مصر تواصل خفض عملتها رغم الحديث عن قروض خارجية

19 أكتوبر 2015
توقعات بارتفاع أسعار السلع بعد خفض الجنيه (أرشيف/فرانس برس)
+ الخط -


خفض البنك المركزي المصري أمس سعر صرف الجنيه بمقدار 10 قروش، للمرة الثانية رسمياً خلال أربعة أيام فقط، ليصل سعر الدولار في المصارف إلى 8.03 جنيهات مقابل 7.93 جنيهات نهاية الأسبوع الماضي، في حين قفزت الورقة الخضراء إلى 8.40 جنيهات بالسوق الموازية، حسب إفادات أصحاب شركات صرافة لـ"العربي الجديد".

وكان البنك المركزي قد سمح، في يناير/ كانون الثاني الماضي، بهبوط سعر الجنيه أمام الدولار إلى مستوى 7.53 بعد أن ثبته لما يزيد على ستة أشهر عند مستوى 7.14 جنيهات، ثم قام بتخفيضه أكثر من مرة خلال التسعة أشهر الماضية أخرها الخميس الماضي.

ويأتي خفض سعر صرف الجنيه في إطار التزامات الحكومة بخطط الإصلاح الاقتصادي مع صندوق النقد الدولي، فضلا عن رغبة "المركزي" في الحفاظ على الاحتياطي الأجنبي لديه، حسب مسؤول مصرفي في البنك الأهلي الحكومي في تصريحات لـ"العربي الجديد".

وكان الاحتياطي النقدي قد تراجع إلى 16.3 مليار دولار خلال سبتمبر/ أيلول الماضي فاقداً 1.7 مليار دولار في شهر واحد و3.7 مليار دولار في 3 شهور.

وتتفاوض الحكومة المصرية مع البنك الدولي للحصول على 3 مليارات دولار، منها مليار دولار بصفة عاجلة، قبل نهاية العام الجاري، على أن تحصل على ملياري دولار خلال العامين المقبلين، وذلك لمواجهة الأزمة المالية الخانقة التي تواجه البلاد ودعم عجز الموازنة.

ويرجع التراجع في الاحتياطي النقدي إلى عدم وجود سياسة مالية تسير جنبا إلى جنب مع سياسات البنك المركزي المصري، بالإضافة إلى تراجع مصادر النقد الأجنبي، حسب المسؤول، الذي رفض ذكر اسمه.

وأضاف أن هناك تراجعاً كبيراً في قيمة الصادرات غير البترولية خلال الثمانية أشهر الأولى من العام الجاري 19% مقابل الفترة نفسها من العام الماضي.

وحسب بيانات صادرة عن هيئة قناة السويس، الأسبوع الماضي، تراجعت إيرادات القناة 9.4% خلال شهر أغسطس/ آب الماضي، مقارنة مع الفترة نفسها من العام الماضي.

وطبقاً للأرقام، فإن "إيرادات قناة السويس بلغت خلال أغسطس الماضي 462 مليون دولار، مقارنة مع 510 ملايين دولار خلال الفترة نفسها من العام الماضي". كما تراجعت إيرادات السياحة بشكل كبير بسبب تفاقم الاضطرابات الأمنية.

وسيؤدي قرار المركزي إلى مواصلة ارتفاع أسعار الدولار في السوق السوداء، ولا سيما في ظل نقصه بالأسواق، وفقاً لأصحاب شركات صرافة تحدثوا لـ"العربي الجديد".

وقال نائب رئيس شعبة الصرافة بالاتحاد المصري للغرف التجارية، بلال خليل، لـ"العربي الجديد"، إن خفض الجنيه سيساهم في اختفاء الدولار نهائيا من السوق، وتجاوزه حاجز 8.5 مقابل الجنيه سيكون البداية، على أن يصل قرب 9 جنيهات بنهاية الأسبوع.

وأضاف أن هناك ضغوطا كبيرة في الطلب على الدولار مقابل العرض الذي لا يتوافر في الوقت الحالي، بعد قرار المركزي الخميس الماضي.

وأكد مسؤول في شركة صرافة، محمد رضوان، أن هناك غياباً تاماً للمعروض من الدولار في السوق. وأضاف أنه على الرغم من الارتفاع السريع في سعر الدولار في السوق الموازي وتجاوزه حاجز 8.30 مقابل الجنيه، إلا أنه يتوقع تراجعه.

وحول تداعيات خفض الجنيه، قال الخبير المصرفي أحمد آدم، إن رفع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه سيعمل على زيادة كلفة الواردات لمصر والتي تتجاوز 60 مليار دولار سنويا.

اقرأ أيضاً: الدولار يقفز إلى 8.25 جنيهات بالسوق السوداء في مصر

وأضاف "الحكومة الحالية تلعب على أمل تحوّل المستوردين إلى منتجين، بما يعمل على استقرار الدولار خلال الفترة المقبلة".

وفي المقابل، يرى محللون أن السماح بنزول سعر الجنيه قد يؤدي إلى تعزيز الصادرات وجذب مزيد من الاستثمارات.

وفي هذا السياق، قال مسؤول في البنك الدولي بإدارة السياسات الكلية بشمال أفريقيا والشرق الأوسط، لـ"العربي الجديد"، إن خفض الجنيه يصب في صالح الاقتصاد المصري في إطار سياسة القضاء على سعرين للصرف للدولار.

وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، أن خفض قيمة الجنيه ستعمل على جذب الاستثمارات الأجنبية لمصر، حيث إن سعر الجنيه الحالي أكبر من قيمته الحقيقية، ما يجعل المستثمر الأجنبي يتخوّف من ضخ رؤوس أموال في مصر.

وبلغت الاستثمارات الأجنبية التي جذبتها مصر خلال العام المالي الماضي 6.4 مليارات دولار مقابل 4.1 مليارات دولار خلال العام الأسبق. ويبدأ العام المالي بمصر من يوليو/ تموز وحتى نهاية يونيو/ حزيران.

وكانت وزيرة التعاون الدولي سحر نصر قد ذكرت في تصريحات صحافية، أن مصر تتفاوض على قرض بقيمة 3 مليارات دولار من البنك الدولي، إلى جانب تفاوضها مع بنك التنمية الأفريقي للحصول على قرض بقيمة 1.5 مليار دولار.

وقال المسؤول في البنك الدولي "سبق أن تم تحذير مصر من التوسع في المشروعات العملاقة في ظل أزمة انخفاض الاحتياطي النقدي الأجنبي لديها، وهو ما لم تستجب له".

وكان محافظ البنك المركزي هشام رامز، أكد في مداخلة تلفزيونية، مساء أول أمس، أن الاحتياطي النقدي انخفض بسبب مشروع قناة السويس الجديدة واستنزافه لموارد النقد الأجنبي، بالإضافة إلى سداد حصة الشريك الأجنبي لشركات البترول الأجنبية.

وأضاف أن مصر ليست لديها أزمة اقتصادية، ولكن تواجه تحديات كبيرة يعمل الجميع على حلها. وعن ارتفاع سعر الدولار إلى 9 جنيهات، قال رامز: "هذه الأخبار "الكاذبة" لا تستحق الرد عليها".

وأشار إلى أنه تم سداد جميع الالتزامات الخارجية، رغم الضغوط التي تواجه مصر، قائلاً: "البلد يخضع لعملية إعادة بناء، ويلزم علينا أن نقوم بترشيد الإنفاق".

وحذر صندوق النقد الدولي الحكومة، في وقت سابق من العام الجاري، من التوسع في المشروعات العملاقة في ظل الظروف الاقتصادية التي تعانيها مصر.

وطرحت الحكومة المصرية شهادات استثمار بعائد 12% لحفر التفريعة الجديدة لقناة السويس وجمعت 64 مليار جنيه.

من جانبه، قال رئيس شعبة المستوردين في الاتحاد المصري للغرف التجارية، أحمد شيحة، لـ"العربي الجديد"، إن قرار خفض الجنيه غير مدروس وسيعمل على المزيد من اشتعال الأسعار خاصة في المواد الغذائية.


اقرأ أيضاً: الجنيه المصري يهوي بالسوق السوداء..ومخاوف من قفزة في الأسعار

المساهمون