لعبة القط والفأر

28 مايو 2015
اليونان تعيش أياماً عصيبة (أرشيف/Getty)
+ الخط -
لم يعد السؤال المطروح في كل أسواق العالم حالياً هو: متى ستوقع الدولة الاتفاق التاريخي الذي يمكنها من حل أزمتها المالية المستعصية، ولكن بات: هل حقاً ستوقع الاتفاق الذي تترقبه كل الدول خاصة منطقة اليورو، وهل لا يزال لدى هذه الدولة أي مجال للمراوغة وأوراق الضغط لإجبار الدائنين الدوليين أو حتى إقناعهم بالتوقيع على اتفاق يفتح الباب أمام حصولها على قروض جديدة بمليارات الدولارات تمكّنها من سداد الديون العاجلة المستحقة عليها، أم أن الدائنين هم من يمتلكون كل أوراق الضغط بما فيها وضعها في بداية طريق الانهيار المالي ثم جرفها نحو الإفلاس المدوي والسريع؟

بالطبع، لا أقصد بالدولة هنا إيران ومفاوضاتها الجارية مع القوى الكبرى بخصوص اتفاق ملفها النووي، لكن أقصد بها اليونان المتعثرة التي باتت حديث كل دول العالم في الفترة الأخيرة، في ظل لعبة القط والفأر التي تمارسها حكومة أثينا مع كبار الدائنين، وفي مقدمتهم المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي.

الوقت بالطبع بدأ ينفد، وعقارب الساعة ليست في صالح أحد، فاليونان باتت عملياً على شفا الانهيار المالي، مع نفاد السيولة المالية في خزائنها إن كانت هناك سيولة، وإقرار مسؤولين في أثينا ولأول مرة بأن الحكومة ربما تقف عاجزة ليس فقط عن سداد الديون الخارجية، ولكن عن صرف رواتب وأجور الموظفين خلال الشهر المقبل.

وفي المقابل، فإن الدائنين يتمسكون بمطالبهم وفي مقدمتها تطبيق أثينا خطة تقشف وإصلاحات اقتصادية قبل منحها أي قروض جديدة، أو الموافقة علي تأجيل سداد القروض القائمة، ولذا لم يبد هؤلاء مرونة خلال المباحثات التي بدأت قبل أربعة أشهر.

ومع قرب نفاد الوقت، يحاول كل طرف استعراض عضلاته، حتى وإن كانت وهمية كما هو حال حكومة أثينا، أو على الأقل إظهار مواطن القوة بهدف الضغط على أعصاب الآخر وانتزاع ثمار اللحظات الأخيرة، فالدائنون يدركون أنه بدون توافر قروضهم لن تتمكن أثينا من سداد ديون صندوق النقد التي يحل موعدها نهاية الأسبوع القادم والبالغة قيمتها 1.6 مليار يورو.

والدائنون يدركون أيضا أنه بدون قروضهم ستنجرف اليونان سريعاً نحو الهاوية والإفلاس والخروج من منطقة اليورو.

واليونان تشعر أن لديها هي أيضاً نقاط قوة، منها استغلال حالة الرعب التي تسود أسواق العالم من انهيارها وتخوف المستثمرين، خاصة في منطقة اليورو، من تعرضهم لخسائر فادحة وأن يؤدي الإنهيار إلي الحاق خسائر بهم، في حال إفلاس أثينا وعدم حصول الدائنين على أموالهم التي تزيد على 270 مليار دولار.

السؤال من يتحمل أكثر في المعركة الصفرية الحالية..اليونان أم الدائنين؟
المساهمون