بلاغات للإنتربول ضد عصابات في مالطا وقبرص تهرب وقود ليبيا

18 سبتمبر 2017
تفاقم أزمة الوقود في ليبيا (Getty)
+ الخط -

تفاقمت ظاهرة تهريب الوقود في ليبيا، ما دفع السلطات إلى التحرك على المستوى الدولي لوقف عمليات السطو على هذه السلعة الاستراتيجية في خطوة تستهدف الحد من أزمة وقود طاحنة يعاني منها الليبيون.

وقال رئيس مكتب التحقيقات بمكتب النائب العام الليبي، الصديق الصور، في تصريحات لـ "العربي الجديد" إن النيابة أبلغت الإنتربول للقبض على مجموعة من الأشخاص المتورطين في تهريب المحروقات عبر البحر، مشيراً إلى أن معظم أصحاب السفن التي تستولي على طاقة ليبيا موجودون في مالطا وقبرص.

وأضاف الصور أن النيابة العامة تسعى لوضع حارس قضائي على بعض شركات توزيع المحروقات، بالإضافة إلى العمل على تعيين حارس على شركة خدمات الطرق السريعة من أجل القضاء على التهريب.

وأوضح مدير مكتب التحقيقات بمكتب النائب العام أن معدلات استهلاك ليبيا من المحروقات يرجح أن يرتفع من 2.5 مليون طن عام 2011 إلى 9 ملايين طن عام 2017.

اختفاء السائقين

وقال رئيس جمعية نقل النفط ومشتقاته بمصراته، نوري المنقوش، لـ "العربي الجديد" إن

عمليات السطو على الوقود المدعّم زادت خلال العام الجاري 2017 ولا سيما خلال الشهرين الماضيين.

وأضاف أن كل أسبوع تحدث حالة اختطاف على الأقل لسائق شاحنة نقل وقود، مشيراً إلى أن بعض السائقين انقطعت أخباره.

وحسب النقوش فإن عمليات السطو المسلح على سيارات الوقود تتزايد بشكل متسارع، إذ أنه في الماضي كانت تتم عملية سطو كل ثلاثة أو أربعة أشهر، أما الآن أصبحت عمليات السطو متكررة على فترات زمنية متقاربة جدا.

وتابع أن سائقي الشاحنات متخوفون من الطرق التي يسلكونها، لذلك رفض البعض ممارسة عمله، ما تسبب في نقص كميات الوقود المخصصة للمنطقة الجنوبية تحديداً، مؤكداً أن جمعية نقل النفط ومشتقاته بمصراته خاطبت جميع الجهات المسؤولة، وعلى رأسها المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني بشأن توفير حماية لسائقي سيارات نقل الوقود من السطو عليها.
ودعا رئيس جمعية نقل النفط ومشتقاته بمصراته إلى ضرورة تأمين الطريق، مشيدا بمساعي السكان وعمداء البلديات لتوفير حماية لنقل المحروقات بالجنوب.

وتفاقمت الاضطرابات الأمنية في ليبيا ما أثر سلبا على مختلف القطاعات، ومنها القطاع النفطي الذي يعد المصدر الرئيسي للدخل حيث يوفر نحو 95% من إيرادات الموازنة، حسب تقارير رسمية. كما ساهمت الاضطرابات في تفاقم عمليات التهريب للسلع المدعّمة وأبرزها الوقود.

بطاقات ذكية

من جانبه، يدرس المجلس الرئاسي مشروع يقضي بإصدار بطاقات ذكية لتوزيع المشتقات

النفطية بحيث تصل إلى المواطن بشكل مباشر، وذلك في إطار اهتمامها بوصول دعم الوقود إلى مستحقيه والقضاء على ظاهرة التهريب.

كما يسعى المجلس إلى بناء قاعدة بيانات لتحديد فئات المستهلكين بدقة حيث يتوقع توفير 800 مليون دينار (الدولار = 1.4 دينار) سنوياً من تكاليف الدعم عبر تقليص عمليات التهريب، وذلك بعد وضع حدود قصوى لاستهلاك الوقود المدعوم.

وأكدت بيانات رسمية أن لتر البنزين يكلّف الدولة نحو 1.25 دينار (نحو دولار) بينما يباع بنحو 20 قرشا (16 سنتا) وتصرف ليبيا سنوياً تسعة مليارات دينار لدعم المحروقات، وبلغ استهلاك الفرد في ليبيا 22.3 لتر بنزين للسيارات يومياً في 2013، بينما في دول نفطية أفريقية مشابهة أقل بكثير، حيث يبلغ معدل استهلاك الفرد في الجزائر 3.3 لترات يوميا ونيجيريا 2.5 لتر يومياً.

وفي جولة لـ "العربي الجديد" بمدينة زاورة المتاخمة للحدود الغربية لليبيا مع تونس تصطف الطوابير الطويلة للسيارات للتزود من البنزين وبيعه إلى منطقة بن قردان والحصول على فرق العملة.

وقال المواطن علي غواز لـ "العربي الجديد" إنه يقوم كل يوم بتعبئة سيارته بالبنزين ويدخل تونس ويبيعها بسعر أكبر، مستفيداً من فارق السعر بسبب الدعم الحكومي للوقود في ليبيا.

وأضاف غواز أنه يدخل ويخرج عبر الحدود بدون أي مشكلة بسب معارفه الموجودة هناك. وتابع أنه يلجأ لبيع الوقود المدعّم لعدم كفاية دخله في ظل تزايد الأعباء المعيشية.

ووصلت تكلفة دعم الوقود في ليبيا إلى 8.5% من الناتج المحلي الإجمإلى في عام 2011. ووفق بيانات وكالة الطاقة الدولية، يبلغ استهلاك ليبيا من المنتجات النفطية حوالى 76.6 مليون برميل في السنة. ولم يكن دعم استهلاك الطاقة في ليبيا يتجاوز 300 مليون دينار سنوياً حتى نهاية عام 2004، حين كان سعر النفط يتراوح بين 22 و28 دولاراً للبرميل، وكان يتركز في دعم بنزين السيارات.

طوابير البنزين

وتمتد طوابير طويلة أمام محطات الوقود في العاصمة الليبية طرابلس، رغم طمأنة الحكومة

المتكررة بأن كميات الوقود المخزنة لدى شركة البريقة تكفي المستهلكين حتى نهاية العام الجاري. إلا أن مواطنين قالوا لـ "العربي الجديد" إنه لا ثقة في بيانات الحكومة، حيث إن الأزمة تتفاقم دون أي تدخل حكومي.

وأضافوا أن هناك مناطق مجاورة لطرابلس لا توجد بها قطرة بنزين منذ شهرين، كما أكد سكان محليون من جنوب ليبيا أن هناك نقصا في المحروقات بمناطقهم، حيت وصل سعر 20 لتر بنزين إلى نحو 50 دينارا في السوق السوداء، بينما يبلغ سعرها في محطات الوقود 4 دنانير فقط، مؤكدين أن مشاكل السطو المتكررة على نواقل المحروقات ساهمت في تفاقم الأزمة.

وقال الناطق الرسمي باسم شركة البريقة لتسويق النفط فتحي الهاشمي، لـ "العربي الجديد" إن هناك ناقلة مزودة بالبنزين في ميناء طرابلس وناقلة أخرى سوف تدخل للميناء حمولتها 35 مليون لتر.

وأكد الهاشمي أن كميات ضخمة يتم ضخها لمحطات الوقود بمدينة طرابلس والمناطق المجاورة منذ أول من أمس، حيث تجاوزت كميات الوقود التي تم ضخها من مستودع طرابلس النفطي وناقلة الوقود أنوار النصر الراسية بميناء طرابلس البحري إلى أكثر من 13.5 مليون لتر خلال يومين. وأوضح أن الشركة تقوم بتوزيع كميات الوقود بشكل يومي، وهناك محطات وقود مقفلة نظير انقطاع التيار الكهربائي فقط، حسب قوله.

وحول مسألة نقص الوقود بالجنوب الليبي أكد الناطق الرسمي باسم شركة البريقة أن هناك عمليات سطو لنحو 250 ألف لتر من البنزين، خلال الفترة الأخيرة، ولذلك ناشدنا عمداء البلديات بتلك المنطقة لتوفير الحماية الكاملة للناقلات حتى يتسنى وصول الكميات للمنطقة. ويوزَّع الوقود في طرابلس، عبر 4 شركات: "الراحلة" و"الشرارة الذهبية" و"خدمات الطرق السريعة" و"ليبيا للنفط"، التي استُحدثت مطلع 2007.

مشاكل فنية

وفي السياق ذاته أوضح مدير منطقة طرابلس لشركة ليبيا للنفط علي عبدالله، لـ "العربي الجديد" أن هناك مشاكل فنية وراء تأخر ناقلات الوقود من الميناء إلى محطات الوقود، مشيراً إلى أن الشركة لديها 38 محطة وقود بطرابلس تعمل حالياً. وأكد على وجود عدد كبير من الرحلات اليومية لشركته للتزود بالوقود المدعّم.

وكان ديوان المحاسبة الليبي (أعلى سلطة رقابة) قال في تقرير صدر الشهر الماضي إن ليبيا صرفت خلال الخمس سنوات الماضية 30 مليار دولار كدعم للمحروقات منها 80% مستورد من الخارج و20% مصنع محلياً. وأوضح الديوان، أن ليبيا تعتبر أرخص دول العالم في سعر البنزين الذي يُهرَّب إلى دول مجاورة، وأن قيمة الدعم للأسر الليبية وصلت إلى 3 آلاف دولار سنوياً عام 2016، بينما كانت 7 آلاف دولار عام 2014.

ونبه إلى أن معظم الأسر الليبية لم تتحصل على هذا الدعم، لافتاً إلى أن الإجراءات التي اتخذت بشأن تقنين الدعم وإجراءات التقشف التي أعلن عنها مصرف ليبيا المركزي خفضت فاتورة الدعم من 9 مليارات دولار في 2014 إلى 4 مليارات دولار في 2016.

وأكد الديوان أن 30% من قيمة الدعم تُهرب ودعا إلى ضرورة إعادة تقييم الدعم وفقاً للبطاقات الإلكترونية ومعرفة مستحقيه، حيث إن دعم المحروقات يستفيد منه الغني أكثر من الفقراء، حسب التقرير.

المساهمون