قال مصرفيون ومحللون إن البحرين قد تحتاج المزيد من المساعدة المالية من دول الخليج العربية الأخرى في وقت قريب ربما يكون العام الحالي، لكن جيرانها الأكثر ثراء قد يكونون هم أنفسهم في عسرة بسبب انخفاض أسعار النفط والتداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا الجديد.
وتلقت البحرين، المصنفة ديونها عالية المخاطر من وكالات التصنيف الائتماني الكبرى الثلاث، في 2018 حزمة مساعدات بقيمة 10 مليارات دولار على خمس سنوات من السعودية والكويت والإمارات، لمساعدتها على تفادي أزمة ائتمان في صفقة مرتبطة بإصلاح المالية المالية.
لكن الدولة الصغيرة المتحالفة مع الولايات المتحدة، وهي منتج صغير للنفط، قد تحتاج مبلغاً أكبر من المخصص للعام 2020 لسد احتياجات تمويل أكبر في ظل أسعار للنفط بين 20 دولاراً و30 دولاراً للبرميل.
وأعلنت البحرين في مارس/آذار الماضي عن حزمة تحفيز بقيمة 11 مليار دولار، تشمل خططاً لإنفاق 570 مليون دولار على رواتب القطاع الخاص لتخفيف أثر فيروس كورونا على الاقتصاد.
وقالت سارة غروت محللة الأسواق الناشئة لدى بنك غولدمان ساكس لوكالة رويترز: "تشير تقديراتنا إلى أن البحرين تحتاج تمويلاً إضافياً في 2020 من حزمة الدعم البالغة قيمتها 10 مليارات دولار التي حصلت عليها في 2018".
وامتنعت وزارة المالية عن التعقيب بشأن الموعد، الذي تتوقع أن تتلقى فيه شريحة العام الجاري من المساعدات البالغة 10 مليارات دولار على خمس سنوات، وهي الشريحة التي ستبلغ 1.76 مليار دولار بحسب خطط رسمية أعلنت العام الماضي.
ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن من المتوقع أن يقفز العجز في ميزانية البحرين إلى 15.7% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام من 10.6% في 2019. وتوقعت تقديرات أولية للبحرين في فبراير/شباط أن العجز للعام 2019 بلغ 4.7% من الناتج المحلي الإجمالي.
وقال مصرفي متخصص في الديون بمنطقة الخليج إن فجوة البحرين التمويلية ستكون "ضئيلة"، خصوصا مع مساعدات إضافية، لكن دعما من جاراتها "ربما لا يكون قريباً جداً هذه المرة".
تفتقر البحرين إلى المصادر النفطية والمالية الوفيرة التي تتمتع بها جاراتها، وماليتها العامة من بين الأضعف في المنطقة. لكن حلفاءها الخليجيين يقدمون دعماً سياسياً واقتصادياً للحفاظ على استقرارها على مر السنين نظراً لأهميتها في مواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.
وتشاطر البحرين، التي يوجد فيها مقر الأسطول الخامس للبحرية الأميركية، الرياض القلق حيال الاستياء لدى بعض المواطنين الشيعة من العائلتين السنيتين المالكتين، وتتهمان إيران بإذكائه، وهو اتهام تنفيه طهران.
وقال توبي إيلز المدير لدى فيتش إن "صغر حجم (البحرين) وأهميتها الإستراتيجية يدعمان استمرار الدعم" من الحلفاء الخليجيين، لكن المنامة ستحتاج لاستخدام ما تبقى من الحزمة بشكل أسرع.
ووفق وزارة المالية فإن إجراءات لضغط الإنفاق العام، بما في ذلك خفض بنسبة 30% في الميزانيات الإدارية للوزارات وتأجيل مشروعات ضخمة للبنية التحتية، ستضمن أن يظل الإنفاق الحكومي في إطار سقف الميزانية للعام 2020. وقالت الوزارة في بيان أرسل بالبريد الإلكتروني إلى رويترز إن البحرين تعتزم إصدار سندات دولية مرتين هذا العام.
كانت مصادر مصرفية قالت لرويترز إن المنامة حصلت على قرض بنحو مليار دولار لسداد سندات بقيمة 1.25 مليار دولار حان موعد استحقاقها في نهاية مارس/آذار، وذلك بعد تعليق خطط لإصدار سندات دولية في ظل تفاقم أوضاع السوق.
لكن مصدرين مصرفيين قالا إنه تعين عليها الاعتماد على البنوك المحلية لإتمام الصفقة. وقال أحدهما "البنوك الدولية التي عادة ما تقرض البحرين كانت تقف على الحياد هذه المرة".
وفي ظل بلوغ الاحتياطيات الأجنبية في المصرف المركزي 3.4 مليارات دولار بنهاية فبراير، يشكك البعض في قدرة البحرين على حماية ربط عملتها بالدولار الأميركي.
وقال تيم آش، كبير محللي الديون السيادية بالأسواق الناشئة لدى مؤسسة بلوباي لإدارة الأصول، في تعليق أرسل بالبريد الإلكتروني الشهر الماضي "رأيت بعض التوصيات بخفض قيمة الريال السعودي، لكنني أظن أن العملتين الأكثر وضوحا في المنطقة سيكونان الريال العماني والدينار البحريني".
وارتفعت عوائد السندات الدولارية البحرينية المستحقة في 2047 بشكل حاد بنحو 180 نقطة أساس منذ بداية مارس. وقال غولدمان ساكس في مذكرة بحثية إن احتياطيات المنامة من النقد الأجنبي غير كافية على الأرجح لاستيعاب التراجع في معاملاتها الجارية إذا ظل النفط حول 30 دولاراً للبرميل هذا العام.
وقال مدير صندوق مقره دبي "أجرت البحرين إصلاحات بالفعل، لذا ما هو المجال الذي تُرك في واقع الأمر؟" في إشارة إلى تخفيضات في الدعم وتطبيق ضريبة القيمة المضافة في إطار برنامج لتحقيق تعادل الميزانية بحلول 2022.
وأضاف أن الأمر في نهاية المطاف يتعلق بأسعار النفط، "إذا ظلت عند 20 دولاراً، أعتقد أنه يمكنك أن تنسى كل ما يتعلق بالدعم (الخليجي)".