صعود قياسي لـ"آبل" بعد الهدنة التجارية بين أميركا والصين... والمزارعون ينتظرون الحصاد
جاء الاتفاق التجاري الأولي بين الولايات المتحدة والصين، ليعطي بصيصا من الأمل إلى الشركات الأميركية الكبرى، لا سيما العاملة في قطاع التكنولوجيا، وكذلك المزارعين الذين ينتظر أن تزيد الصين من مشتريات فول الصويا منهم بنحو كبير.
وفور الإعلان عن التوصل إلى الاتفاق التجاري، يوم الجمعة الماضي، ارتفع سعر سهم شركة آبل إلى أعلى مستوياته على الإطلاق، مسجلاً سعر 275.15، لتتجاوز ربحيته في 2019 نسبة 80 في المائة قبل نهاية العام بأسبوعين.
ورغم المكسب الضئيل الذي حققه مؤشر "اس آند بي 500" في وول ستريت، خلال تعاملات آخر أيام الأسبوع، إلا أنه بلغ مستوى قياسياً جديداً، لتتجاوز مكاسبه منذ بداية العام نسبة 26 بالمائة، وتتجاوز مكاسب أسهم قطاع التكنولوجيا داخل المؤشر الأشمل للأسهم الأميركية نسبة 44 في المائة منذ بداية العام.
وجاء ارتفاع سهم آبل، التي تنتج أجهزة الحاسب الآلي "ماك" وأجهزة آيباد والهاتف المحمول "آيفون"، بعد أن جنّب الاتفاق الشركةَ ارتفاع تكلفة منتجاتها الواردة من الصين بنسبة 15 في المائة، كون الحواسب الآلية وأجهزة الهواتف المحمولة والإلكترونيات تشكل أكثر من ثلثي المنتجات التي تم إلغاء تطبيق التعريفات عليها.
واعتبر محللون أن التعريفات الجديدة كانت ستسبب ارتفاع أسعار منتجات الشركة، بصورة تؤثر على مبيعاتها، وتحديداً خلال فترة أعياد الميلاد التي تحل في ديسمبر/كانون الأول من كل عام، ويبلغ الطلب فيها على منتجات الشركة أعلى مستوياته.
وقدّر بعض المحللين قبل فترة تأثير التعريفات على ارتفاع تكلفة الهاتف آيفون 11، أحدث منتجات الشركة وأهمها في الوقت الحالي، بحوالي 150 دولارا في المتوسط، كانت كفيلة بتخفيض الطلب عليه بنسبة 8 في المائة، الأمر الذي سبب قلقاً بالغاً لإدارة الشركة.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، قدمت آبل طلباً رسمياً للإدارة الأميركية، تطلب فيه استثناء منتجاتها من التعريفات المقررة، وجاء رد الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثناء زيارته لأحد مصانع الشركة في ولاية تكساس بأنه ينظر في الأمر لمعرفة إذا ما كان ينبغي فعل ذلك.
وتمتد حالة التفاؤل بالاتفاق إلى المزارعين الأميركيين، الذين عانوا من الرسوم الجمركية الانتقامية التي فرضتها الصين ردا على تعريفات ترامب.
وقال زيبي دوفال، رئيس "مكتب اتحاد المزارع الأميركي"، الاتحاد الرئيسي للمزارعين في الولايات المتحدة، وفق فرانس برس، إنّ "إعادة فتح باب التجارة مع الصين ودول أخرى أمر ضروري، لمساعدة المزارعين ومربي الماشية في الوقوف على أقدامهم مجدّداً"، مضيفا أنّ المزارعين "يفضّلون، بفارق شاسع، الزراعة للسوق، على الاعتماد على المساعدات الحكومية".
ونقلت صحيفة وول ستريت جورنال عن روبرت لايتهايزر، الممثل التجاري للولايات المتحدة، قوله يوم الجمعة، إن "الصين تعهدت بشراء منتجات زراعية أميركية بما قيمته 40 مليار دولار، تعمل الصين على زيادتها إلى 50 ملياراً، خلال العامين القادمين".
وفي مبادرة هدفت إلى خفض التوتر مع واشنطن، كشفت وزارة المالية الصينية، في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول الجاري، عن قرار لمجلس الوزراء يقضي بإعفاء بعض واردات فول الصويا ولحم الخنزير القادمة من الولايات المتحدة من رسوم جمركية، مشيرة إلى أن الإعفاءات تستند إلى طلبات تقدمها شركات منفردة لفول الصويا ولحم الخنزير من الولايات المتحدة.
ورغم عدم خروج تصريحات بعد من الجانب الصيني حول مدى استفادة الاقتصاد من الاتفاق التجاري الأولي مع واشنطن، يتوقع محللون أن يستفيد عملاق التكنولوجيا الصيني هواوي من تخفيف الخناق الأميركي عليه.
وليست هذه الخطوة من أجل إفساح المجال للمفاوضات التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، لكنها تأتي أيضا بشكل أساسي لصالح الشركات الأميركية، وفق ما نقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مصادر مطلعة في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وكانت إدارة ترامب قد أصدرت، الشهر الماضي، تمديداً جديداً لمدة 90 يوماً، يسمح للشركات الأميركية بمواصلة العمل مع هواوي، التي جرى وضعها في القائمة السوداء الاقتصادية في يونيو/حزيران الماضي، بسبب مخاوف تتعلق بالأمن القومي الأميركي.
ورغم التضييق الأميركي على السلع الصينية، إلا أن الصين لا تزال أكبر شريك تجاري للولايات المتحدة، وقد زادت صادراتها في العام الماضي بنسبة 7 في المائة.
كما أظهرت بيانات صادرة عن مصلحة الدولة للجمارك، في وقت سابق من ديسمبر/كانون الأول الجاري، نمو التجارة الخارجية للصين خلال الأشهر الـ11 الماضية، متخطية حاجز الـ4 تريليونات دولار، بنمو بلغت نسبته 2.4 في المائة.
وأفادت البيانات التي أوردتها وكالة أنباء شينخوا الصينية، الأحد الماضي، بأن الصادرات زادت بنسبة 4.5 في المائة على أساس سنوي، خلال الفترة من يناير/كانون الثاني حتى نهاية نوفمبر/تشرين الثاني، مسجلة 15.55 تريليون يوان، مقابل واردات بقيمة 12.95 تريليون يوان، بحسب البيانات التي أوردتها وكالة "شينخوا".
وتوسع الفائض التجاري الصيني بنسبة 34.9 بالمائة على أساس سنوي، إلى 2.6 تريليون يوان خلال الفترة المذكورة.