أعلن رئيس مجلس النواب المصري، علي عبد العال، اليوم الاثنين، موافقة المجلس نهائياً (بأغلبية الثلثين) على مشروع قانون "حماية البيانات الشخصية" المقدم من الحكومة، من دون الأخذ برأي مجلس الدولة بشأن تعديل بعض النصوص المعترض عليها من جانبه، والهادفة إلى تمكين الجهات السيادية والأمنية من بيانات المواطنين الشخصية تحت ذريعة "اعتبارات الأمن القومي"، واستخدامها من دون قيود قانونية.
وادعت الحكومة أن مشروع القانون يستهدف ضمان مستوى مناسب من الحماية القانونية والتقنية للبيانات الشخصية للمواطنين المعالجة إلكترونياً، ووضع آليات كفيلة بالتصدي للأخطار الناجمة عن استخدامها، إلى جانب إلزام المؤسسات والجهات والأفراد المتحكمين في البيانات الشخصية، والمعالجين لها، بتعيين مسؤول لحمايتها داخل مؤسساتهم وجهاتهم، بما يسمح بضمان خصوصية بيانات الأفراد.
وكان مجلس النواب المصري قد صوّت بصفة نهائية، اليوم الاثنين، على مشروع القانون المقدم من الحكومة بشأن "حماية البيانات الشخصية" بعد موافقته على مجموع مواده أمس الأحد.
ونصّ مشروع القانون على عدم خضوع البيانات الشخصية لدى البنك المركزي، والجهات الخاضعة لرقابته، عدا شركات تحويل الأموال والصرافة، لأحكام القانون، مع إلزام كل من المتحكم والمعالج، حال علمه بوجود خرق أو انتهاك مؤثر على البيانات الشخصية، بإبلاغ مركز حماية البيانات (مزمع إنشاؤه) خلال 72 ساعة، وخلال 24 ساعة إذا كان مؤثراً على الأمن القومي، وفي جميع الأحوال يجب الإخطار الفوري لجهات الأمن القومي.
كذلك نصّ على إنشاء هيئة عامة اقتصادية تسمّى "مركز حماية البيانات الشخصية"، تكون لها الشخصية الاعتبارية، وتهدف إلى حماية البيانات الشخصية، وتنظيم معالجتها وإتاحتها، ووضع الإطار التنظيمي لها، ويكون للعاملين بالمركز صفة الضبطية القضائية في إثبات الجرائم التي تقع بالمخالفة لأحكام هذا القانون.
ويتولّى المركز مسؤولية إصدار الترخيص أو التصريح للمتحكم أو المعالج لإجراء عمليات حفظ وتخزين البيانات، أو نقلها أو تداولها أو إتاحتها والتعامل عليها ومعالجتها، وذلك في مقابل رسوم لا تتجاوز 5 ملايين جنيه بالنسبة إلى الترخيص، ومبلغ لا يتجاوز مليون جنيه للتصريح أو الاعتماد، بحسب مشروع القانون.
ونصّ التشريع صراحة على عدم سريان أحكامه على البيانات الشخصية لدى جهات الأمن القومي، وما تقدره لاعتبارات أخرى، وهو ما يعني تسهيل حصول تلك الجهات (لم يحددها المشروع) على أي بيانات شخصية ترغب في الحصول عليها، وإزالة قيود السرية عنها في أي مرحلة، ومعالجتها والتعامل معها مباشرة، وفق ما تقدره هي من اعتبارات "أخرى".
وفرض القانون غرامة لا تقلّ عن 500 ألف جنيه، ولا تجاوز 5 ملايين جنيه (321 ألف دولار تقريباً)، على كل من يخالف أحكام التراخيص أو التصاريح أو الاعتمادات المنصوص عليها في القانون، مع "حظر إجراء عمليات نقل أو تخزين أو مشاركة البيانات الشخصية، التي تم جمعها أو تجهيزها للمعالجة، إلى دولة أجنبية إلا بتوفر مستوى من الحماية لا يقل عن تلك المنصوص عليها في القانون، وبترخيص أو تصريح من مركز حماية البيانات".
ورفض مجلس النواب الاستجابة لملاحظات مجلس الدولة (جهة قضائية) على بعض مواد القانون، ومنها أن "عملية ربط البيانات والمعلومات الخاصة بالشركات مع الجهات المختصة، وما يستتبعه من معرفة البيانات والمعلومات الخاصة بتحركات مستخدمي هذه الخدمة، وجواز رصدها، وإمكانية تعقبها، من دون أن يبين المشروع أحوالاً محددة يجوز فيها ذلك، أو اشتراط أن يكون ذلك بناءً على أمر قضائي مُسبب، ولمدة محددة، بحسب ما ينص الدستور".
وحذّر قسم التشريع في مجلس الدولة من مساس مشروع القانون بحرمة الحياة الخاصة للمواطنين، أو إفشاء المعلومات أو الاعتداء على حرمة الاتصالات، والمراسلات، وسريتها، باعتبارها من أهم صور الاعتداء على الحياة الخاصة، منبهاً إلى أن "الاعتداء على الحياة الخاصة من خلال الأنظمة المعلوماتية يأخذ أبعاداً وأشكالاً جديدة، أبرزها الاطلاع على البيانات والمعلومات عن الأفراد، وتخزينها على نحو غير مشروع".
وفي نهاية يوليو/ تموز 2019، أعلن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن "العمل على مشروع قومي لحفظ البيانات"، وصفه بأنه "عقل الدولة المصرية"، مشيراً إلى إنشاء هذا المشروع على عمق 14 متراً تحت سطح الأرض، في موقع مؤمن بأعلى وسائل ودرجات التأمين، وسيكون به عدد كبير من الخوادم لحفظ البيانات.
(الدولار= 15.54 جنيهاً تقريباً)