أمر قاضي التحقيق الجزائري فجر اليوم الأربعاء ايداع علي حداد رجل الأعمال المعروف والمموّل الأول للحملات الانتخابية للرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة السجن الاحتياطي بسجن الحراش، مع تحويل ملفه لفصيلة الأبحاث بالدرك الوطني للتحقيق في قضايا الفساد الموجهة له.
وتصدّر اسم رجل الأعمال الجزائري علي حداد، واجهة الأحداث، عقب اعتقاله على الحدود الجزائرية التونسية، لدى محاولته الخروج من البلاد بجواز سفر بريطاني، ويواجه حداد تهم فساد عديدة وجهتها إليه السلطات القضائية.
ورجل الأعمال الجزائري البارز علي حداد الذي احتكر المشهد الاقتصادي خلال السنوات الأخيرة، صعد سريعاً في عالم المال ثم سقط أخيراً في شباك القضاء بتهم فساد ونهب المال العام، وسط ضغوط متواصلة من الحراك الشعبي المطالب بمحاسبة المتورطين في قضايا فساد.
بدأ الجزائريون يتعرفون على "حداد" سنة 2003، بعد فوز شركته "اي تي أر اتش بي" التي أسسها سنة 1988 برأس مال 15 ألف دولار فقط، بصفقة إنجاز "الطريق السيار شرق-غرب" بطول 1720 كلم، وذلك مشاركةً مع شركتي "كوجال" اليابانية و"سيتيك" الصينية، بالإضافة إلى صفقات أخرى لإنجاز طرق سريعة ومشاريع أخرى في مختلف محافظات الجزائر. ومن هنا أطلق عليه الشارع ومراقبون "رجل الزفت" بسبب حصوله على مشاريع طرق ضخمة.
وبالموازاة مع الأشغال العمومية، اقتحم رجل الأعمال المقرب من الرئيس المستقيل عبد العزيز بوتفليقة وعائلته، مجال الصحافة سنة 2008 بعد إنشائه مجمع "وقت الجزائر" الذي تصدر عنه إلى يومنا هذا جريدة "وقت الجزائر" باللغتين العربية والفرنسية بالإضافة إلى قناتي "دزاير" و"دزاير نيوز" سنتي 2013 و2014.
ثم دخل حداد، المتحصّل على بكالوريوس الهندسة المدنية، الرياضة من باب فريق "اتحاد العاصمة" الذي اشتراه سنة 2011، وأعقب ذلك ضخ استثمارات في قطاع الصحة بعد توقيعه عقد شراكة مع العملاق الأميركي شركة "فاريان ميديكال سيستم".
ويرتبط حداد بعلاقات قوية مع العديد من الجنرالات من بينهم "الجنرال تواتي"، الرجل القوي سابقا في المخابرات الجزائرية والمستشار الأمني السابق لبوتفليقة، وهي علاقات ساعدته على الفوز بالعديد من القروض البنكية بداية العشرية الماضية، ومكنته من أخذ "الصفقات العمومية بالتراضي" مع الحكومة، من بينها إنشاء ملعب "تيزي وزو".
ويرى مراقبون أن "قرب" رجل الأعمال من محيط الرئيس الجزائري المستقيل وبالأخص من شقيقه الأصغر "سعيد بوتفليقة" جعله يصعد إلى مقدمة المشهد السياسي. وهي العلاقة التي قال عنها حداد: "المسؤولون الكبار الذين أتعامل معهم يمثلون بالنسبة إليّ أصدقاء أعرفهم منذ زمن طويل".
وبحسب تصريح الخبير الاقتصادي جمال نور الدين لـ"العربي الجديد"، إن "الدليل الأول حول قرب رجل الأعمال علي حداد من أسرة بوتفليقة كان تمويله الحملات الانتخابية له سنتي 2009 و2014، حيث أقام حفلة "جمع الشيكات" التي أقيمت في أكبر فنادق العاصمة وبحضور الصحافة الجزائرية والدولية، وجاء ذلك كرد جميل للعائلة التي دعمته ومنحته امتيازات مضاعفة، وقامت بحمايته من تحقيقات المخابرات، وسهلت له الحصول على قروض دون ضمانات ولم تسدد إلى اليوم".
بعد فوز بوتفليقة بالانتخابات الرئاسية سنة 2014، دخل رجل "الزفت" كما يسميه الجزائريون، أكثر إلى عالم السياسة من باب "منتدى رؤساء المؤسسات" (أكبر تكتل لرجال الأعمال)، الذي ترأسه نهاية السنة نفسها، وتحت ضغط السلطة الحاكمة، استقبل 20 وزيرا علي حداد في مقرات وزاراتهم وأمام كاميرات الصحافة، حيث عرض عليهم خطته.
وبحسب عضو سابق في منتدى رؤساء المؤسسات أمين بلمهدي، إن "حداد استفاد من قربه من عائلة بوتفليقة، كثيرا، وصار يتحدث داخل المنتدى عن وزراء تحت سيطرته، بل كان يتحدث عن تغيير الوزراء الذين لا يتفاعلون مع مطالبه، وفعلا هذا ما حدث مع عدة وزراء، منهم خلافه مع وزير الصناعة الأسبق يوسف يوسفي، الأمر الذي دفع برئاسة الجمهورية إلى عزله وتنصيبه مستشاراً لدى بوتفليقة".
وأضاف بلمهدي لـ"العربي الجديد" أن "حداد وصلت سطوته إلى البرلمان، حيث كان لديه لوبي يعدل المواد والقوانين وفق ما يتماشى مع مصالح رجال أعمال".
وفي السياق نفسه، كشف النائب البرلماني عن حزب العمال رمضان تاعزيبت أن "حداد بلغ الأمر به شراء ذمم بعض ممثلي الشعب، وأقحم رجال أعمال في قوائم الأحزاب السياسية بالانتخابات البرلمانية سنة 2017، ما حوله إلى برلمان رجال الأعمال".
صعود سريع ولافت لحداد صاحبه تداول الكثير من التهم حول ضلوعه في قضايا فساد ونهب للمال العام، لعل أبرزها، قضية الطريق السيار "شرق-غرب" التي اتهم فيها بإهدار 11 مليار دولار، بالإضافة إلى الاستفادة من قروض ضخمة وتهريبها نحو الخارج. وجاء الحراك الشعبي الحالي ليسلط مزيدا من الضوء على رجل الأعمال الذي تحوم حوله شبهات كثيرة.