الارتباك يهيمن على الأسواق رغم استنجاد مصر بصندوق النقد

28 يوليو 2016
اشتراطات الصندوق تفضي إلى زيادة أعباء المعيشة على المواطنين(Getty)
+ الخط -
أثار الإعلان عن لجوء الحكومة المصرية إلى صندوق النقد الدولي للمساهمة بالحصة الأكبر في تغطية عجز الموازنة والقضاء على اضطرابات سوق الصرف وتمويل برنامج اقتصادي، مخاوف مراقبين بشأن ارتفاع مديونية مصر الخارجية، والتي قد تصل إلى حدود يصعب معه الالتزام بالسداد في ظل تهاوي قيمة العملة المحلية أمام الدولار وتراجع أهم المؤشرات التي تعكس أداء الاقتصاد.
وقال وزير المالية عمرو الجارحي، في تصريحات تلفزيونية مساء أول من أمس، إن الحكومة تستهدف تمويل برنامجها الاقتصادي بنحو 21 مليار دولار على ثلاث سنوات، من بينهم الحصول على قروض بقيمة 12 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.
وتعد هذه هي أكبر قيمة لقرض تتفاوض عليه مصر مع صندوق النقد الدولي.
وكان الصندوق قد عرض على مصر في مايو/ أيار 2011 إبان حكومة عصام شرف، قرضا بقيمة 3.8 مليارات دولار، لكن الأخير رفض الدخول في مفاوضات من الأساس، إلى أن أعاد رئيس الحكومة اللاحقة، كمال الجنزوري، في فبراير/ شباط 2012، المفاوضات مع الصندوق بشأن قرض بالقيمة ذاتها التي تم عرضها على سلفه شرف، لكن المفاوضات تعثرت بعد رفض الجنزوري الانصياع لاشتراطات فرضها الصندوق مقابل القرض.
وفي النصف الأخير من عام 2012، بدأ رئيس الحكومة وقتها، هشام قنديل، مفاوضات مع الصندوق على قرض بقيمة 4.8 مليارات دولار، وتعثرت المباحثات أيضا نتيجة تمسك الصندوق بتطبيق برنامج اقتصادي إصلاحي اعترض قنديل على بعض ملامحه.
أما الحكومة الحالية التي يترأسها شريف إسماعيل، فقد نفت في أكثر من مناسبة، نيتها التوجه إلى صندوق النقد بشأن قرض، ما أثار دهشة كثير من المراقبين الذين استيقظوا على نبأ المفاوضات على قرض بقيمة كهذه.
ومن المتوقع أن يصل القاهرة غداً (الجمعة) وفد من بعثة صندوق النقد الدولي، للتفاوض مع الحكومة على القرض المزمع، لمواجهة الشح الشديد الذي تواجه مصر خلال الثلاثة أشهر الأخيرة في العملة الصعبة، ولمواجهة علاج عجز الموازنة العامة للدولة.
وتأمل مصر في إنجاز اتفاق مع الصندوق على قرض بـ 12 مليار دولار حصّله على أربع دفعات بواقع ثلاثة مليارات دولار سنوياً.
وقال الخبير الاقتصادي الدكتور فاروق عبد الخالق إن قرض صندوق النقد الدولي مرهون باتخاذ الحكومة المصرية عدة قرارات، منها زيادة الضرائب ورفع الدعم، مشيراً إلى أن قبول مصر بشروط الصندوق سيدمر الاقتصاد المحلي ويضر كثيراً بالشعب، إذ يفضي إلى حالة من عدم الاستقرار، وزيادة كبيرة في الأسعار، فضلاً عن الزيادة في مؤشرات الدين العام الخارجي والداخلي، وبالتالي ارتفاع أعباء المديونيات على كاهل الشعب.

ويقترب الدين الخارجي لمصر من 53.44 مليار دولار، وفق بيانات البنك المركزي الأخيرة الصادرة عن شهر يونيو الماضي، وهو رقم بات مرشحاً للزيادة إلى 74.4 مليار دولار حال أنجزت الحكومة مساعيها لاقتراض 21 مليار دولار.
ويرى عبد الخالق أن الاقتراض وسيلة لتأخير علاج الأزمة التي تتفاقم مع مرور الوقت، وستتحملها الحكومات المتعاقبة، مشيراً إلى أن الشعب لن يتحمل الشروط المجحفة للقروض وما يرتبط بها من زيادة في الأسعار وإلغاء الدعم.
وطالب الحكومة بالنهوض بمواردها الاقتصادية السيادية كالسياحة وقناة السويس، وجذب استثمارات أجنبية جديدة، وتحسين مناخ الإنتاج لزيادة الصادرات، والبحث عن سبل جديدة للخروج من الأزمة.
وتراجعت أسعار الدولار بالسوق السوداء بعد إعلان الحكومة المصرية التفاوض على قرض من صندوق النقد الدولي، وتراوح سعر الدولار بين 12.7 و12.75 للشراء، و12.9 و12.95 جنيهاً للبيع.
وقال ناصر حماد مدير إحدى شركات الصرافة بمنطقة وسط القاهرة، لـ "العربي الجديد"، إن الدولار تراجع أمس بالسوق السوداء بعد تضييق الخناق على شركات الصرافة وغلق 6 شركات صرافة بالإسكندرية، وزيادة الحملات التفتيشية من المركزي ومباحث الأموال العامة، والإعلان عن مباحثات مصر مع صندوق النقد بشأن قرض ضخم.
وكان الدولار الأميركي قد واصل ارتفاعه أمام الجنيه المصري ليصل أول من أمس إلى 13.25 جنيها في السوق السوداء، فيما ثبت البنك المركزي سعر صرف الدولار مقابل الجنيه عند مستوى 8.7301 جنيهات في عطائه الدوري أول من أمس.
وأرجع المحلل المالي محسن عادل القفزات السعرية لصرف الدولار، إلى استمرار المضاربات العنيفة في السوق، لافتا إلى أن المضاربة في الماضي كان يقوم بها تجار العملة، وحالياً دخل فيها أشخاص كثيرون من حائزي الدولار.
أما المتعاملون بسوق الصرافة فقد أرجعوا ارتفاع سعر صرف الدولار إلى لجوء بعض المستوردين والمستثمرين لتخزين مبالغ كبيرة منه، على خلفية تداول أنباء عن ارتفاع سعره.
وعن تداعيات أزمة سعر صرف الدولار على الزيادات الجنونية في أسعار السلع، قال رئيس شعبة المستوردين في الغرفة التجارية أحمد شيحة، إن أسعار السلع المستوردة قفزت بنحو 17% خلال الأسبوع الأخير، بعدما زادت الفجوة بين سعر الدولار في السوق الرسمية والموازية عن 42%.

المساهمون