قال محافظ بنك الكويت المركزي محمد الهاشل اليوم الأحد، إن البنك طلب تعديل القانون الذي يعمل وفقاً له، تمهيداً لإنشاء هيئة عليا للرقابة الشرعية لديه، مبيناً أن طلبه وصل الآن إلى "مرحلة متقدمة" لاستصداره من مجلس الأمة (البرلمان).
وأضاف المحافظ في كلمة ألقاها في مؤتمر بالكويت، اليوم الأحد، أن هذه الهيئة التي يسعى لإنشائها سوف "تؤسس مرجعية في هذا المجال".
وتُعتبر الكويت من الدول الرائدة في تجربة البنوك الإسلامية التي بدأت مع تأسيس بيت التمويل الكويتي في 1977. ويوجد في الكويت حالياً عشرة بنوك، منها خمسة بنوك تقليدية وخمسة إسلامية، بالإضافة إلى فرع لبنك إسلامي أجنبي وعدد من الفروع الأجنبية لبنوك تقليدية.
ويوجد أيضاً عدد كبير من الشركات العاملة وفقاً للشريعة الإسلامية في مجالات التمويل والاستثمار والتأمين والعقار.
ومنذ نشأتها في المنطقة، تمارس البنوك الإسلامية رقابة ذاتية في الحكم على منتجاتها وتحديد ما إذا كانت هذه المنتجات ملتزمة الشريعة الإسلامية أو لا، وذلك من خلال مجلس للرقابة الشرعية في كل بنك من البنوك، وهو مما يثير بعض الإشكالات في التطبيق العملي.
وأكد المحافظ ضرورة العمل على حوكمة الرقابة الشرعية وتعزيز استقلالها ومهنيتها "والتسامي بأعمال التدقيق الشرعي عن المصالح التجارية".
وقال: "نلمس من الترابط بين كيانات الرقابة الشرعية ما يزيد مخاطر تشابك المصالح وتعارضها، الأمر الذي قد يودي بالمصداقية ويأتي على الثقة في المالية الإسلامية، ولذا نتطلع إلى أن تكون الرقابة الشرعية في أسمى درجاتها من الإتقان والنزاهة والشفافية".
وتعاني الصناعة المالية الإسلامية عالمياً من ندرة العلماء المتخصصين فيها، ما يجعل الواحد منهم يشارك في العديد من لجان التدقيق والرقابة، وهو ما يثير احتمالات تضارب المصالح في بعض الأحيان.
وقال الهاشل: "إن الثغرة الكبرى في بنيان المالية الإسلامية التي ما فتئت تثار في كل محفل، هي ندرة العلماء المختصين الذين يجمعون بين الفقه الراسخ في الشريعة والإحاطة الكافية بالعمل المصرفي والمالي".
وقال إن "نظرة فاحصة لمشهد الرقابة الشرعية تكشف لنا أن ثمانية علماء يشغلون مناصب في ثلاثين هيئة شرعية مختلفة، بل إن ثلاثة من أولئك الثمانية يشغل كل منهم عضوية سبعين هيئة شرعية، وهذا حيف مبين يحمّل هؤلاء الأفاضل ما إن أعباءه لتنوء بالعصبة أولي القوة".
وفي 2016، قرر بنك الكويت المركزي فرض تعليمات تتعلق بحوكمة الرقابة الشرعية في البنوك الإسلامية بالبلاد، متضمنة أطراً مهنية واضحة ومحددة لمهام ومسؤوليات كل من هيئات الرقابة الشرعية والتدقيق الشرعي الداخلي والتدقيق الشرعي الخارجي.
ويعتبر التحقق من التزام أحكام الشريعة الإسلامية أو ما يعرف بالتدقيق الشرعي الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من نظام الرقابة الشرعية وحوكمتها في البنك الإسلامي، من أبرز التحديات التي تواجه الصناعة المالية الإسلامية.
واعتبر محافظ بنك الكويت المركزي أن التركز الشديد لأصول المالية الإسلامية في قلة من المنتجات يعتبر ثغرة في بنيانها، مبيناً أن 68 في المئة من أصول كل البنوك الإسلامية تتركز في المرابحة، و14 في المئة في الإجارة، أما بقية المنتجات الأخرى فلا يتخطى نصيبها 18 في المئة.
وأكد أن "في ذلك تحجيراً لواسع الشرع وفوتاً لوافر الفرص، ولا سيما أن كثيراً من الأصول المعروضة للمرابحة ما هي إلا سلع استهلاكية مستوردة لا تسهم في التنمية الاقتصادية الحقيقية".
وأكد أن المالية الإسلامية لديها الكثير من الأدوات المبدعة والحلول المبتكرة التي لم تنل بعد حظها من التطبيق "فيما الصناعة ساهية عنها لاهية في محاكاة المنتجات التقليدية".
وأوضح أن الدراسات تشير إلى أن المالية الإسلامية إن ركزت أكثر على منتجات السلم والاستصناع والشراكة، فسيمكنها توفير 150 مليون فرصة عمل خلال عقد ونصف، وهو ربع الوظائف المطلوبة عالمياً.