعب بالقواعد، عن طريق شحن منتجاتها إلى المكسيك أو كندا، لإعادة تصديرها إلى الولايات المتحدة، بدون تحميلها تعريفات جمركية. ويقول بنس "هذه الأيام انتهت".
ويوم الجمعة الماضي، أعلن ترامب أن إدارته توصلت إلى اتفاق مع كندا والمكسيك يسمح بإعفائهما من التعريفات المقررة على واردات بلاده من الصلب والألومنيوم، في خطوة توقع كثيرون أن تزيل واحدة من أهم العقبات على طريق إتمام إقرار اتفاقية التجارة الأميركية المكسيكية الكندية، التي بدأت المفاوضات الخاصة بها العام الماضي، لتحل محل اتفاقية نافتا المبرمة بين الدول الثلاث.
ونص الاتفاق أيضاً على قيام الدولتين بإلغاء التعريفات الانتقامية التي كانتا قد فرضتاها على المنتجات الأميركية، وقال ترامب "توصلنا لاتفاق مع كندا والمكسيك، وسنبيع منتجاتنا في هذين البلدين، بدون فرض تعريفات".
وفي لحظة لافتة، يحاول ترامب الضغط على قيادات الحزب الديمقراطي لتمرير الاتفاق في الكونغرس، مستغلاً تحمسهم لحزمة الإنفاق الموجهة لمشروعات البنية التحتية، والتي يعترض عليها العديد من قيادات حزبه الجمهوري. ويرى المعترضون أن التمويل المطلوب لتلك المشروعات، لم يتم الاتفاق على مصدره حتى الآن، الأمر الذي تسبب في ترددهم في الموافقة على خطة "تفاقم العجز الفيدرالي وتزيد من اعتماد حكومات الولايات على الحكومة الفيدرالية".
وفي إبريل/ نيسان الماضي، اجتمع ترامب بقيادات الحزب الديمقراطي في البيت الأبيض، من دون توجيه دعوة الحضور لأي من أعضاء الحزب الجمهوري، ليعلن بعد الاجتماع اتفاقه معهم على السعي للحصول على حزمة بقيمة تريليوني دولار للإنفاق على البنية التحتية.
ويدعم ترامب وفريقه الاقتصادي، بصفة عامة، زيادة الإنفاق الحكومي، من أجل تنشيط الأسواق، لحين استجابة البنك الفيدرالي لطلباته المتكررة بتخفيض معدلات الفائدة على الدولار، وهو ما يراه أمراً ضرورياً لدفع مؤشرات الأسهم الأميركية إلى أعلى، باعتبارها أهم مؤشرات نجاح سياساته الاقتصادية، من وجهة نظره بالطبع.
وتم الاتفاق على تعديل اتفاقية التجارة الحرة، بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، العام الماضي، ووقعه قادتهم في نوفمبر/ تشرين الثاني، قبل أن يتم وضع اللمسات النهائية له نهاية الأسبوع الماضي، إلا أنه ما زال يحتاج إلى تصديق من المجالس التشريعية للدول الثلاث ليصبح ساري المفعول.
ويقول ترامب إن "الصفقة ستعزز فرص العمل وتفيد المزارعين وعمال التصنيع (في الولايات المتحدة)"، إلا أنه من الواضح أن الطريق لن يكون ممهداً أمامها للحصول على موافقة الكونغرس.
وأشارت بيلوسي، وغيرها من قيادات حزبها، إلى أنهم لن يسمحوا بالتصويت على الاتفاق بدون فرض قواعد جديدة، تضمن تعزيز حقوق العمال في المكسيك. ويرى الديمقراطيون أن نقص ضمانات حماية العمال هناك يضر فرص العمل للعمال الأميركيين، ويخفض من أجورهم.