حذر محللون من أن خطة الإنفاق الطارئة التي وافق عليها مجلس الشيوخ الأميركي للمساعدة على تخفيف الأثر الاقتصادي لفيروس كورونا المستجد، يجب أن تكون خطوة أولى ضمن مسار أشمل، علماً أن قيمة الخطة غير المسبوقة تبلغ 2.2 ترليون دولار وتغطي قطاعات واسعة من المجتمع الأميركي.
من بين الإجراءات التي تنص عليها: تقديم دفعات مالية لأغلب المواطنين، تأمين بطالة واسع ومعونات غذائية، قروض للمشاريع الصغرى، تمويلات لدعم المستشفيات المكتظة بالمرضى ومساعدة الصناعات المتعثرة على غرار قطاع الطيران.
لكن، بدا رئيس الأغلبية في مجلس الشيوخ ميتش ماكونيل نفسه غير مقتنع أنها كافية لإنعاش الاقتصاد. وقال ماكونيل في تصريح لمجلس الشيوخ قبل التصويت على الخطة بالإجماع "هذا لا يرتقي حتى لأن يكون حزمة حوافز. هذا إنعاش طارئ".
غير أنه مع توقع البعض انكماش الاقتصاد الأميركي بنسبة 14% في الربع الثاني، وحصول ركود عالمي حاد هذا العام، يحضّ اقتصاديون المشرعين الأميركيين على التجهز لفعل المزيد لتخفيف وطأة الأزمة على ملايين الأميركيين الذين خسروا وظائفهم مع اضطرار قطاعات اقتصادية واسعة لإيقاف نشاطها.
واستدركت حول الخطة "لكن الخبر السار هو أنها واسعة ومتعددة الأوجه... هذا ما نحتاج إليه، وهي بداية جيدة جداً".
يعيش أكثر من نصف سكان الولايات المتحدة تحت أحد أشكال الحجر، وتجاوز عدد الوفيات الألف وسجلت 68 ألف إصابة مؤكدة على الأقل، ما يجعل أكبر اقتصاد في العالم في وضع حرج يتطلب علاجاً طارئاً للخروج من الأزمة.
والعلاج الطارئ شديد الأهمية لأنه على عكس بقية الدول ذات الاقتصادات المتطورة، لا يوجد في أميركا نظام صحيّ شامل أو منح بطالة يستفيد منها الجميع.
تجنب أزمة أعمق
وعمل الديمقراطيون والجمهوريون معاً طوال الليل في مجلس الشيوخ لإقرار حزمة الاجراءات التي تنتظر موافقة مجلس النواب عليها قبل أن يوقعها الرئيس دونالد ترامب وتتحول إلى قانون نافذ.
في تصريح إلى تلفزيون سي ان بي سي، اعتبر الخميس وزير الخزانة ستيفن منوتشين أن الخطة "تحمي جميع العمال الأميركيين"، ودعا أعضاء مجلس النواب إلى إقرارها بسرعة وبالإجماع.
وأضاف منوتشين "العمال الأميركيون والمواطنون الأميركيون والتجارة الأميركية يحتاجون المال الآن. لذلك هذا ليس الوقت المناسب لنقاش مشروع قانون أقر بالإجماع". نتيجة إغلاق عدة قطاعات تجارية، تقدم 3.3 ملايين عامل بطلب للاستفادة من منح البطالة الأسبوع الماضي، وهو رقم قياسي يقارب خمسة أضعاف الرقم القياسي السابق المسجل عام 1982.
وينتظر أن تصير نسبة البطالة من رقمين بحلول أبريل/نيسان. ويعني ذلك أن منح البطالة المعززة قد تكون أهم عنصر في حزمة الإنقاذ. وتوسع الخطة المساعدة المقدمة إلى العمال الذين فقدوا وظائفهم، اذ ترفع الدفوعات بـ600 دولار أسبوعياً، وتشمل العمال الذين لم تنطبق عليهم شروط الاستفادة سابقاً، بمن فيهم أصحاب المهن الحرة والعاملون المستقلون غير المتفرغين الذين يتلقون أجراً بالساعة.
ويضاف ذلك إلى مساعدة بقيمة 1200 دولار ستقدمها وزارة الخزانة لجميع الأميركيين البالغين، و500 دولار لكل طفل.
في تصريح لوكالة فرانس برس، يقول الخبير في شركة أوكسفورد إيكونوميكس غريغوري داكو إن "الخطة نفسها أساسية لتجنب أزمة أعمق من التي نمر بها الآن".
ويتابع "إنها ليست خطة تعافٍ اقتصادي، بل بالأحرى خطة لتحقيق الاستقرار" خاصة لدعم المشاريع الصغرى والمتوسطة. وأضاف "من الضروري تطبيق هذه الخطة لتجنب خسارة كبرى في النشاط، لكن أيضاً لتجنب خسارة عدد غير مسبوق من الوظائف".
السيطرة على الفيروس لإصلاح الاقتصاد
بدأ ترامب في الحديث منذ الآن عن إنهاء قرارات الحجر المفروضة في البلاد، ما يبث خشية لدى المحللين بأن يكون العلاج أسوأ من الفيروس نفسه، ويعتبر هؤلاء أن أفضل طريقة لتخفيف الألم الاقتصادي هي السيطرة على الفيروس.
واعتبر نائب الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي الأميركي آلان بلندر أن إعادة النشاط الاقتصادي مبكراً "ليست فقط بالأمر المخطئ، بل كذلك خطير". وأضاف أنه في حال شهدت البلاد موجة عدوى ثانية "قد نشهد ركوداً طويل الأمد" عوض تباطؤ حاد يتلوه تعافٍ قوي.
ويتفق أغلب الاقتصاديين مع الخبراء الطبيين على الحاجة إلى إجراء فحوصات مكثفة وواسعة لتوفير نتائج سريعة، ما يسمح للسلطات بعزل المصابين وضمان سلامة من عادوا إلى العمل.
ويقول الاقتصادي جوال ناروف إنه "بخلاف ذلك، لا يمكننا أن نعرف خطر إعادة النشاط الاقتصادي مبكراً". وأضاف "إذا أجبرنا على الإغلاق مرة أخرى، ستضيع أغلب اجراءات تحقيق الاستقرار الاقتصادي التي أقرّها الكونغرس".
(فرانس برس)