ارتفاع الأسعار يؤرق الإيرانيين ودعوات لحملة مقاطعة

18 يونيو 2018
حملات لمقاطعة السلع الأجنبية في إيران(عطا كيناري/فرانس برس)
+ الخط -

شهد الإيرانيون خلال الأيام القليلة الماضية ارتفاعا في أسعار بعض السلع الأساسية، وعلى رأسها المواد الغذائية، وبحسب تقرير للمصرف المركزي قارن بين أسعار المواد في الوقت الراهن وخلال الأسبوع الماضي، فإن سعر الألبان قد زاد بنسبة 1%، كما ارتفع سعر البيض بنسبة 2%، وقيمة الفاكهة بـ 6.9%، والخضر 2%، والزيت النباتي بمعدل 2.2%، أما الأرز فحافظ على سعره خلال ذات الفترة، بينما شهدت أسعار الحبوب ارتفاعا نسبيا هي الأخرى.

وفي التقرير، أوضح المصرف المركزي الإيراني أن أسعار الوقت الحالي، مقارنة بذات الفترة العام الفائت قد ارتفعت بشكل كبير، فارتفع سعر البيض مثلا بما يزيد عن 50%، وارتفعت قيمة اللحم الأحمر بنسبة 22.7%، إضافة لارتفاع بنسبة 17.4% للفاكهة.

تزامن ذلك مع ارتفاع آخر في أسعار السيارات، سواء المستوردة من الخارج أم المحلية الصنع، كما يأتي ذلك، وسط تدهور في سعر صرف العملة الإيرانية أمام الدولار الأميركي إذ انخفضت كثيراً الشهر الماضي، وخاصة بعد انسحاب أميركا من الاتفاق النووي، ومازالت غالبية محال الصرافة ترفض تبديل العملة الإيرانية إلى الدولار، رغم أن المصرف المركزي حدد في وقت سابق سعر 4200 تومان للدولار الواحد، لكن البعض في السوق يصرفون الدولار بأعلى من هذا الرقم بكثير، وقد بلغ السعر التقريبي اليوم الاثنين 6900 تومان.

وفي السياق، أرجع الصحفي المتخصص بالشؤون الاقتصادية في صحيفة "شرق" الإيرانية مهدي رحمانيان هذا الارتفاع، إلى أسباب خارجية بشكل رئيس، وترتبط بانسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي مع إيران في مايو/أيار الفائت، ما سيعيد فرض العقوبات على البلاد خلال فترة أقصاها شهران، وهو ما جعل العوامل النفسية والتخوف من التبعات القادمة، يؤثر على مؤشرات السوق.

وأوضح في تصريحٍ لـ"العربي الجديد" أن طهران تنتظر عودة العقوبات في الوقت الراهن، وهو ما تسبب بانهيار سعر الصرف، وكون بعض البضائع تدخل إلى البلاد كواردات، أثر ذلك على أسعارها بالدولار، وهو ما أدى لارتفاعها في سوق الداخل.

أما بالنسبة للبضائع المنتجة محليا، فرأى كذلك أنها تتأثر بأسعار الصرف، وبالتخبط والتخوف من عودة العقوبات، معتبراً أن استمرار ذلك يعتمد على إجراءات الحكومة الإيرانية ونتائج حوارها مع الأطراف الباقية في الاتفاق وعلى رأسها الأوروبية، متوقعاً استمرار تذبذب الأسعار حتى الشهرين القادمين وإلى حين معرفة نتائج هذا الحوار، وما إن كانت ستعطي هذه الأطراف الضمانات اللازمة لإيران لكي تحقق مكتسباتها الاقتصادية من الاتفاق بعد انسحاب واشنطن منه، بما يقنعها بالبقاء فيه والاستمرار بالتزامها بالتعهدات النووية.

كما توقع رحمانيان ألا يحمل ارتفاع الأسعار في الفترة الراهنة تبعات كبرى في المستقبل القريب، لكن استمرار ذلك على المدى البعيد سيترك تبعات بلا شك، قائلا إنها ستكون تبعات ثقيلة وعلى الحكومة أن تتخذ إجراءات للتحكم بالأسعار، حتى لا يزيد التضخم الاقتصادي كثيرا.

دعوات للمقاطعة

وفي رد فعل إيراني على ما يجري، انطلقت حملة على مواقع التواصل الاجتماعي وخاصة على موقع إنستغرام كونه غير محظور في إيران، ويستخدمه كثيرون بسهولة، عنوانها بالفارسية "من نميخرم" وتعني بالعربية "أنا لن أشتري"، وأطلقها لاعب كرة القدم الإيراني علي كريمي على صفحته يوم أمس الأحد، وطلب من الإيرانيين المشاركة في حملة مقاطعة وعدم شراء الذهب أو السيارات أو أي سلع ارتفعت أسعارها بشكل كبير لشهر كامل.

وذكر كريمي أن على الإيرانيين أن يقوموا بخطوات كما شعوب الدول الأخرى، ليجبروا التجار أو من يرفعون الأسعار على عدم القيام بذلك، وبالفعل لاقت الدعوة إقبالا من كثيرين بدأوا بنشر ذات الكلام على صفحاتهم.



بدورها، قالت ترابي فرد وهي أم عاملة، إن حملة المقاطعة ضرورية، لكن هذا لا يمكن أن يشمل السلع الغذائية الرئيسة بسبب الحاجة الملحة إليها، وتخوفت من ارتفاع الأسعار أكثر من ذلك، فهذا سيعيد الأجواء الاقتصادية إلى ما كانت عليه البلاد في زمن العقوبات النووية المشددة.

أما نويد حسيني فقال إن أسعار النقل عبر المواصلات العامة قد ارتفعت كثيرا في الفترة الأخيرة وبقرار رسمي، وأشار من ناحية ثانية إلى أن هناك أمورا على الحكومة أن تتعامل معها، من قبيل ضبط السوق السوداء التي تزيد الطين بلة.

وعود الحكومة

إلى ذلك، عقد الرئيس الإيراني حسن روحاني اجتماعا حكوميا اليوم الاثنين بحث سبل ضبط السوق، بحضور المسؤولين المعنيين، ونقلت عنه الوكالات الإيرانية قوله إن الحكومة ستؤمن كل البضائع اللازمة وستضخ العملة الصعبة، فمن غير المفترض أن يدفع المستهلك ثمن استغلال البعض، حسب تعبيره.

وأضاف روحاني أنه من غير المنطقي أن يشتري بعض التجار الدولار من الحكومة بسعر 4200 تومان، ويبيعه لمن يريدونه بأسعار أعلى، معتبرا أنه من الضروري الوقوف بوجه الضغط على المواطن الإيراني ولاسيما إن كان ذلك يتعلق بشرائه البضائع الرئيسة والمنتجة محليا، فليس من المنطق أن تعرض على المستهلك بأسعار جديدة ومرتفعة.

وأكد روحاني أن الحكومة ستقف بوجه مستغلي الأوضاع، وستكون الضرائب لهم بالمرصاد، قائلا إن بعض المؤشرات كاذبة وغير حقيقية ويجب فرض رقابة أوسع.

المساهمون