قال مسؤولون عراقيون لـ"العربي الجديد" إن جماعات مسلحة وأحزاباً نافذة في جنوبي البلاد، استغلت حالة التظاهرات والاحتجاجات الشعبية الساخطة المتواصلة، لتمرير مزيد من الشحنات والبضائع الفاسدة أو المخالفة للشروط عبر المنافذ مع إيران.
وأكد المسؤولون، الذين رفضوا ذكر أسمائهم، أن رئيس الوزراء، عادل عبد المهدي، كلف وزارة الداخلية أمس متابعة الموضوع بعد وصول شكاوى إغراق المنافذ ببضائع مخالفة وتالفة قادمة من طهران، بتواطؤ أو خضوع من قبل موظفين في تلك المنافذ للمهربين، التي زادت منذ اندلاع الاحتجاجات في بداية أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، والتركيز الإعلامي والسياسي عليها.
وأمس الأحد، أعلن محافظ إيلام الإيرانية، قاسم سليماني دشتكي، إعادة فتح معبر مهران الحدودي أمام زوار العتبات المقدسة في العراق.
والأسبوع الماضي أعلنت الهيئة العامة للجمارك العراقية، إعادة شحنة من الإسمنت الإيراني في منفذ المنذرية الحدودي قبل أن تعلن رفض شحنة حديد تسليح، ثم إتلاف شحنة دجاج غير صالحة للاستهلاك البشري.
وقال مسؤول عراقي في مكتب رئيس الحكومة لـ"العربي الجديد"، إن عمليات إدخال البضائع المخالفة زادت في المنافذ الحدودية مع إيران، وسجلت حالات دخول دجاج فاسد وبيض منتهي الصلاحية ومواد إنشائية. وأضاف أن مليشيات ضمن الحشد وشخصيات حزبية وسياسية متورطة بإغراق العراق ببضائع فاسدة مقابل عمولات تتلقاها من التجار، أو أن البضائع نفسها تتبع لها.
من جانبه، قال مسؤول في منفذ الشيب الحدودي العراقي مع إيران، إن "مافيات الفساد المرتبطة بأحزاب ومليشيات مسلحة، استطاعت استغلال فترة التظاهرات، من خلال تمرير صفقات بضائع مختلفة من دون رقابة"، مبيناً لـ"العربي الجديد" أن "المنافذ الحدودية مع إيران تحديداً، في البصرة وواسط، تشهد انفلاتاً واضحاً، وأن البضائع المستوردة من طهران تضاعفت كمياتها عما كانت عليه، وهي تشمل المواد الغذائية والكهربائية والإنشائية وغيرها".
ومن جانبه، قال النائب عن تيار الحكمة، علي البديري، إن "الحكومة والبرلمان منشغلان بالتشريعات القانونية وإصدار القرارات التي تنسجم مع مطالب المتظاهرين"، مؤكداً في تصريح صحافي، أن "حيتان الفساد وتجار الأزمات استغلوا تلك الظروف للابتزاز والمساومة لبعض الوزراء والمسؤولين، لإدخال بضائع منتهية الصلاحية، من دون رقابة، مقابل عدم تسليط الضوء أو الحديث عن استبدالهم".
وأكد أن المنافذ الحدودية أصبحت مرتعاً للفاسدين في إدخال البضائع الفاسدة التي تهدد الاقتصاد المحلي.
ويشكو مستوردون وتجار في أغلب المحافظات من دخول البضائع الفاسدة، محذرين من خطورتها.
مدير شركة استيراد وتصدير في سوق الشورجة ببغداد، محمد حسين الموسوي، يقول لـ"العربي الجديد" إن "البضائع الرديئة غزت الأسواق خلال الأيام الأخيرة، وإن أسعارها أقل من البضاعة الجيدة ومعروفة المنشأ".
وتابع: رغم حملة المقاطعة للبضائع الإيرانية، إلا أن المنتجات غير الصالحة أو التالفة ما زالت تصل من طهران.
وأكد أن المواطنين يضطرون مرغمين إلى شرائها لرخص ثمنها، الأمر الذي قد يسبب مخاطر على صحتهم.
وحاول المتظاهرون خلال الفترة السابقة إغلاق بعض تلك المنافذ، بسبب دخول البضائع الرديئة عبرها. وقال الناشط المدني، فراس المياحي، لـ"العربي الجديد": "سيطرنا عدة مرات على منفذ الشلامجة ومنعنا دخول البضائع من خلاله ووقف الفساد في هذا القطاع، لكن القوات الكبيرة التي وصلت لحمايته أبعدتنا عنه".
ووفقاً للخبير بالشأن الاقتصادي علي العلواني، يرتبط مرور البضائع الفاسدة من الجمارك الإيرانية ووصولها إلى العراق بعمليات فساد. وأضاف العلواني لـ"العربي الجديد" أن بغداد تخسر شهرياً عشرات الملايين من الدولارات بفعل تلك البضائع الفاسدة أو الرديئة.