صادرات لبنان مستمرة بحراً رغم فتح معبر "نصيب"

14 نوفمبر 2018
الحرب في سورية أضرت بالصادرات الزراعية (فرانس برس)
+ الخط -

 

ابتهج المصدرون اللبنانيون الشهر الماضي، عندما قام النظام السوري بإعادة فتح معبر بري رئيسي مع الأردن، كان قد جرى إغلاقه منذ نحو 3 سنوات، ما أعاد طريق التجارة البري الذي كانت ثمة حاجة ماسة إليه لنفاذ السلع اللبنانية نحو أسواق الخليج المربحة.

لكن الخلافات المستمرة بين لبنان وسورية، فضلا عن الشقاق السياسي الداخلي في بيروت، تعني أن العديد من الشركات اللبنانية لا تزال تعتمد على النقل البحري الأطول والأكثر كلفة، ما يعوق الجهود المبذولة لإنهاض الاقتصاد المتداعي، الذي أرهقته سنوات الحرب الطويلة في الجارة سورية، وفق مسؤولين ومصدرين لبنانيين.

قبل إغلاق معبر "نصيب -جابر" بين سورية والأردن، كانت نحو 300 شاحنة تتجه من لبنان إلى الأسواق في سورية والأردن والعراق والخليج يومياً. أما بعد الإغلاق، فانخفض هذا العدد إلى نحو 300 شاحنة شهرياً في أحسن الظروف، حسبما قال مسؤولو الجمارك في لبنان.

وقال وزير الزراعة في حكومة تصريف الأعمال غازي زعيتر في تصريح لـ"العربي الجديد"، إن الوزارة تقوم بالاتصالات اللازمة مع الجانبين السوري والأردني لإيجاد حلول تطاول موضوع الرسوم المفروضة على الشاحنات العابرة لحدود الدولتين.

وأشار زعيتر إلى أنه لا يوجد نتائج حتى الآن، وأن التفاوض محكوم بعوامل مختلفة مرتبطة بالقرارات الداخلية إن كان في الأردن أو في سورية.

وأكد أن تأثير إغلاق معبر نصيب كان كبير جداً على القطاع الزراعي اللبناني، إذ إن 70% إلى 80% من حركة النقل التجاري إلى سورية، وعبرها إلى الخليج العربي كانت تتم عبر هذا المعبر، مشيراً إلى خسائر تقدر بملايين الدولارات طاولت القطاع الزراعي خلال السنوات الماضية.

وتابع أن لجوء لبنان إلى النقل البحري لتعويض إغلاق الممر البري عبر سورية لم يعط نتيجة، مشدداً على استمرار العمل مع السلطات السورية والأردنية لخفض الرسوم المفروضة اليوم على الشاحنات، معربا عن أمله في الوصول قريباً إلى حلول تساهم في عودة حركة النقل التجاري وخاصة فيما يتعلق بالزراعة، كما كانت عليه في السابق.

وفي السياق ذاته، قال رئيس نقابة مالكي الشاحنات اللبنانية، شفيق القسيس، في حديث مع "العربي الجديد"، إن حركة الشاحنات عبر معبر نصيب لا تزال شبه معدومة، على الرغم من فتح المعبر منذ حوالي الشهر.

ولفت إلى أن كلفة الحمولة الواحدة تصل إلى 4 آلاف دولار، إذ إن السلطات السورية رفعت رسم العبور من 2% إلى 10% على الحمولة الإجمالية، في حين فرض الأردن رسماً بقيمة 100 دينار (141.1 دولارا) على كل طن يعبر أراضيه، بعدما كان ذلك مجانياً.

وقال القسيس إن حوالي 300 شاحنة كانت تعبر يومياً الأراضي السورية والأردنية قبل العام 2011، إلا أن زيادة الرسوم واستحداث أخرى أديا إلى تكبيل حركة الشحن إلى حدودها القصوى.

وأكد وجود مفاوضات بين لبنان والجانبين الأردني والسوري "وقد زرنا رئيس الجمهورية ميشال عون الذي اتصل بسفيرة لبنان في الأردن تريسي شمعون، التي لفتت إلى حلول ترتبط بخفض الرسم من الجانب الأردني قد تتبلور خلال عشرة أيام من الآن".

وسمحت إعادة فتح معبر نصيب - جابر الحدودي، لمحمد الأعرجي، وهو صاحب شركة نقل في البقاع اللبناني، باستعادة شاحنتين كانتا عالقتين في الأردن منذ عام 2015 عندما سيطرت المعارضة السورية على المعبر. وثمة شاحنتان مبردتان تقفان عند باب منزله منذ السنوات الثلاث الماضية.

قال الأعرجي إن المعبر كان رئة لبنان وإن إغلاقه شكل ضربة قاضية للاقتصاد، وأضر بالمزارعين والتجار والصناعيين وسائقي مركبات النقل. لذلك كان سعيدا عندما تمت إعادة فتح المعبر وتأمين الطريق.

لكنه وطوال أسابيع لم يكن قادرا على العثور على مصدرين مستعدين لمنحه عقود شحن. وأخيرا أرسل يوم السبت الماضي حمولته الأولى إلى السعودية بعد أن عرض على المصدر سعراً مغرياً.

وقال: " الناس ما زالوا ينتظرون رؤية ما سيحدث، الطريق البري عبر سورية والأردن والعراق حيوي للبنان، ومحصور بين سورية والحدود المغلقة مع إسرائيل والبحر".

وهوت صادرات لبنان، التي كانت تمثل 78% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2008، أي قبل ثلاث سنوات من بدء الحرب الأهلية في سورية، إلى 36% في 2017.

ويصدر لبنان حوالي 500 طن من الخضروات والفواكه سنوياً عبر المعبر السوري ـ الأردني، حسبما قال إبراهيم الترشيشي، رئيس اتحاد نقابات المزارعين في البقاع لأسوشييتد برس. ومنذ غلق المعبر، انخفض هذا التدفق بما يقرب من 40%، أي ما لا يزيد على 330 ألف طن.

وانخفضت الصادرات من البقاع إلى السعودية بنسبة 60%، وفقا لأرقام من غرفة التجارة في البقاع. وبعد إعادة فتح المعبر، فرضت سورية والأردن تعريفة جديدة على الشاحنات المتجهة إلى الخليج.

ووفق شارل زرزور، رئيس دائرة التصدير والاستيراد والحجر الصحي الزراعي في لبنان، فإن فتح المعبر تسبب في "راحة نفسية" للتجار. وقال زرزور لأسوشييتد برس "عندما يكون لدينا حكومة في لبنان إن شاء الله، ستضع سياسة حكيمة تخدم مصلحة البلاد ، بما في ذلك تخفيض التعريفات". وقال "مع وجود حكومة تصريف الأعمال، لا أحد يريد تحمل المسؤولية".

المساهمون