قال مسؤول كويتي رفيع المستوى إن هناك تفاهمات بين الكويت والسعودية لإنهاء الخلاف القائم حول إعادة إنتاج النفط من الحقول المشتركة والمتوقفة منذ عدة سنوات، مشيرا إلى رغبة الرياض في عودة الإنتاج في المنطقة "المقسومة" لتعويض نقص الإمدادات الذي تعاني منه منذ نحو أسبوعين، جراء توقف نحو نصف إنتاجها بسبب الهجمات التي تعرضت لها منشآت تابعة لأرامكو.
وأضاف المسؤول في تصريح لـ"العربي الجديد" أنه جرى التفاوض على مدار الأيام الماضية بين الجانبين للوصول إلى اتفاق، معربا عن تفاؤله بحدوث ذلك قبل نهاية سبتمبر/أيلول الجاري. ونقلت كالة الأنباء الكويتية (كونا) يوم الإثنين الماضي، عن نائب وزير الخارجية خالد الجارالله قوله، إنه استمع إلى "التصريحات الإيجابية" من وزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان، بشأن المنطقة المقسومة، وعبر عن أمله في "طي صفحة هذا الاختلاف في القريب العاجل".
وفي وقت سابق من الشهر الجاري، قال وزير الطاقة السعودي إن المحادثات مع الكويت بشأن استئناف إنتاج النفط في حقول يشترك البلدان في تشغيلها بالمنطقة المقسومة "إيجابية"، مشيرا إلى "توافر الإرادة السياسية لتسوية جميع المسائل المتعلقة بهذا الملف".
وأوقف البلدان الإنتاج في حقول المنطقة المقسومة منذ أكثر من أربع سنوات، مما خفض الإنتاج نحو 500 ألف برميل يومياً بما يعادل 0.5 في المائة من إمدادات النفط العالمية.
وكان تقسيم النفط في هذه المنطقة يعود إلى اتفاقات أُبرمت في عشرينيات القرن الماضي أرست الحدود الإقليمية، بالتساوي بين السعودية والكويت.
وتضم المنطقة عدة حقول أبرزها الخفجي البحري والوفرة البري، واندلعت التوترات منذ العقد الماضي، حين ثار غضب الكويت جراء قرار سعودي لتمديد امتياز شركة شيفرون الأميركية بحقل الوفرة حتى 2039 من دون استشارة الكويت.
وتشغل حقل الوفرة الشركة الكويتية لنفط الخليج التي تديرها الحكومة وشيفرون نيابة عن السعودية، بينما يدير حقل الخفجي شركة أرامكو السعودية والشركة الكويتية لنفط الخليج. وأغلقت السعودية حقل الخفجي في 2014 وأرجعت ذلك إلى مشكلات بيئية. وفي 2015، أغلقت شيفرون حقل الوفرة متعللة بصعوبات في استخراج تصاريح العمل وتدبير المواد.
وسبق أن دخل الجانبان في مفاوضات عدة لإنهاء الخلاف، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق. وزار ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الكويت في سبتمبر/أيلول من العام الماضي 2018 لبحث استئناف إنتاج النفط من المنطقة المقسومة، إلا أن الزيارة انتهت في غضون ساعات بينما كانت مقررة ليومين.
وقالت مصادر لوكالة رويترز آنذاك إن المحادثات فشلت في أن تقترب بالبلدين أكثر من التوصل إلى اتفاق، مشيرة إلى أن الرياض لا تريد تطبيق القوانين الكويتية على شركة النفط الأميركية شيفرون التي تعمل في حقل الوفرة البري نيابة عن الحكومة السعودية، كما تريد أن يكون لها القرار والسيطرة الأكبر في إدارة العمليات النفطية في المنطقة، بينما اعترضت الكويت لأن "السيادة الكويتية غير قابلة للتفاوض".
لكن المأزق الحالي الذي تتعرض له السعودية من فقدان نصف إنتاجها جراء الهجمات التي تعرضت لها منشأتان رئيسيتان في بقيق وخريص في 14 سبتمبر/أيلول الجاري، ربما يدفعها إلى التفاوض من منطلق المصالح المشتركة وليس السيطرة وفق مصادر في قطاع النفط.
وقال خالد المضف، عضو مجلس إدارة مؤسسة البترول الكويتية سابقا في تصريح لـ"العربي الجديد" إن استئناف الإنتاج من المنطقة المقسومة في الوقت الحالي لن يفيد الكويت كثيراً، حيث تلتزم البلاد بخفض الإنتاج المتفق عليه بين دول أوبك والمنتجين من خارجها (ما يعرف بـ أوبك+).
وأضاف المضف أن "عودة الإنتاج من المنطقة المقسومة سيفيد السعودية كثيراً في الوقت الحالي، حيث سيعوض نقص الإمدادات الحاد الذي تعاني منه بشكل جزئي، بالإضافة إلى تعويض خسائرها البالغة نحو 300 مليون دولار في اليوم نتيجة الهجمات على معاملها النفطية".