وقالت الدراسة التي صدرت، أمس السبت، للباحث المتخصص في الشؤون العسكرية يزيد صايغ، بعنوان "أولياء الجمهورية: تشريح الاقتصاد العسكري المصري"، إنّ استيلاء المؤسسة العسكرية على مقاليد السلطة في العام 2013، وما تلاه من صعود نجم الرئيس عبد الفتاح السيسي، "غيّرا دوره على صعيدَي النطاق والحجم، وحوّلاه إلى طرف اقتصادي فاعل يحظى باستقلالية تمكّنه من إعادة تشكيل الأسواق والتأثير على سياسات الحكومة واستراتيجيات الاستثمار".
وأضافت الدراسة أنّ المؤسسة العسكرية تنفذ مشاريع في كل القطاعات الاقتصادية، "وفي موازاة ذلك، يستفيد آلاف كبار الضباط المتقاعدين من النفوذ السياسي الكاسح للمؤسسة العسكرية، لاحتلال مناصب عليا في كل أرجاء الجهاز المدني للدولة وشركات القطاع العام، مُكملين بذلك دائرة الاقتصاد العسكري الرسمي، فيما ينتفعون في الوقت عينه".
وتشير الدراسة إلى أنّ دور المؤسسة العسكرية في الاقتصاد "له ثمن فادح.. إذ إنها تستنسخ ريعية الاقتصاد السياسي المصري، وتفيد مثلها مثل نظرائها المدنيين من بيئة تسمح لها فيها الجوازية القانونية، والتعقيد البيروقراطي، والسلطات الاستنسابية بحيّز واسع للافتراس والفساد".
|
وتؤكد الدراسة أن "العسكر في أفضل الأحوال مهندسون جيّدون لكنهم اقتصاديون سيئون"، مضيفة أن "الطفرة الهائلة للمشاريع العملاقة في الإسكان والبنى التحتية العامة التي أدارتها الهيئات العسكرية منذ العام 2013، أسفرت عن حجم كبير من الرساميل العقيمة والأصول المجمّدة، الأمر الذي حوّل الاستثمار والموارد بعيداً عن قطاعات اقتصادية أخرى".
وتضيف الدراسة أن "أي حكومة مصرية لن تستطيع ممارسة الإدارة الاقتصادية الفعّالة، إلى أن يتم وضع حد لشبكات الضباط غير الرسمية في كلٍ من الجهاز البيروقراطي المدني، وشركات القطاع العام، ودوائر الحكم المحلي".
وقالت الدراسة إنّ "التقديرات الوردية حول المؤشرات الاقتصادية الكبرى في مصر، التي يُصدرها مسؤولون مصريون ونظراؤهم في الحكومات الغربية والمؤسسات المالية الدولية، تغضّ الطرف عن المشاكل الأساسية الكامنة في الإنتاجية والابتكار الخفيضين، وفي القيمة المضافة المحدودة، وفي الاستثمارات غير الكافية في معظم القطاعات الاقتصادية".
وتضيف أنه "ربما يأمل هؤلاء المسؤولون بأنه سيكون بمستطاع السيسي، بطريقة ما، بناء دكتاتورية تنموية ناجحة، ما قد يفسّر أسباب قفزهم فوق المضاعفات الاجتماعية لمقاربة حكومته الاقتصادية، ولقمعها العنيف للحريات السياسية والاجتماعية، ولخروقاتها الفادحة لحقوق الإنسان".
وتختم بالقول إنّ "الاتجاهات الراهنة تشي بأن السيسي، سيبقى أسير شركائه الأساسيين في الائتلاف الحاكم، ورهينة الاندفاع العسكري إلى زيادة وتيرة الانخراط في الاقتصاد".