مواقد التدفئة صناعة مصدر رزق للعراقيين

23 أكتوبر 2015
عراقي يعمل في صناعة الفواخير المستخدمة في التدفئة (Getty)
+ الخط -
تتنوّع المهن الصناعية في العراق بحسب الموسم، فمنها ما يختص بفصل الصيف، وأخرى بفصل الشتاء، كصناعة مواقد التدفئة، التي وجد فيها العراقيون فرصةً لكسب الرزق وتشغيل العاطلين من العمل، وتوفير بدائل التدفئة بسبب شح الوقود.
وتقسم مواقد التدفئة إلى حجرية ومعدنية، ويقوم على صناعتها حرفيون في ورش صغيرة أصبح انتشارها حالياً أكثر من ذي قبل، خاصةً مع دخول فصل الشتاء، فيما يُقبل المواطنون على شراء تلك المواقد بكثرة.
حسن الحداد، صاحب ورشة لصناعة المواقد المعدنية، يقول لـ"العربي الجديد"، إنه مع دخول فصل الشتاء نبدأ بصناعة المواقد المعدنية الخاصة بالتدفئة، والتي تعرف الواحدة منها في العراق بالـ"منقلة"، وهي آنية معدنية مستطيلة الشكل لها حمالات يدوية جانبية وتشبه الحوض الصغير ولها أربع أرجل يوقد فيها الحطب، وبعد تحوّله إلى جمر، توضع داخل المنزل للتدفئة.
ويضيف الحداد "في ورشتنا نشتري علب زيت الطعام المعدنية الفارغة أو صفائح المعادن الليّنة ونقوم بتقطيعها وطيّها بشكل جميل ثم بيعها حيث يُقبل المواطنون على شرائها بكثافة، وتختلف أسعارها بحسب الحجم ما بين 5 آلاف دينار إلى 15 ألفا للواحدة (3 إلى 12 دولاراً أميركياً)".
ومواقد التدفئة المعدنية توجد منها المتحركة، التي يمكن وضعها في أي مكان في المنزل، وفق الحداد، أما الحجرية فتكون في إحدى زوايا صالات استقبال الضيوف في المنزل وهي من الحجر أو السيراميك الصلب.
ويقول باقر ممدوح، صاحب ورشة لصناعة مواقد التدفئة الحجرية، إن "المواقد الحجرية لها ميزتان: التدفئة النظيفة بلا غازات وروائح ودخان وميزة ثانية تضيف لمسة جمالية للمنزل ونصنعها من الحجر ونقوم بعمل فتحة فوق إحدى زوايا صالة الضيوف في المنزل تعرف بالـ"وجاغ" ونضع فيها الموقد الحجري الذي يكون بأشكال وألوان جميلة ومختلفة".
ويضيف ممدوح "أسعار المواقد الحجرية مناسبة نوعاً ما، فهي تراوح مع تركيبها وبنائها وربطها بالمدخنة الخارجية التي تخرج دخان الحطب من المنزل بين 100 ألف دينار إلى 150 ألفاً (80 - 140 دولاراً)، وهي مفضّلة لدى الكثيرين، فبمجرد إشعال الحطب داخلها توفر تدفئة لكامل المنزل تقريباً".


اقرأ أيضا: الإهمال الحكومي يقتل ثروة نخيل العراق

ويعتبر شح وقود التدفئة في البلاد من الغاز الطبيعي والنفط الأبيض عاملاً أساسياً في إقبال العراقيين على شراء مواقد التدفئة المعدنية والحجرية.
ويرى محمد سالم (36 عاماً)، أن "العودة إلى مواقد التدفئة سواء الحجرية أو المعدنية أمر لا بد منه مع دخول فصل الشتاء وشح النفط الأبيض والغاز الطبيعي في البلاد بسبب الظروف الأمنية المتردية".
ويوضح سالم لـ"العربي الجديد"، "أن المواقد المعدنية بشكل خاص كانت تقتصر على السفرات العائلية والشبابية لغرض شواء اللحم وتدفئة الطعام، ولكن اليوم أصبحت الحاجة إليها أكبر بكثير مع اقتراب موعد البرد".
ووجد كثيرٌ من الشباب العاطلين عن العمل فرصتهم في الحصول على بعض المال عبر عملهم في ورش صناعة تلك المواقد التي تحتاج إلى أيدٍ عاملة لصناعة المواقد بكميات تناسب مع حاجة السوق المحلية.
عمر ظافر (32 عاماً)، يحمل شهادة جامعية، لكنه لم يتمكن من الحصول على وظيفة، وجد في إحدى ورش صناعة المواقد المعدنية فرصة عمل مربحة له.
يقول ظافر: "أتقاضى مقابل عملي في الورشة راتباً يبلغ 500 ألف دينار (400 دولار)، وهي فرصة عمل مناسبة لي بدلاً من البقاء في دوامة البحث عن عمل بلا جدوى، وأستطيع توفير بعض المال لمصاريفي ومصاريف عائلتي في الوقت ذاته".
ويتابع ظافر: "عشرات الشباب يعملون في هذا المجال، بدءاً من صناعة المواقد في الورش الصناعية ثم تحميلها ونقلها إلى السوق ثم بيعها لدى الوكلاء المعتمدين، وكل هذه السلسلة توفر فرص عمل متعددة لعشرات الشباب فضلاً عن تحريك السوق وتوفير بدائل للتدفئة للمواطنين".
ويقود اقتصاديون وسياسيون في العراق، حملة جديدة لإنعاش القطاع الصناعي بالبلاد، الذي فقد جراء الغزو الأميركي في 2003، أغلب مؤهلاته، مخلّفاً معدلات فقر وبطالة غير مسبوقة في العراق.
ويعيش العراقيون أزمة حادة في الطاقة الكهربائية منذ الغزو الأميركي للبلاد في عام 2003، فيما يقول خبراء إنه تم إنفاق ما يزيد على 40 مليار دولار على هذا القطاع ذهبت دون جدوى بسبب الفساد المالي في البلاد.
ويواجه العراق مصاعب اقتصادية ومالية خانقة بسبب الاضطرابات الأمنية، دفعته إلى إقرار الموازنة العامة بقيمة 119 تريليون دينار عراقي (105 مليارات دولار)، بينما يقدّر العجز بنحو 25 تريليون دينار (21 مليار دولار).

اقرأ أيضا: "الكوليرا" تنعش صناعة المياه المعبأة في العراق
المساهمون