تسهيلات غير مسبوقة من شركات العقارات المصرية

11 ابريل 2020
هبوط بالمبيعات العقارية في مصر (Getty)
+ الخط -
أجبرت حالة الركود التي تسيطر على شركات العقارات في مصر والتي تزايدت حدتها مع تفشي فيروس كورونا الجديد، الكثير من شركات العقارات على تقديم عروض وتسهيلات كبيرة في السداد، في محاولة لإنعاش المبيعات وتحقيق أي قدر من المكاسب، خلال الفترة الراهنة، إلا أنها تمسكت بمستويات الأسعار، خوفا من دخول السوق في موجة من "حرق المنتجات" بغية التخلص منها حال طال أمد أضرار الوباء واسع الانتشار.

ولجأ المطورون العقاريون إلى حيل لجذب المشترين، منها إطالة أمد التقسيط إلى نحو 13 عاماً بشكل مباشر مع الشركة دون اللجوء إلى البنوك أو شركات التمويل العقاري، والتعاقد على الوحدة من دون دفعة مقدمة، وبدء سداد الأقساط بعد مرور عام كامل من تاريخ التعاقد.

وقال مسؤول في إحدى كبريات شركات التطوير العقاري، إن شركته تسوق لمشاريع في نطاق مدينة المستقبل الواقعة بين التجمع الخامس والعاصمة الإدارية الجديدة (شرق القاهرة) بتسهيلات دفع غير مسبوقة، في ظل ظروف كورونا الحالية.

وأوضح أنه تقرر خفض قيمة المقدم من 10 في المائة إلى 5 في المائة من قيمة الوحدات، مع تقسيط باقي المبلغ على 10 سنوات من دون فائدة. لكن المسؤول أشار إلى أن هناك رفضا قاطعا للمساس بالأسعار التي تصل إلى 13 ألف جنيه للمتر من دون تشطيب و15 ألف جنيه للتشطيب الكامل، لافتا إلى أن هناك اتفاقا بين الشركات الكبرى على عدم خفض الأسعار خوفا من انزلاق السوق إلى حرب أسعار لتسويق المخزون الحالي من الوحدات. وأضاف أن "أزمة كورونا ستمر، ومن يرغب في الاستثمار ولديه أموال يخشى كسادها، فسيضعها في العقارات، باعتبارها وعاءً ادخارياً آمناً ويحقق مكاسب على المديين القريب والبعيد".

لكن هذه الرؤية تبدو مغايرة لواقع السوق في بعض المناطق، لا سيما التجمع الخامس، إحدى أرقى المناطق العمرانية الجديدة شرق القاهرة، والذي تُظهر بيانات صادرة عن مؤشر موقع "عقار ماب" المتخصص في السوق العقارية، هبوط الأسعار فيه بنسبة تزيد على 6 في المائة خلال آخر 12 شهراً.

ووفق متعاملين في السوق العقاري، فإن هناك ركوداً حاداً تعانيه السوق منذ أكثر من عام، بفعل طفرة المعروض. كما أن مشترين هرعوا إلى شراء عقارات خلال فترة انهيار الجنيه أمام الدولار في الأشهر الأولى من تحرير سعر الصرف الذي بدأ في الثالث من نوفمبر/تشرين الأول 2016، اضطروا إلى طرح ما بحوزتهم للبيع في السوق من أجل تحصيل سيولة مالية، ما زاد من المعروض.

وقال محمد سليمان، الذي يعمل في مجال التسويق العقاري إن "هناك الكثير من الوحدات المعروضة للبيع في مناطق مختلفة، وقد تمكث لأشهر طويلة وربما عام وأكثر لتباع بأسعار أقل كثيراً مما تطرحه الشركات في نفس المشروع". وأضاف سليمان أن "هناك كثيرين اشتروا عقارات في الأعوام الثلاثة الماضية بغية الاستثمار، وهم الآن يبحثون عن تسييل هذه العقارات (بيعها) بغية الحصول على أموال لمواجهة تداعيات كورونا".

وتُظهر بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) أن هناك نحو 12.5 مليون وحدة سكنية مغلقة بلا سكان، وتشكل 29.1 في المائة من إجمالي عدد الوحدات في مصر.

وقفز معدل البناء والأنشطة العقارية بشكل غير مسبوق منذ عام 2011 وواصلت الوتيرة الارتفاع بعد تحرير سعر الصرف خوفا من تآكل المدخرات، بعد فقدان العملة المحلية أكثر من 170 في المائة من قيمتها خلال نحو 9 سنوات.

وتتزايد المخاوف من انهيار قيمة تحويلات المصريين العاملين في الخارج، لا سيما في دول الخليج العربي التي تسببت إجراءات فيروس كورونا في شل أغلب المشروعات والأعمال فيها، ما ينذر بتسريح الكثير من العمالة خلال الفترة المقبلة. ووصلت قيمة تحويلات المغتربين إلى نحو 26 مليار دولار العام الماضي، وفق بيانات البنك المركزي، بينما ينظر إليها على أنها دافع حقيقي للقطاع العقاري في البلد.

وقد تلقي الأزمة العقارية المتوقعة، بحسب محللين اقتصاديين، بظلال سلبية واسعة على شركات المقاولات، التي يقدر رئيس اتحاد المقاولين المصريين، حسن عبد العزيز، عددها بحوالي 35 ألف شركة، بمتوسط عدد عمالة دائمة يبلغ نحو 3.5 ملايين عامل، وعمالة غير دائمة بنحو 12 مليون شخص.
المساهمون