يبدو أن إيران باتت لا تعول كثيراً على الاتحاد الأوروبي في مواجهة العقوبات الأميركية المفروضة عليها بسبب البرنامج النووي، إذ كشف الموقع الإعلامي لمكتب المرشد الأعلى علي خامنئي عن تفاصيل لقاء سابق مع أعضاء مجلس الوزراء في شهر يوليو/ تموز الماضي والذي خاطب فيه خامنئي الأعضاء قائلا: "يجب عدم تعويد الناس على الحزمة المقترحة من جانب الاتحاد الأوروبي إلى إيران"، بحسب وكالة الأنباء الإيرانية (ارنا).
وقال خامنئي: "تابعوا العمل بجدية في إطار قدرات البلد، لا تنتظروا هذا وذاك. اعتمدنا ذات يوم على الاتفاق النووي لحل مشاكل البلاد الاقتصادية، لكنه لم ينجح في حلها ولم يقدم لنا مساعدة كبيرة. فكانت النتيجة تعوّد الناس على الاتفاق النووي إذ حينما قال فلان (الرئيس الأميركي دونالد ترامب) إنه يريد الخروج من الاتفاق النووي، أصيبت الأسواق بالاضطراب".
وأضاف: "هذا يعني أننا عودنا الناس على الاتفاق، والآن جاء دور حزمة المقترحات الأوروبية... فعليكم ألا تعوّدوا الناس عليها... بطبيعة الحال، يتعين علي الأوروبيين أن يقولوا لنا كيف سيتمكنون من الدفاع عن مصالحنا، التي هي نفس الحزمة المقترحة من جانبهم، لكن عليكم ألا تعتبروا هذه الحزمة إحدى القضايا الرئيسية في البلد... لأنها قد تأتي أو لا تأتي".
وتابع: "لدينا طاقات كامنة في إيران يجب تفعيلها... اهتموا بهذه الطاقات ولا تربطوا تحسين اقتصاد البلد بعوامل خارجة عن سيطرتنا".
ويظهر الكشف عن تصريحات خامنئي، بعد تسعة أشهر من اجتماعه بمجلس الوزراء، أنه لم يكن متفائلاً حيال مساعي الرئيس حسن روحاني لإنقاذ الاتفاق النووي مع القوى الأوروبية، التي ظلت ملتزمة بالاتفاق رغم خروج واشنطن منه في مايو/ أيار 2018.
وفي حين يدعم روحاني ومعسكره "المعتدل" الاتفاق النووي، ويسعيان للتقارب مع الولايات المتحدة وأوروبا، يرفض المحافظون مثلهم مثل خامنئي أي تنازل أمام الضغوط الأجنبية ويصفون ذلك بأنه ضد مبادئ الثورة الإسلامية.
وفتحت فرنسا وألمانيا وبريطانيا في يناير/ كانون الثاني الماضي قناة جديدة للتجارة مع إيران بغير الدولار، لكن دبلوماسيين يقولون إنه من غير المرجح أن تسمح تلك الآلية بصفقات كبرى.
وأشاد المتحدث باسم وزارة الخارجية بهرام قاسمي، أمس، بالآلية الأوروبية المقترحة ووصفها بأنها "خطوة متأخرة لكن مهمة". لكنه حذر من أن إيران لن تقبل أي شروط من قبل الأوروبيين. وهددت إيران بالانسحاب من الاتفاق إذا لم تمكنها القوى الأوروبية من الاستفادة بمزايا اقتصادية. ووعد الأوروبيون بمساعدة الشركات على القيام بالأعمال مع إيران ما دامت ملتزمة بالاتفاق النووي.
وتصاعدت الأزمات الاقتصادية والمالية التي تواجه إيران بسبب العقوبات الأميركية رغم الإجراءات المكثفة التي اتخذتها الحكومة، إذ تهاوى سعر العملة المحلية وارتفعت أسعار السلع، ما أدى إلى احتجاجات غاضبة في الشارع الإيراني.
ووجّه 157 نائباً في البرلمان الإيراني، رسالة إلى الرئيس حسن روحاني، الأسبوع الماضي، انتقدوا فيها الارتفاع الكبير الذي تشهده أسعار السلع الأساسية، مطالبين بـ"ضرورة اتخاذ تدابير سريعة لحل مشاكل الناس في مجال السلع الأساسية، وتوفير الحد الأدنى من الرفاه".