موجة من المستثمرين الصينيين يغزون العقارات الاميركية في موجة شبيهة بموجة المستثمرين اليابانيين في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، آخر هذه الغزوات كانت صفقة فندق "وولدروف أستوريا" العريق في قلب جزيرة مانهاتن، والذي يعد أحد الماركات التجارية التي تزين مدينة نيويورك.
أشترت هذا الفندق الفخم شركة عقارية صينية مغمورة أسمها "آن بانغ"، في صفقة بلغت قيمتها 1.95 مليار دولار.
وتتزايد أستثمارات الصينيين في أميركا وسط توقعات ارتفاع سعر صرف الدولار خلال العام المقبل وأحتمالات زيادة الفائدة الاميركية.
وأرتفاع سعر صرف الدولار من العوامل التي يسيل لها لعاب أثرياء الصين لأنها ستضمن لهم عائداً مرتفعاً لعقاراتهم حين تحويلها الى اليوان الصيني.
ويشير تقرير الاتحاد الاميركي للوكالات العقارية، الى أن الاستثمارات العقارية الصينية في أميركا قفزت من 70 مليون دولار في العام 2008 الى 16 مليار دولار في العام 2013.
وخلال الـ12 شهراً الماضية حتى مارس/ آذار"، يقول التقرير الاميركي، بلغت المشتريات العقارية الصينية 22 مليار دولار من بين المشتريات العقارية البالغة 92 مليار دولار.
ولا تقف الهجمة العقارية الصينية على مدينة نيويورك وحدها، فقد أظهرت الاحصائيات العقارية أن الصينيين أصبحوا أكبر المستثمرين في كل من لندن وأستراليا والعديد من العواصم المالية في العالم.
وما يدفع المشتريات العقارية الصينية في الخارج للارتفاع تزايد عدد المليارديرات في الصين. حيث ضمت قائمة "فورتشن" للأثرياء مجموعة ضخمة من أغنياء الصين في اصدارها الاخير.
هؤلاء الاثرياء يسعون الى أخفاء ثرواتهم بعيداً عن أعين الرقيب الحكومي في بكين التي باتت تطارد مجموعة من الاثرياء بحجة مكافحة الجرائم المالية. وبالتالي فالعديد من أثرياء الصين يفضلون وضع ثرواتهم في العقارات الغربية، وفي كثير من الاحيان يستخدمون شركات "أوفشور" لا تظهر فيها أسماؤهم لحيازة عقارات رئيسية في المدن الغربية.
وحسب وكالة "نايت فرانك"، فإن من المحفزات التي تدفع الصينيين للشراء في العواصم الغربية، أرتفاع أسعار الوحدات في المدن الرئيسية مثل شنغهاي وبكين وأحتمالات أنهيار السوق العقاري في الصين وسط أرتفاع حجم القروض المشكوك في تحصيلها. ويشير تقرير عقاري صيني الى أن متوسط سعر المنزل في الصين أصبح أغلى من بريطانيا، حيث يبلغ متوسط سعر المنزل في الصين 523 الف دولار مقارنة بمتوسط سعر المسكن في بريطانيا المقدر بحوالى 350 الف دولار.
فيما يقدر متوسط سعر المنزل في الهند بحوالى 342 الف دولار وكندا بحوالى 212 الف دولار.
وهذه الاسعار المرتفعة تجعل من المطور العقاري في وضع حرج لا يستطيع معه من تحقيق أرباح.
وبالتالي أتجهت الشركات الصينية الى الاسواق التي تتوفر فيها هوامش ربح أعلى وذات عملات ذات سعر صرف مرتفع مثل بريطانيا وأميركا.
شركات صينية
حسب تقرير وكالة "ستاندر آند بوورز" الاخير، فإن 7 من بين أكبر 10 مطورين عقاريين من حيث الدخل في العالم، هم من الصين. ويكفي القول إن مبيعات شركة "تشاينا فانك" أكبر شركات التطوير العقاري الخاص بالاسكان في الصين بلغت 20.4 مليار دولار في العام الماضي.
وهذه المبيعات تعادل ثلاث مرات مبيعات شركة "لينار" أكبر اللاعبين في سوق التطوير العقاري الاميركي.
ويشير تقرير لوكالة "سافيل" العقارية البريطانية، الى ان السوق العقاري الصيني الذي واصل نموه القوي لمدة 15 عاماً متتالية قد بلغ مرحلة النضج الآن. ويبدو أن الوضع الاقتصادي الصيني حالياً يدفع المطورين العقاريين نحو البحث عن فرص بديلة بعد تحقيقهم أرباحاً طائلة خلال العقود الماضية.
مشتريات لندنية
تمتد المشاريع العقارية الصينية في اربع قارات من سيدني في أستراليا الى سانفرانسيسكو في أميركا.
وكانت شركة جرينلاند التي يوجد مقرها في شنغهاي، قد أعلنت حديثاً أكبر أستثمار لها في أميركا، حيث وقعت صفقة لتطوير " أتلانتك يارد" في حي بروكلين بنيويورك. وهي صفقة بلغت قيمتها 5 مليارات دولار.
فيما أشترت شركة "بنج آن انشورنس" مبنى لويدز في لندن كما أشترت شركة "تشاينا لايف" مبنى بناية المكاتب التابعة لـ"كناري وورف " في منطقة الدوكلاند شرقي لندن.
ويتوقع عقاريون في لندن أن تتمكن شركات التطوير العقاري الصينية من توقيع العديد من الصفقات العقارية في لندن وأوروبا خلال الشهور المقبلة مع موجة الهروب الصيني من سوق العقارات الصينية المهتز.
وحسب وكالة "نايت فرانك"، فان الصينيين كانوا على رأس قائمة المستثمرين الاجانب في العقارات السكنية البريطانية. وتشير أحصائيات الوكالة البريطانية العريقة الى أن 6% من مشتريات العقارات الفاخرة التي يفوق ثمنها مليون جنيه أسترليني كانت من نصيب الصينيين. وتفوق المستثمر الصيني في العقارات البريطانية لأول مرة على المستثمر الروسي الذي جاء في المرتبة الثانية بنسبة 5.2% من مشتريات العقارات الفاخرة البريطانية.
تقييم عقاري
يقول يو ليانغ رئيس "تشاينا فانكه" أكبر شركة عقارات في الصين، إن التباطؤ يؤذن بنهاية العصر الذهبي لقطاع العقارات في الصين، لكن توقعات القطاع ما زالت جيدة، وأكد أن حقبة النمو السريع للقطاع العقاري في البلاد شارفت على الانتهاء.
وسجلت أسعار المنازل صعوداً في خانة العشرات معظم فترات العام الماضي، لكن وتيرة الصعود هدأت في أواخر العام وتباطأ النمو السنوي لأسعار المنازل الجديدة لأقل مستوى في 11 شهراً في أبريل/نيسان في ظل استمرار حملة الحكومة لتقليص المضاربة والائتمان السهل.
وأبلغ ليانغ في مركز الأبحاث والتطوير التابع للشركة بمدينة دونغقوان في جنوب الصين الصحافيين القول "دخلنا العصر الفضي". وتابع رئيس "تشاينا فانكه" أكبر شركة عقارات في الصين: " يسعى القطاع الآن إلى الوصول للجودة ومستوى الخدمة، وعاد إلى الطلب الحقيقي" .
وأضاف" بلغ حجم القطاع العقاري الصيني في العام الماضي 8.1 تريليونات يوان (1.30 تريليون دولار)، وحتى إذا حققنا نمواً في خانة الآحاد فسيظل جيداً لنا".