انفتاح قطر على العالم يجذب الاستثمارات ويعزّز التنوع

10 اغسطس 2017
قطر أكبر دولة بالمنطقة تقدّم تسهيلات للزائرين (أحمد يوسف/الأناضول)
+ الخط -



اتخذت قطر العديد من الإجراءات نحو مزيد من الانفتاح الاقتصادي على العالم إذ فتحت الدخول لمواطني 80 دولة دون تأشيرات، كما قررت منح إقامات لذوي الكفاءات، وقدمت أيضاً تسهيلات لإقامة المشروعات بمختلف المجالات، ما يساهم في جذب الاستثمارات الأجنبية وزيادة النمو في البلاد، حسب اقتصاديين ومستثمرين قطريين لـ "العربي الجديد".

وتسعى قطر منذ إعلان الدول الأربع (السعودية والإمارات والبحرين ومصر) حصار الدوحة، إلى تطوير استراتيجيتها التنموية وتعزيز خططها الهادفة إلى إيجاد أسواق وشراكات بديلة حفاظاً على استقرارها الاقتصادي.

وأكد الفاعلون الاقتصاديون أن خطوة إلغاء التأشيرات لهذا العدد الكبير من الدول بمختلف قارات العالم سيساهم في الإسراع بتحقيق توجهات قطر في تنويع اقتصادها وعدم الاعتماد على إيرادات الغاز والنفط فقط.

تدفق الاستثمارات
أوضح مستثمرون قطريون لـ "العربي الجديد" أن الاستثمارات الأجنبية سيزداد تدفقها على قطر في مجالات عديدة في ظل هذا الانفتاح وأبرزها الصناعة والسياحة والعقارات. وشدّدوا على أن الانفتاح القطري عبر خطوة إلغاء التأشيرات لنحو نصف دول العالم سيزيد من الثقة الدولية في الاقتصاد الوطني.

وكانت كل من وزارة الداخلية والهيئة العامة للسياحة والخطوط الجوية القطرية أعلنت، أول من أمس، أن قطر سوف تسمح لمواطني 80 دولة بالدخول إلى أراضيها من دون الحاجة لتأشيرة دخول. وقال الرئيس التنفيذي لمجموعة الخطوط الجوية، أكبر الباكر، إن الإجراء الجديد يضع قطر على رأس الدول المنفتحة للسياحة في المنطقة، ذلك أن عدد الجنسيات التي يحق لها الدخول إلى قطر من دون تأشيرة أصبح الآن الأعلى في المنطقة.

وفي هذا الإطار، أكد نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر، محمد بن طوار، لـ "العربي الجديد" أن فتح التأشيرات سيحقق إضافة للاقتصاد القطري في ظل التوجهات الجديدة لتنويع الشراكات الاستثمارية وإيجاد بدائل جيدة من أجل كسر الحصار الذي تفرضه عدد من الدول العربية.

وأوضح بن طوار أن الإجراءات الحكومية الأخيرة ستساهم في إنعاش العديد من القطاعات ومنها العقارات والسياحة والصناعة، مشيراً إلى أن القرار المتعلق بمنح الإقامات لذوي الكفاءات سيساهم في تطوير مختلف المجالات.

وأضاف أن القطاع السياحي سيكون من أبرز المستفيدين حيث ستتجه الأنظار إلى إقامة مشروعات فندقة تستوعب أعداد الزائرين المتوقع بعد التسهيلات التي قدمتها الدولة للزائرين، موضحاً أن الجذب السياحي سيحتاج أيضاً إلى منتجات متنوعة وتطوير البنية التحتية من طرق وطاقة وخدمات وكل ذلك سيساهم في زيادة النمو.

وشدّد على أن نشاط غرفة قطر خلال الشهرين الماضيين كان الأكثر على مدار تاريخ الغرفة، حيث كثّف القطاع الخاص من زياراته المتبادلة مع مختلف دول العالم، ونجح التجّار والمستوردون في فتح أسواق بديلة، بالإضافة إلى افتتاح خطوط ملاحية إلى العديد من دول العالم.
وأكد بن طوار أن التحركات الحكومية الأخيرة تصب نحو مزيد من الانفتاح الاقتصادي على العالم، وبالتالي توسيع التعاون مع مختلف الدول، بالإضافة إلى جذب رؤوس أموال جديدة ستعمل على تنشيط الأسواق ومختلف القطاعات، خلال الفترة المقبلة.

وكان مجلس الوزراء القطري قد وافق، بداية الشهر الجاري، على مشروع قانون منح بطاقة إقامة دائمة لغير القطريين، تُمنح بضوابط لثلاث فئات تشمل "أبناء المرأة القطرية المتزوجة من غير قطري، والأشخاص الذين أدّوا خدمات جليلة للدولة، وذوي الكفاءات الخاصة التي تحتاج إليها الدولة". وبالتالي سيتمكن هؤلاء من الحصول على الخدمات الحكومية مجاناً، وسيصبحون قادرين على تملُّك الأراضي وإدارة بعض الأعمال من دون الحاجة إلى شريك قطري، وذلك وفقاً لما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية في البلاد. وإذا جرى تطبيق ذلك، فستكون تلك القوانين غير مسبوقة في منطقة الخليج.

وجاءت هذه التطورات ضمن سلسلة من التدابير اتخذتها دولة قطر لتسهيل وصول الزوار إلى أراضيها، ففي الشهر الماضي، أطلقت قطر منصة للتأشيرة الإلكترونية تسمح للمسافرين من جميع الجنسيات بتقديم طلباتهم عبر هذه المنصة مباشرة للحصول على التأشيرة السياحية وتأشيرة الزيارة في ظل نظام أكثر كفاءة وشفافية.

كما يتم النظر حاليا في تطبيق المزيد من التسهيلات في سياسة التأشيرات، مثل إعفاء حاملي تصريح الإقامة أو التأشيرة السارية لدول مجلس التعاون الخليجي، وبريطانيا، وأميركا، وكندا، وأستراليا، ونيوزيلندا، أو بلدان اتفاقية شنغن.

قفزة صناعية
من جانبه قال رجل الأعمال القطري، عبد الهادي الشهواني، لـ "العربي الجديد" إن قطر اتجهت نحو مزيد من الاستقلالية لاقتصادها كرد فعل طبيعي على إجراءات الحصار غير القانونية التي اتبعتها دول خليجية جارة، مشيراً إلى أن البلاد عملت على العديد من الملفات، ومنها الاقتصادية بشكل سريع ومدروس من أجل تعويض التعاملات التجارية والاستثمارية مع الدول المحاصرة للدوحة.
وأضاف أن القطاع الصناعي سيكون من أكبر المستفيدين من الخطوات الانفتاحية الأخيرة، والتي ستساهم في تنشيط الأسواق والتركيز على القطاع الصناعي بعد فترات من عدم الاهتمام الكافي بالمشروعات الصغيرة والمتوسطة تحديداً.

وأوضح أنه بعد مرور أكثر من شهرين من الحصار كان القطاع الصناعي الأكثر جنياً للثمار حيث تم طرح مئات الفرص الاستثمارية الصناعية بالإضافة إلى التسهيلات التي قدمتها الحكومة لرجال الأعمال القطريين والأجانب، وتسهيلات الدخول عبر منح إقامات دائمة لذوي الكفاءات أو إلغاء تأشيرات الدخول للكثير من الدول.

ويتنافس 9349 مستثمراً، ثلثهم غير قطريين (من 52 دولة)، على 250 فرصة استثمارية في القطاع الصناعي، طُرحت ضمن مبادرة "امتلك مصنعاً في قطر خلال 72 ساعة"، حسب رئيس اللجنة التنسيقية لإدارة نظام النافذة الواحدة، التابعة لمكتب رئيس الوزراء، سلمان محمد كلداري، بداية الأسبوع الجاري.
وتشمل المبادرة ثمانية قطاعات رئيسية، هي الصناعات الغذائية، والصناعات الورقية، والصناعات الطبية، والصناعات الكيميائية، والصناعات الكهربائية، وصناعة الآلات والمركبات، وصناعة المطاط واللدائن، وصناعة المعادن.
وأشار كلداري إلى أن المبادرة جذبت الكثير من المستثمرين، وبلغت نسبة القطريين المسجلين للحصول على فرص استثمارية فيها قرابة 85%، وكان هناك أيضاً أكثر من 3 آلاف مستثمر من حوالى 52 دولة قدموا طلبات للحصول على فرص استثمارية بهذه المبادرة.

ترويج سياحي
توقّع خبراء سياحة انتعاش الفنادق خلال الفترة المقبلة، مؤكدين أن قطر تشهد طفرة كبيرة في بناء الفنادق والشقق الفندقية والمنتجعات السياحية عبر خطة متكاملة تشارك فيها العديد من المؤسسات الحكومية والقطاع الخاص.

وأوضح مدير شركة سياحة قطرية، محمد الملا، لـ"العربي الجديد" أن إلغاء التأشيرات سينعش القطاع السياحي الذي تأثر بالحصار، ولا سيما مع وقف رحلات العمرة وتعقيدات السعودية لإجراءات الحج، متوقعاً ضخ رؤوس أموال كبيرة في المشروعات السياحية.

وأضاف أن قطر ستكون جاذبة للسياحة العائلية والشاطئية بالإضافة إلى سياحة التسوق في ظل الطفرة الكبيرة في بناء المجمعات والأسواق التجارية، مطالباً الدولة بتقديم مزيد من الدعم لهذا القطاع الحيوي الذي تطور بشكل لافت خلال السنوات الأخيرة.

وتشير توقعات الهيئة العامة للسياحة في قطر إلى ارتفاع إجمالي مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي من 48.5 مليار ريال (13.3 مليار دولار) في 2015 إلى 81.2 مليار ريال (22.3 مليار دولار) بحلول العام 2026.

وتسعى قطر لاستثمار 45 مليار دولار في تطوير مشاريع جديدة في إطار الاستراتيجية الوطنية لقطاع السياحة 2030، منها 2.3 مليار دولار لتطوير المرافق الرياضية ومشاريع البنية التحتية والنقل المخصصة لبطولة كأس العالم لكرة القدم 2022.