الشركات الأميركية ترحب بتمرير الكونغرس للإصلاحات الضريبية ومخاوف من الانحياز للأغنياء

21 ديسمبر 2017
اتحاد العمال طالب بزيادة 4 آلاف دولار في المرتبات(Getty)
+ الخط -

رحبت الشركات الأميركية الكبرى بموافقة مجلس النواب الأميركي على مشروع الإصلاح الضريبي الذي قدمته إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب، وسط تحذيرات من المعارضة الديمقراطية وخبراء اقتصاد من أن القانون سيخدم الطبقة الثرية على حساب زيادة الدين العام.

وتعد التعديلات الضريبية التي وافق عليها الكونغرس الأميركي بمجلسيه (النواب والشيوخ) هي الأكبر التي تشهدها البلاد منذ عهد الرئيس الأسبق رونالد ريغان، الذي انتهت ولايته الثانية عام 1989.

وأرسل الكونغرس المشروع، للبيت الأبيض ليحصل على توقيع الرئيس الأميركي دونالد ترامب النهائي لإقراره، وسط احتفالات من ترامب وحزبه باجتياز المشروع تمهيداً لتطبيقه.

وغرد ترامب كعادته بعد موافقة مجلس النواب مهنئاً السيناتور ميتش ماكونيل، زعيم الأغلبية بالمجلس "على عمله الرائع، استراتيجياً وسياسياً، بالحصول على موافقة المجلس على الإصلاحات"، وقال "لم أكن أتمنى شريكاً أكثر موهبة. سيحقق فريقنا انتصارات أخرى".

وجاءت موافقة مجلس النواب، أمس الأربعاء، بعد ساعات قليلة بعد موافقة مجلس الشيوخ عليه، لكن قد يضطر ترامب لتأجيل التوقيع عليه إلى شهر يناير/كانون الثاني، حتى لا يؤثر انخفاض الإيرادات الضريبية في 2018 على عجز الموازنة المقدر بحوالي 563 مليار دولار قبل إقرار القانون. وفي حالة التوقيع الشهر المقبل، يتأجل انخفاض الإيرادات الضريبية إلى 2019.

وتحرم التعديلات الضريبية في القانون الجديد الحكومة الأميركية مما يقرب من 1.5 تريليون دولار على مدار السنوات العشر القادمة.

مكاسب للشركات والأثرياء

ويخفض القانون الحد الأقصى للضرائب على أرباح الشركات من 35% إلى 21%، كما يعيد هيكلة الضرائب على دخول الأفراد، بما يسمح بتخفيضها، وزيادة الإعفاءات في حالات كثيرة، وهو ما يُتوقع أن يخفض الضرائب التي تدفعها الأغلبية العظمى من الأسر الأميركية في 2018، لكن الديمقراطيين يرون أن المستفيد الأكبر من تلك الإصلاحات هم الأثرياء، حيث أن الكثير من الإعفاءات الضريبية الجديدة للطبقة الوسطى تنقضي بنهاية عام 2025، مما يزيد من العبء على تلك الطبقة.

ويقول الجمهوريون إن التخفيضات الضريبية للشركات ستساعد على زيادة التوظيف ورفع الأجور، وفي مناسبات عديدة سابقة، أكد ترامب وفريقه أن الطبقة المتوسطة ستستفيد من قانون الإصلاح الضريبي.

ويتوقع البيت الأبيض أن يبدأ أغلب الأميركيين في ملاحظة الزيادة في رواتبهم اعتباراً من شهر فبراير/شباط، أي بمجرد انتهاء أصحاب الشركات من احتساب الضرائب بعد بدء سريان القانون. وسيقدم الجميع إقراراتهم الضريبية عن العام المنتهي في إبريل/نيسان القادم وفقاً للنظام القديم.

وستسمح التعديلات الضريبية بإعادة الكثير من أموال الشركات الأميركية إلى البلاد بعد تخفيض الضرائب المفروضة عليها، وأعلنت بعض الشركات عزمها استخدام نسبة كبيرة من هذه النقدية في إعادة شراء أسهمها، وهو ما يمثل استفادة كبيرة لحاملي الأسهم، بينما أعلنت شركات أخرى خططاً للتوسع وتعيين المزيد من العمال.

وتعد التعديلات الضريبية نعمة كبيرة لشركات التكنولوجيا العملاقة، وبصفة خاصة الخمس الكبريات، آبل وأمازون ومايكروسوفت وفيسبوك وألفابت (الشركة الأم لغوغل)، حيث ستجني تلك الشركات أرباحاً كثيرة من جراء التعديلات الضريبية. فهذه الشركات لديها عمليات ضخمة وتحقق أرباحاً وفيرة من عملياتها خارج الولايات المتحدة، وتمتلك ثلاثة منها، آبل ومايكروسوفت وألفابت نقداً خارج البلاد يقدر بحوالي 500 مليار دولار.

وتفرض التعديلات الضريبية عليها ضريبة لمرة واحدة بمعدل 15.5%، ثم تصبح 10.5% على أي أرباح خارجية يتم تحقيقها بعد ذلك.

ويقول جبريل زقمان، الذي يدرس "الضرائب وعدم المساواة" في جامعة كاليفورنيا، أن "هذا الرقم (10.5%) يقل كثيراً عن معدل الـ21% الذي يدفعه المنافسون من الشركات حديثة الإنشاء التي يكون الشق الأعظم من أعمالها داخل الولايات المتحدة الأميركية، وهو ما يؤدي إلى عدم التكافؤ في الفرص، وبالتالي يقلل الإبداع". ورفضت آبل وغوغل ومايكروسوفت التعليق على تأثير التعديلات الضريبية على أرباحهم.

حوافز للموظفين

وأعلنت شركة إيه تي آند تي نيتها صرف ألف دولار حوافز خاصة لحوالي مئتي ألف عامل من موظفيها من غير المديرين، وأعلنت نيتها استثمار مليار دولار داخل الولايات المتحدة، فور توقيع ترامب على القانون الجديد. وقال رئيس الشركة إن "هذه الإصلاحات الضريبية ستؤدي إلى نمو الاقتصاد، وتخلق وظائف ذات دخول مرتفعة. سنزيد استثماراتنا ونصرف حوافز للعاملين".

وأعلنت شركات وبنوك أخرى، مثل فيفث ثيرد بنكورب، وويلس فارغو، وبوينغ نيتها تمرير التخفيضات الضريبية لموظفيها، عن طريق صرف حوافز إضافية لعدد كبير من الموظفين، بالإضافة إلى رفع الحد الأدنى للأجر لديها.

وأعلنت شركة كومكاست، التي تسيطر على سوق الاتصالات وخدمات الإنترنت في الولايات المتحدة، أمس، نيتها صرف حوافز استثنائية تقدر بألف دولار لحوالي مائة ألف من صغار موظفيها.

وقالت الشركة إنها تتوقع إنفاق ما لا يقل عن 50 مليار دولار خلال السنوات الخمس القادمة على البنية التحتية لمشروعاتها. وأضافت الشركة في بيان لها "مع هذه الاستثمارات، نتوقع إضافة مئات من الوظائف المباشرة وغير المباشرة".

لكن اتحاد عمال الاتصالات في الولايات المتحدة، طلب أن يضمن أصحاب الأعمال لموظفيهم الحصول على الأربعة آلاف دولار التي أكد أعضاء الحزب الجمهوري تحقيقها سنوياً حال إقرار القانون الجديد.

ضرائب على الجامعات

وبالنسبة للمؤسسات غير الهادفة للربح، تفرض التعديلات ضرائب مستحدثة على الرواتب العليا للعاملين بها. وسوف تعاني الجامعات الأميركية غير الهادفة للربح من ارتفاع تكلفة مديري ومدربي بعض الرياضات، وعلى سبيل المثال، ستتحمل جامعة ألاباما ما لا يقل عن 1.2 مليون دولار إضافية، تمثل الضرائب التي تتحملها الجامعة عن مدرب فريق كرة القدم بالجامعة نيك سابان في عام 2018.

كما ستعاني تلك المؤسسات من إلغاء الإعفاءات الضريبية التي كانت تطبق على التبرعات المقدمة للأنشطة الترفيهية فيها. كما ستعاني تلك المؤسسات من تغيير المعاملة الضريبية لأرباحها من أنشطتها غير الأساسية. ويقول توم ماكميلان، عضو الكونغرس السابق، وممثل المديرين الرياضيين في الجامعات، إن "هذه التعديلات ستكلف الجامعات مئات الملايين من الدولارات كل عام".

أما بالنسبة للميلينيالز Millennials، وهو اللقب الذي يطلق على الجيل الذي ولد في الفترة بين أوائل الثمانينيات ومنتصف التسعينيات، فستكون هناك استفادات كبيرة مع التعديلات الجديدة. فهذا الجيل، ووفقاً لإحصاءات مكتب العمل، يحصل على دخل سنوي يقدر بحوالي 40.456 دولاراً، وهو ما يعني أن معدل الضرائب المستحق على دخولهم سينخفض من 25% إلى 22%، كما ستتضاعف بعض الإعفاءات الضريبية الأساسية الخاصة بهم.

ولما كانت نسبة كبيرة من هذا الجيل لديها أطفال، فسيكون من حقهم إعفاءات ضريبية إضافية. كما سيحصل 145 ألفا منهم على إعفاء من المصاريف الجامعية، كونهم يُدَرِّسون في الجامعات، أو يدرسون للحصول على درجات الماجستير أو الدكتوراه، وفقاً لاتفاق خاص مع جامعاتهم. كما بقيت مزايا كثيرة تمتع بها هؤلاء في القانون القديم.

لكن الانتقاد الأكبر الذي وجهه الديمقراطيون إلى التعديلات الجديدة كان في اتجاه رفضهم التخفيضات التي يتعين إجراؤها على برنامج الرعاية الصحية – أوباما كير – لتقليل العجز الذي سيسببه القانون الجديد. وخاطبت كامالا هاريس، عضو مجلس النواب عن ولاية كاليفورنيا، والنائب العام السابق في الولاية، أعضاء الكونغرس من على حسابها على تويتر قائلة "قلتها سابقاً، وسأقولها مجدداً، لو أعطيت صوتك لفقدان المواطن لبرامج الرعاية الصحية من أجل تمويل تخفيض ضريبي تحصل عليه فئة الواحد بالمائة الأغنى، فأنت تستحق أن تفقد وظيفتك".


المساهمون