الأسواق السودانية متفائلة بحذر بقرار رفع العقوبات الأميركية...ومطالب بإزالته من "قائمة الإرهاب"

06 مارس 2020
ارتفاع التضخم يرهق السودانيين (محمود حجاج/الأناضول)
+ الخط -

 

جاء إعلان واشنطن برفع العقوبات الاقتصادية عن الخرطوم، في ظل أزمات مالية ومعيشية خانقة يعاني منها السودان. ورغم أن القرار، الذي صدر الأربعاء، كانت له تداعيات سريعة على العملة المحلية التي شهدت ارتفاعا في مواجهة الدولار، إلا أن تساؤلات عديدة أثارها الشارع الاقتصادي حول صعوبة استفادة البلاد من هذه الخطوة، وخاصة مع استمرار وضع السودان على قائمة الدول الراعية للإرهاب.

وتواجه الحكومة السودانية مصاعب اقتصادية ومالية كبيرة، وهو ما ظهر واضحا في تصريحات وزير المالية السوداني إبراهيم البدوي، أمس الخميس، (عقب قرار رفع العقوبات)، والتي قال فيها إن بلاده بحاجة إلى العملة الصعبة من أجل مشتريات إضافية من سلع استراتيجية، مثل المنتجات البترولية والقمح، وذلك رغم المساعدة المقدمة من الإمارات والسعودية.

وأضاف الوزير السوداني أن المخزونات الاستراتيجية من القمح انخفضت إلى ما يغطي استهلاك سبعة أيام فحسب خلال ديسمبر/ كانون الأول، وأن السودان كافح لتوفير العملة الصعبة الضرورية لتخليص حمولة سفينة شحن قادمة.

 

قرار قديم

ولم يكن الإعلان الأخير برفع العقوبات عن السودان هو الأول من نوعه، إذ سبقه قبل ذلك قراران في هذا الاتجاه. وكان محافظ البنك المركزي السوداني، بدر الدين عبد الرحيم إبراهيم، قد أعلن في بيان، أول من أمس، أن القرار الأميركي جاء بموجب الأمرين التنفيذيين 13067 و13412، الصادرين منذ 12 أكتوبر/ تشرين الأول 2017.

وفي هذا السياق، تحفظ خبراء اقتصاد ومصرفيون على القرار، وقالوا لـ"العربي الجديد"، إنه قرار قديم تم اتخاذه منذ عام 2017، وما يلزم السودان حاليا هو رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب.



وأوضحوا أن الخطاب هو رد من مكتب العقوبات بوزارة الخارجية الأميركية على خطاب مرسل من وزير الدولة بوزارة الخارجية السودانية إلى وزارة الخارجية الأميركية بشأن حدوث صعوبات في تعاملات مالية مع الصين تتعلق باستئجار طائرة لرحلة خاصة.

وكان وزير الدولة بالخارجية السودانية، عمر قمر الدين، قد أرسل خطابا إلى الخارجية الأميركية بشأن العراقيل التي تجابه السودان في التحويلات المالية والعقود الخاصة باستئجار طائرة من الصين لإجلاء الطلاب السودانيين بسبب تفشي وباء كورونا.

وبدروه، أعلن البنك المركزي السوداني، أول من أمس، أنه تلقى خطاباً من مدير مكتب العقوبات في وزارة الخارجية الأميركية، يفيد برفع العقوبات عن 157 مؤسسة عاملة في البلاد.

وفي الوقت الذي تتخوف فيه أوساط اقتصادية من عدم الاستفادة من القرار الأميركي، بسبب عدم رغبة المصارف العالمية والإقليمية في التعامل مع المصارف، تمنى البعض أن تستثمر البلاد هذه الخطوة التي قد تنعكس إيجابا على تعاملات المصارف العالمية والعملة المحلية والعديد من القطاعات.

 

انعكاسات إيجابية

أكد مصدر في بنك السودان المركزي لـ"العربي الجديد"، أن هذه هي المرة الأولى التي تخطر فيها واشنطن الخارجية السودانية بخطاب رسمي بشأن رفع العقوبات، لأن الكثير من البنوك العالمية لم تتعامل مع السودان لغياب خطاب رسمي من الحكومة الأميركية.

وقال المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، إنه بعد هذا الخطاب سوف تفتح البنوك العالمية أبوابها للتعامل مع السودان.

وقال المدير العام السابق لأحد البنوك السودانية، عبد الرحمن أبو شورة، لـ"العربي الجديد"، إن خطاب واشنطن يسهل فتح الاعتمادات المصرفية للصادر السوداني ويقلل فترة إعادة حصائل الصادرات والتحكم فيها، بما فيها الصادرات البستانية لأوروبا، فضلا عن مساهمتها في تحسين الميزان التجاري وتقليل تهريب السلع.

وأشار أبو شورة إلى أن العقوبات الاقتصادية الأميركية رفعت منذ 2017، ولكن لا تزال المصارف الخارجية تتخوف من التعامل مع المصارف السودانية خشية من ردة الفعل الأميركية والعقوبات التي قد تطاولها جراء ذلك، وهو ما أزاله الخطاب الأخير من الخارجية الأميركية.

وحسب ما نقلت وكالة الأنباء السودانية (سونا)، أمس الخميس، أكد الخبير المالي المتخصص في أسواق المال العالمية، عمرو زكريا، إيجابية خطاب الخارجية الأميركية بخصوص تأكيد انتهاء أشكال العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان كافة.

وأشار إلى ارتفاع أسهم شركة سوداتل إلى 11%، فيما ارتفعت أسهم شركة السلام السودان إلى أكثر من 12% بالأسواق المالية العالمية خلال التعاملات المبكرة أمس.

ولفت إلى أن الخطاب يعد سندًا مهمًا للمصارف العالمية لإعادة العلاقات المصرفية مع السودان وإزالة العقبات المالية والتجارية التي تعوق المعاملات.

ووفقا لتجار عملة، تحدثوا لـ"العربي الجديد"، تسبب الخطاب الأميركي في حدوث انخفاض ملحوظ في سعر الصرف بالسوق الموازي السوداني، حيث تراجع الدولار الأميركي من 120 إلى 108 جنيهات مع توقعات بالمزيد من التراجع. ويبلغ سعر الدولار رسميا نحو 55 جنيها.

 

قائمة الإرهاب

وعلى عكس من يرى أن هناك إيجابيات لرفع العقوبات، أكد خبراء اقتصاد أن استمرار السودان في قائمة الدول الراعية للإرهاب سيعطل أي استفادة ممكنة من الخطوة الأميركية.

ويقول أستاذ الاقتصاد بجامعة المغتربين محمد الناير، لـ"العربي الجديد"، إن القرار ليس فيه جديدا، والمطلوب رفع اسم السودان من قائمة الإرهاب. وطالب الحكومة بالاستفادة من الأمر الواقع وتقديم حوافز للمغتربين لجذب أموالهم عبر القنوات الرسمية مع زيادة الحوافز لهم.

وقال المحلل الاقتصادي عبد الوهاب جمعة، لـ"العربي الجديد"، إن مؤشرات مخاطر تعامل المؤسسات المالية مع السودان عالية جدا، لذلك لن تكون هناك جدوى من تعامل المصارف العالمية مع القطاع المصرفي المحلي، لأسباب عديدة، منها ارتفاع معدل التضخم، كما أن سعر صرف الجنيه مقابل الدولار مرتفع جدا.

وتصاعدت معاناة السودانيين من موجات غلاء متتالية خلال الفترات الأخيرة، وأعلن الجهاز المركزي للإحصاء في السودان، أخيرا، أن معدل التضخم السنوي في البلاد بلغ 64.28% في يناير/ كانون الثاني الماضي، صعودا من 57.01% في ديسمبر/ كانون الأول 2019 بسبب ارتفاع أسعار الأغذية والمشروبات.

الخبير الاقتصادي، الفاتح عثمان، أكد أن السودان غير قادر علي الاستفادة من هذا القرار، بسبب عدم رغبة المصارف العالمية والإقليمية في التعامل مع نظيرتها السودانية في ظل ضبابية الاقتصاد وضعف الثقة في القطاع المصرفي، رغم أن القرار يعد جيدا.

وتعاني مصارف السودان من أزمات عديدة، منها ضعف السيولة وعدم الاستقرار النقدي وتهاوي العملة المحلية، وكانت لجنة إزالة التمكين لرموز نظام الرئيس السابق عمر البشير، قد قررت بداية الشهر الماضي، حلّ مجالس إدارات 14 من أصل 38 مصرفاً في البلاد، وإعفاء عدد من مديري العموم ممن ينتمون إلى النظام السابق والذي يتهم البعض رموزه بأنهم وراء تصدير عدد من الأزمات المالية في البلاد.

واعتبر المحلل المالي هيثم فتحي، أن إزالة اسم السودان من قائمة الإرهاب هو الخطوة الأهم للاندماج في الاقتصاد العالمي، مشيرا إلى أنه رغم رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان سابقا إلا أننا حتى الآن لم نستفد منه.

المساهمون