دعم اتحاد العمال لرجال الأعمال يثير غضب الجزائريين

25 يوليو 2017
مظاهرة عمالية سابقة احتجاجاً على الأوضاع المعيشية (Getty)
+ الخط -
أثار تخندق الاتحاد العام للعمال الجزائريين مع "الكارتل المالي" في الصراع الذي يخوضونه ضد رئيس الوزراء عبد المجيد تبون، غضباً واسعاً، إذ تساءلت قيادات عمالية حول الدوافع التي جعلت أقدم وأكبر نقابة عمالية في الجزائر تقف مع رجال الأعمال ضد السلطة لأول مرة منذ إنشائها قبل أكثر من نصف قرن، في مقابل إهمال مهمتها الأساسية بالدفاع عن حقوق العمال والسعي إلى تحسين أوضاعهم المعيشية.

وفاجأ اتحاد العمال الجزائريين، الذي يضم أكثر من 30 فرعا نقابيا ممثلة لنحو 900 ألف عامل، الجميع، حين ظهر توقيع أمينه العام المثير للجدل، عبد المجيد سيدي السعيد، الأسبوع الماضي، في البيان الذي أصدره أكبر تكتل لرجال الأعمال في البلاد "منتدى رؤساء المؤسسات" رفقة 7 منظمات لأرباب العمل، تدين فيها طرد رئيس الوزراء الجزائري لرجل الأعمال ورئيس المنتدى، علي حداد، يوم السبت 15 يوليو/تموز، من المدرسة العليا للضمان الاجتماعي، حينما كان يستعد تبون للإشراف على حفل لتخريج الطلبة.
وفجّرت هذه الخطوة العديد من ردود الأفعال وسط الطبقة السياسية والعمالية، التي لم تسبق لها أن رأت في تاريخ الجزائر نقابة عمالية يسارية تساند رجل أعمال رأس ماليا بحجم علي حداد، صاحب ثاني ثروة في الجزائر يقدر حجمها بـ1.2 مليار دولار.

وفي هذا السياق، يقول الخبير الاقتصادي إسماعيل لالماس، لـ"العربي الجديد"، إن "تحالف النقابات مع رجال الأعمال وأرباب العمل لا يحدث إلا في الجزائر، وليست هذه المرة الأولى التي يعلن فيها اتحاد العمال الجزائريين مساندته للكارتل المالي، فقبل 6 أشهر وخلال اجتماع الحكومة الأخير مع منظمات أرباب العمل والاتحاد، طلب الأمين العام للمركزية النقابية، عبد المجيد سيدي السعيد، من رئيس الوزراء السابق أن يساند رجل الأعمال علي حداد، من خلال منحه المزيد من التسهيلات والمزايا الاستثمارية، في حين لم يتكلم نفس المتحدث ولو لدقيقة عن العمال المكلف أصلا بتمثيلهم".

وأضاف لالماس أن "المركزية النقابية تحولت من جهاز لدعم السلطة الحاكمة إلى جهاز يدعم رجال الأعمال، حيث اجتمعت الأضداد بكونه تكتلا "يساريا" تاريخيا يدعم من يصفهم اليساريون بـ"الأوليغارشية". ويقول المتحدث نفسه إن "الخطأ الذي وقع فيه الأمين العام للاتحاد هو تخندقه مع رجال الأعمال من دون استشارة العمال وقياداتهم، ما سيجعله في عين الإعصار خلال الأيام المقبلة".
ورأى الاتحاد العام للعمال الجزائريين النور في 24 فبراير/شباط عام 1956 أثناء "الثورة الجزائرية" ضد المستعمر الفرنسي، حيث كان ممثلا للعمال الجزائريين ويساعد "جبهة التحرير الوطني" من خلال جمع تبرعات العمال، وبعد الاستقلال تحوّل الاتحاد إلى جهاز تابع إلى حزب "جبهة التحرير الوطني" حتى إقرار التعددية الحزبية والإعلامية والنقابية في الجزائر، ثم عاش الاتحاد شكلا من الحرية في اتخاذ القرار منذ سنة 1990 مع وصول عبد الحق بن حمودة إلى الأمانة العامة وحتى تعرّضه إلى عملية قتل من طرف الجماعات الإرهابية شتاء 1997، ليدخل بعدها الاتحاد في طريق آخر مع وصول عبد المجيد سيدي السعيد إلى رئاسة المركزية النقابية.

وقال رئيس نقابة الجمارك، أحمد بدوي، إن "الاتحاد حاد عن مساره الطبيعي منذ وصول سيدي السعيد إلى رئاسته، حيث بدأ يتودد لأصحاب القرار، وسرعان ما عرض الأمين العام الذي لا يزال على رأس الاتحاد للعهدة الرابعة خدماته على الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة".
وأضاف بدوي، وهو قيادي منشق عن المركزية النقابية، لـ"العربي الجديد"، "منذ 1999 تحوّل الاتحاد من الخط اليساري إلى أقصى اليمين اقتصاديا، وإلى لجنة مسانِدة للحكومة والسلطة الحاكمة سياسيا، وهو أمر مناف لقانون النقابات الذي يمنعها من ممارسة السياسة، إذ ساند الاتحاد الرئيس بوتفليقة في انتخابات 1999 و2004 و2009 و2014، كما ساند الاتحاد كل القوانين التي جاءت بها حكومات بوتفليقة، في مقدمتها قانون خصخصة المؤسسات سنة 2002 الذي كنا ننتظر رفضه من طرف الاتحاد".

وخلّفت سياسة الاتحاد العام للعمال الجزائريين، فراغا كبيرا وسط الطبقة العمالية، ما دفع نقابيين إلى الانشقاق وتأسيس نقابات مستقلة أصبحت هي الناطقة باسم العمال الجزائريين.
وفي المقابل، قال القيادي في الاتحاد العام للعمال، أحمد قطيش، لـ"العربي الجديد"، إن "الجميع يرى في مساندتنا للسلطة والحكومة جريمة، نعم نحن نساند الحكومة ومؤسسات الدولة الجزائرية من دون شروط، ونحن لا نتوقع أن تضحي السلطة الحاكمة بالعمال".
وأضاف أن "دعم المستثمرين الوطنيين الذين يخلقون الثروة ومناصب شغل لا يعد انحرافا عن المسار الذي وضعه الرجال الذين أسسوا الاتحاد، فنحن ندعم كل من يخلق مناصب شغل ويحمي الاقتصاد الوطني".



المساهمون