ترسل الحكومة المصرية هذه الأيام إشارات إلى صندوق النقد الدولي مفادها بأنها ماضية في تطبيق الإصلاحات الاقتصادية العنيفة التي التزمت بها منذ شهر نوفمبر 2016، وأنها سترفع أسعار الوقود والكهرباء والرسوم وغيرها كما وعدت، وستخفّض الدعم الحكومي المقدم للسلع والخدمات الأساسية.
كما تؤكد من خلال الإشارات التي تبعث بها إلى الصندوق أن تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية وفقدانها 35% من قيمتها خلال شهرين لن يثنيها عن المضي قدماً في تنفيذ وعودها التي قطعتها على نفسها قبل أكثر من عامين، وأن التظاهرات العارمة في فرنسا والسودان وقبلهما الأردن لن تدفع الحكومة نحو تأجيل الإجراءات التقشفية.
وتؤكد الحكومة أيضاً أن الإصلاحات لا تزال تحظى بدعم رسمي قوى رغم حنق الرأي العام على السياسات الاقتصادية الحكومية التي أفقرت المصريين و"عرًت" الطبقة المتوسطة وألقت بالملايين منهم في أتون الفقر المدقع والحرمان.
وتكثف الحكومة حالياً من إرسال هذه الإشارات بهدف إقناع المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي بتمرير الشريحة الخامسة من قرضه البالغة قيمتها ملياري دولار والتي كان من المقرر صرفها في النصف الثاني من الشهر الجاري، إلا أن المجلس أجّل النظر في الطلب المصري لفترة ما بعد أعياد الميلاد بسبب خلافات "طفيفة" بين الطرفين، وطلب الحكومة تأجيل تطبيق بعض الإجراءات التقشفية المطلوبة بسبب تظاهرات السودان وقبلها فرنسا.
من أبرز الإشارات الصادرة هذه الأيام عن الحكومة إعلان وزير الكهرباء محمد شاكر أن الحكومة ماضية في تحرير أسعار الكهرباء وزيادة الفواتير في شهر يوليو/تموز المقبل على الرغم من تراجع أسعار الوقود والمشتقات البترولية وهو العنصر الأهم في تكلفة إنتاج الكهرباء.
ومن الإشارات كذلك التلويح بالاستمرار في تطبيق سياسة زيادة أسعار البنزين والسولار والغاز، والسير في خطة تحرير أسعار الوقود، على أن يتم في بداية العام المقبل التحرير الجزئي للأسعار، عبر تطبيق التسعير الآلي لبنزين 95 كمرحلة أولى، وقد مهّد مجلس الوزراء للخطوة، إذ شكّل مجموعة عمل فنية تسمى لجنة "متابعة تطبيق آلية التسعير التلقائي للمواد البترولية" تضم ممثلين من وزارتي البترول والمالية والهيئة العامة للبترول.
ومن بين الإشارات تحرير سعر الدولار الجمركي وزيادة السعر من 16 إلى 18 جنيها، وزيادة أسعار الأدوية الحكومية، وإسناد إدارة بعض المجمعات الاستهلاكية للقطاع الخاص، والتلويح بزيادة أسعار المترو مطلع العام مع افتتاح المرحلة الجديدة من مترو أنفاق القاهرة، وكذلك الإسراع في برنامج الخصخصة حيث سيتم طرح ما لا يقل عن أربع شركات عامة في البورصة قبل منتصف يونيو/حزيران 2019، على أن تكون البداية بأكبر شركة لإنتاج التبغ في منطقة الشرق الأوسط وهي الشرقية للدخان، وتصفية بعض الشركات ومنها القومية للإسمنت، وهناك حديث عن خصخصة المرافق، وتحرير أسعار تذاكر القطارات وغيرها.
أما بالنسبة لملف موظفي الدولة، فقد جددت الحكومة على لسان وزير المالية، محمد معيط، تأكيدها أنها لن تستطيع توفير فرص عمل جديدة أمام الخريجين، كون الجهاز الإداري للدولة يضم حالياً نحو خمسة ملايين موظف، ولا يجد الكثير منهم مقاعد للجلوس عليها في المكاتب.